رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: إعداد: د. سلمى هاني 23 مايو، 2016 0 تعليق

القلق والتوتر .. أخطر ما يهددان سلامة القلب

هناك علاقة سببية بين الاكتئاب وضيق شرايين القلب والجلطات الحادة وفي شدتها ومدى استجابتها للعلاج

اتباع عادات صحية في الغذاء تجعلك تتمتع بحالة نفسية متوازنة، وتجعلك إيجابيًا في تفكيرك وفي تأدية واجباتك وتحمل مصاعب الحياة

تكلمنا في الحلقة السابقة عن القلق النفسي وأنواعه، واليوم نتحدث عن تأثير هذا المرض على القلب؛ حيث أظهرت دراسات أمريكية عديدة أن نحو ربع الأشخاص المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية لديهم نوع ما من مشكلات القلق، بل وفي بعض الأحيان يبدو أن القلق يجعل مشكلتهم في القلب أسوأ حالاً. 

وأفاد الباحثون على سبيل المثال، بأن مرضى القلب المصابين أصلاً باضطراب القلق العام الذي يتمثل في وجود قلق متواصل وملحّ، يتعرضون على الأكثر لنوبات قلبية ومشكلات قلبية خطيرة أكثر من المرضى الذين لا يوجد لديهم هذا الاضطراب.

‎     ووجد الباحثون أن الذين يعانون القلق والاكتئاب وهم 29 في المئة أكثر عرضة للوفاة من أمراض القلب والسكتة الدماغية، وقال الدكتور (توم روس)، المؤلف الرئيس لهذه الدراسة، التي نشرت في المجلة الطبية البريطانية: إن هناك اهتماماً متزايداً في التغيرات الفسيولوجية المحتملة المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ووفقا لتقديرات منظمة الصحة العالمية فإن الاكتئاب وأمراض القلب والأوعية الدموية سيكونان أهم مايؤثر على إنتاج الأفراد في 2020.

     وفي تحليل إحصائي لدراسة (فرامنغهام المشهورة) اتضح أن القلق والاكتئاب يسببان أمراض القلب والجلطات بطريقة مستقلة عن العوامل الأخرى المعروفة مثل الضغط والسكر والتدخين!! وتصبح هذه المسألة أكثر أهمية في دول العالم الثالث؛ حيث لم تصل خدمات الرعاية الصحية العقلية للمستوى المطلوب من ناحية المؤسسات الصحية.

     وقد أوضحت دراسة (انترهارت) المشهورة أن تأثير الضغط النفسي والتوتر المستمر بوصفه مسبباً للجلطات أقوى من تأثير أمراض الضغط والسكري، بل ذهبت الدراسات الطبية إلى أبعد من ذلك؛ حيث أثبتت أن القلق والاكتئاب يؤديان إلى عدم تمسك المرضى بأدويتهم وخروجهم المبكر من برنامج التأهيل القلبي.

     والمشكلة أن العلاقة بينهما شائكة ومعقدة؛  فمرض الاكتئاب يؤدي لأمراض القلب (ضيق الشرايين) وضعف القلب؛ حيث وجدت الدراسات أن مرضى ضيق الشريان التاجي المصابين بالاكتئاب أكثر عرضة لجلطات القلب والدماغ الحادة من المرضى غير المكتئبين!!

وأوضحت جمعية القلب الاسترالية أن هناك علاقة سببية بين الاكتئاب وتشخيص ضيق شرايين القلب والجلطات الحادة، بل وفي شدتها ومدى استجابتها للعلاج مستقبلا، كما أن العلاقة كانت أضعف مع القلق وأمراض شرايين القلب.

تجنب القلق والتوتر

مما سبق نجد أن تجنب القلق والتوتر من أهم أسباب سلامة القلب؛ لذلك ينصح الأطباء باتباع ما يأتي:

- الراحة والاسترخاء وعدم إجهاد النفس بما لا تستطيع تحمله، كما يفيد الاسترخاء في تطوير علاقة الفرد بالآخرين؛ فالشخص الهادئ الذي لا يثور، صورته أفضل لدى الناس من الشخص كثير الصُراخ الذي عادةً ما يكون أقل حظاً في كسب احترام الناس ومحبتهم له، بل والحصول على حقوقه أيضاً.

- لابد من تنظيم ساعات النوم والراحة والاسترخاء؛ فأنت تحتاج إلى 7-8 ساعات نوم يوميًا كما أن قيلولة الظهر مفيدة جدًا.

- إن اتباع عادات صحية وسليمة في الغذاء تجعل الإنسان يتمتع بحالة نفسية متوازنة، ويكون إيجابيًا في تفكيره وفي تأدية واجباته وتحمل مصاعب الحياة.

طرائق التعامل مع التوتر

وحتى تتمكن من التعامل مع التوتر عليك أولاً تحديد مصادر التوتر في حياتك ودراسة إمكانية القيام بأية تغييرات من شأنها أن تجعلك أكثر قدرة على التحكم في الأمور، ويمكنك القيام بذلك من خلال ما يأتي:

- اعرف سبب توترك، واكتشف المسبب الحقيقي لمشاعر التوتر المتولدة لديك.

- اعرف عقلك؛ واكتشف الأفكار التي تصاحب المشاعر والاعتقادات التي تدعم هذه الأفكار.

- اختر الاستراتيجية التي تراها مناسبة لحل مشكلتك؛ وذلك حتى تستطيع تغيير فكرة الفشل إلى فرصة للنجاح.

- ناقش مشكلتك مع شخص أهل للثقة وذي خبرة ليساعدك في تعلم بعض الأمور عن العلاقات وطرائق تفكير الناس.

- البكاء قد يريحك ويشعرك بالهدوء.

- تدليك عضلات العنق والظهر لمدة دقيقتين على الأقل.

- الحمام الساخن يساعدك على الاسترخاء.

- المشي، والقيام ببعض التمرينات الرياضية.

نصائح عامة: وأخيرًا إليك بعض النصائح العامة التي يمكن أن تساعدك في التخلص من القلق والتوتر بإذن الله:

- عش في حدود يومك ولا تقلق على المستقبل.

- ذكر نفسك بالثمن الفادح الذي يدفعه جسمك ثمنا للقلق .

- دع التفكير في الماضي؛ فإنه لن يعود مهما حاولت، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان» رواه مسلم وأحمد.

- تدبر الحقائق بعناية قبل صنع القرار، ومتى اتخذت قرارا حصيفا، أقدم على تنفيذه واستعن بالله ولا تتردد.

- ارض بقضاء الله -تعالى- وقدره؛ فالمؤمن لا يخشى مصائب الحياة، فكل أمره خير، يقول عليه السلام : «عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له» رواه مسلم وأحمد. ويقول تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون} (البقرة: 216).

- تذكر نعم الله عليك، بدلا من أن تحصي همومك ومتاعبك، يقول تعالى: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها}(إبراهيم: 34).

- لا تهتم بتوافه الأمور، ولا تجعل صغائر المشكلات تهدم سعادتك، ولا تسمح لنفسك بالثورة من أجل أشياء تافهة .

- استغرق في عملك، فإذا ساورك القلق اشغل نفسك بما تعمل أو بأمر آخر مفيد.

- لا تكن أنانيا، وصب اهتمامك على الآخرين، واصنع في كل يوم عملا طيبا يرسم الابتسامة على وجه إنسان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورا، أو تقضي عنه دينا، أو تطعمه خبزا» أخرجه ابن أبي الدنيا والبيهقي . قال الألباني : حديث حسن.

- ركز جهودك في العمل الذي تشعر من أعماقك أنه صواب، ولا تستمع للوم اللائمين، وإذا ما وجدت نفسك على خطأ فالتراجع عنه فضيلة .

- لا تفكر في محاولة الاقتصاص من أعدائك ، فإن حاولت ذلك آذيت نفسك أكثر مما تؤذي أعداءك. قال تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم}(فصلت: 34).

- التزم في عملك بالقواعد الآتية:

- استرح قبل أن يدركك التعب .

- حين تعترضك مشكلة احسمها فور ظهورها .

- أضف إلى عملك ما يزيد استمتاعك به .

- تعود النظام والترتيب .

- افعل الأهم ثم المهم .

- لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد .

-  لا تحمل نفسك ما لا تطيق، قال تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}.

- لا تستسلم لعقدة الإحساس بالذنب، فالله -تعالى- غفور رحيم، قال تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا}(الزمر: 53).

- إذا أصابتك لحظات من القلق والخوف، فلا تجزع ولا تيأس فقد يكون ابتلاء من الله -تعالى- فعليك بالصبر والاستعانة بذكر الله -تعالى- قال تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة، وأولئك هم المهتدون}(البقرة: 155 – 157)، وقال تعالى: {إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون}(يوسف: 87).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك