رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 15 أكتوبر، 2024 0 تعليق

القواعد الأصولية والفقهية المنظِّمة للعمل الخيري – قواعد التفاضل في برامج العمل الخيري

تتضمّن هذه الحلقات تعريفًا مختصرًا بعلم القواعد الفقهية وعلاقته بغيره من علوم الفقه، وتنويهًا بأهميّته، كما يتضمّن تقرير أهميّة التأصيل الشرعيّ لمؤسسات العمل الخيري، في مجالاتها الإداريّة والعملية وأعمالها الميدانية، لا في أرضيّة العمل الخيريّ النظريّة العلميّة فقط، كما تتضمّن سردًا وشرحًا لأهمّ القواعد الفقهيّة التي يتّسع مجال تطبيقها، وتكثر الأنواع المندرجة تحتها في مجال الأعمال الخيرية، واليوم نتحدث عن قواعد التفاضل في برامج العمل الخيري.

7- إذا تعارض الإعطاء والحرمان قُدِّم الإعطاء

  • إذا وُجِد سبب يقتضي الإعطاء وآخر يقتضي المنع، ولم يوجد مرجِّح بينهما، قُدِّم الإعطاء على الحرمان.
ومن أنواع العمل بهذه القاعدة: لفظ الواقف أو المتبرّع تبرّعاً مشروطاً، إذا وُجد في كلامه ما يُعارضُ بعضُه بعضاً، وظهر فيه ما يقتضي منعَ إنسانٍ وما يقتضي إعطاءَه في آنٍ، ولم يمكّن التحقُّق من إرادته والوقوف على مقصده بمرجّح يصلح للعمل، فالإعطاء مقدّمٌ على المنع حينها. ووجه تقديم الإعطاء على المنع هو أنّ الواقف أو المتبرّع نجزمُ بقصدٍ عامٍّ له، وهو أنّه يقصد تكثير الخير، وتعميم الإعطاء، وتوسيع دائرة البذل، فإذا عمي علينا الوقوف على قصده المخصوص في صورةٍ مخصوصة، طرحنا الدّليلين المتعارضين في خصوص تلك الصورة، وأعملنا مقصده العامّ المعروف الظاهر لكلّ أحد.

8- الإحسان إلى الأبرار أفضل من الإحسان إلى الفجار

  • هذا عند استواء البَرِّ والفاجر في الحاجة؛ لأن الحاجة المُعبَّرَ عنها في القرآن بالفقر والمسكنة هي علّة الاستحقاق أصلاً، فإذا استويا فيها، فالأصل تقديم أهل الدِّين والاستقامة والالتزام على غيرهم، لئلّا تكون سببًا في أن يتقوّى بها العُصاة على معصية الله -تعالى.
فالمزكِّي عليه أن يتحرّى بزكاته أهل الدِّين الملتزمين بالشريعة، أما أهل الفجور فلا ينبغي أن يُعانوا على فجورهم بالزكاة، ويحرُم دفع صدقة التطوع إلى العاصي بسفره أو إقامته إذا كان فيه إعانة له على ذلك، وكذا يحرُم دفعها إلى الفاسق الذي يستعين بها على المعصية، وإن كان عاجزاً عن الكسب، على أنّه لا مانع من أن يعتري الصورة المفضولة ما يجعلها فاضلةً في بعض الظروف، وهذا محكومٌ بالزمان والمكان والأعيان.

9- ما يُخشى فواته أولى بالتقديم على ما لا يخشى فواته

  • أهل الحاجات متفاوتون في حاجاتهم؛ فمنهم الفقير، ومنهم الأفقر، ومنهم المحتاج، ومنهم الأحوج، ومنهم من حالته ملحّة حالّة، ومنهم من حالته متوقّعةٌ قريبة، ومنهم المحتاج إلى الضروريات، ومنهم المحتاج إلى الكماليات. والوجه في كلّ ذلك أن تُقدّم إغاثة المنكوبين في النوازل والكوارث؛ لأنّ المصالح الذي شُرِعَ العَوْن لحفظها، والضروريّات التي نزلت الشرائع أصلاً وخُلق المال أساساً لصيانتها، تفوت في حال تأخّر مدّ يد العون إليهم. في حين أنّنا نجد أمورًا تحتمل التأخير؛ فالإغاثة العاجلة أولى بالتقديم من إقامة الأوقاف والمشاريع وتنمية الخطط المستقبليّة للأجيال القادمة، وكذلك حفظ الأنفس والأعراض من الضروريّات، وهي أولى بالحفظ من الحاجيّات، كإقامة المشاريع التعليمية والتثقيفية، وعلى مستوى التعليم والإرشاد: العناية بتصحيح العقيدة، وتحقيق التوحيد، في الأوساط التي يُستهان فيها بذلك، أولى من الاشتغال بتحقيق مفصّل الاتّباع ونشر السّنن ومحاربة المكروهات والحضّ على الكمالات التعبّديّة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك