رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 16 فبراير، 2015 0 تعليق

القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية – إنما يؤمر بالانتظار إذا كان مفيداً

نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع؛ الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية.

إنما يؤمر بالانتظار إذا كان مفيداً(1)، فلا يُطلَب من أحد الانتظار إلا إذا طمع في وجود المقصود، أما إذا كان لا يُرْجى غالباً، ولا طَمعَ في وجوده وحضوره، فلا فائدة من الانتظار.

     ولهذا قال السرخسي في المبسوط في باب التيمم: «ينتظر من لا يجد الماء آخر الوقت ثم يتيمم صعيدا طيبا وهذا إذا كان على طمع من وجود الماء، فإن كان لا يرجو ذلك لا يؤخر الصلاة عن وقتها المعهود; لأن الانتظار إنما يؤمر به إذا كان مفيدا، فإذا كان على طمع فالانتظار مفيد لعله يجد الماء فيؤدي الصلاة بأكمل الطهارتين، وإذا لم يكن على طمع من الماء فلا فائدة في الانتظار فلا يشتغل به».

     فلا تُضيع أوقات المسلمين بانتظار ما ليس بمأمول، ولا يطلب من أحد الانتظار بلا جدوى؛ لأن من الأخلاق والصدق مع أصحاب الحاجات ألا تُهان كرامتهم بالانتظار الطويل، ثم الرجوع «بخفي حنين»!!

     وصدق الوعد صفة محمودة، وهذه الصفة مما جاء الشرع بالحث على التخلق بها؛ فالتزام المواعيد سمت سائر الأنبياء، والصالحين، وقد حذر النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - أمته من خلف المواعيد، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان»، ولما كانت هذه صفات المنافقين، كان التلبس بضدها من صفات المؤمنين.

ومن التطبيقات العملية لهذه القاعدة:

- لا يُشقُ على أصحاب الحاجات في النوازل والكوارث انتظار المساعدات لساعات طويلة بلا جدوى، والمؤسسة الإغاثية على علم مسبق أن وصول المساعدات في ذلك اليوم غير يقيني، وإن وصلت فإن توزيعها لا يكون إلا في اليوم التالي.

- وصرف المخصصات الشهرية لكفالات الأيتام والأرامل، لا يكون بعد طول وقوف وانتظار، فينبغي أن تحدد أيام الصرف، وتُرتب أسماؤهم حسب الأيام والساعات، فلا يؤمر بالانتظار إذا كان مفيداً.

- من حسن التدبير والتقدير في المؤسسات الخيرية والوقفية  ألا تعد بما قد تعجز به عن الوفاء، والذي يؤدي إلى زعزعة ثقة المجتمع - من متبرعين ومستفيدين - في تلك المؤسسة.

- وفي حال طلب متبرع من مؤسسة خيرية تنفيذ مشروع وقفي له في حياته وقبل مماته، فيُعمل على تحقيق مقصده، ويتعجل في تنفيذه ما أمكن بشروطه الصحيحة، ولا يطلب إليه الانتظار الطويل، لحين الحصول على مشروع أفضل إن كان المشروع المقترح جيداً.

- ولا يؤخر القائمون على المؤسسات الخيرية والوقفية صرف المبالغ المرصودة في حسابات مؤسساتهم، لحين توفر البيئة المثالية للصرف، أو لإعطاء الأكثر حاجة إن لم تكن كشوفهم وأماكنهم متاحة في زمن الصرف.

- ويؤمر بانتظار تنفيذ المشروع لحين الانتهاء من تسجيل الأرض وتثبيتها عند الجهات الرسمية بوصفها وقفا، حتى لا ندخل المشروع الوقفي في مشكلات مستقبلية كمطالبات الورثة وما إلى ذلك.

- ولا يشرع في بناء أدوار إضافية لمشروع وقفي، وما زالت الرخص الرسمية للسماح بالإضافة لم تتم بعد، أو أن قضيته منظورة في المحاكم ولم يصدر به حكم نهائي ( التمييز).

- وكذلك إن كانت أسعار العملة في الدولة التي سنحول إليها مبالغ المشروع أصابها انخفاض حاد، ومتوقع ارتفاعها خلال أيام أو أسابيع، فهنا يؤمر بالانتظار لمصلحة المشروع وحفظاً لأموال المتبرع.

الهوامش

1- المبسوط ( 1/106) 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك