القلق النفسي..أنـواعه وآثاره
لابد أن ندرك خطورة هذا المرض ولاسيما على القلب وهو أخطر تأثير ممكن يؤثر على حياة الإنسان الذي يكون دائم القلق والتوتر
يمثل القلق النفسي المرتبة الأولى في الانتشار بين الأمراض النفسية، وهو يختلف عن القلق الطبيعي المرغوب الذي قد يعتري بعض الطلاب خلال فترة الامتحانات على سبيل المثال، وتظهر أعراضه النفسية كالشعور بالعصبية أو التحفز والخوف وعدم الإحساس بالراحة إلى جانب أعراض فسيولوجية كخفقان القلب، والإرهاق، والصداع، والتعرق والهلع ورعشة اليدين واضطرابات المعدة وغير ذلك .
والقلق من أكثر الأمراض انتشارًا بمختلف أنواعه، وفي حالة عدم العلاج يكون الشخص المصاب بأحد أنواع القلق في حالة من الخوف الشديد والرعب؛ مما قد يؤثر على حالته العملية والفكرية؛ مما يؤدي إلى خسارته على الصعيد العملي والاجتماعي.
ومن حسن الحظ أن هذه الأمراض تستجيب للعلاج الدوائي والسلوكى وإن كانت تحتاج لبعض الوقت والمثابرة والمتابعة على العلاج مع القيام بالتغير السلوكي المطلوب من المريض.
أنواع أمراض القلق:
أولاً: الهلع
وهو قلق نفسي حاد يتميز عن غيره من الأنواع بشدة الأعراض وحدوثها فجأة دون سابق إنذار، مع الشعور بأن المريض سوف يموت في هذه اللحظة، وقد تتطور الحالة إلى تجنب المواقف التي حدثت فيها أعراض الهلع؛ فمثلاًً إن حدثت في الشارع يتجنب المريض الخروج إلى الشارع؛ حيث تسيطر عليه فكرة أن الموت سيدركه، ولن يكون هناك منفذ له.
- الأعراض الأساسية هي:
ضربات قلب سريعة وعنيفة، تصبب العرق، ارتعاش الأطراف، عدم القدرة علي التنفس طبيعياً، إحساس بالاختناق، غثيان وآلام بالبطن، دوار وشعور بعدم توازن، الشعور بعدم القدرة على التحكم وأن المريض سيفقد عقله أو يموت، تنميل في الأطراف، رعشة فجائية، وحدوث نوبات، سخونة بالجسم.
وبما أن هذه الأعراض تحدث فجأة ودون سبب محدد فإن أغلب المرضى يشعرون كأنها ذبحة صدرية.
ثانيًا: الخوف الشديد
جميعنا نشعر بالخوف في بعض الأحيان، ولكن الخوف الشديد المرضي يكون المريض نفسه مدركا بعدم جدواه، أنه لا يستحق هذا الكم من الخوف، ولكنه لا يستطيع التحكم في هذا الخوف، وعادة ما يكون الخوف مرتبطاً بأشياء معينة أو أنشطة محددة، وأحياناًً مواقف بعينها قد يكون هذا الخوف بدرجة عالية؛ بحيث يجعل الإنسان يتجنب هذه المواقف أو الأماكن؛ مما يؤثر بصورة سلبية على حياته العملية.
فمثلاً إذا كان الخوف من التحدث أمام الأغراب أو أشخاص لا يعرفهم الإنسان، يؤثر سلباً على حياته الاجتماعية؛ مما يؤدي به إلى الانطواء.
وهنالك ثلاثة أنواع أساسية من الخوف:
(1) الخوف الشديد من شيء محدد:
وهو شعور بخوف حاد وشديد يصعب التحكم فيه عند التعرض لموقف ما: (منظر الدم -نوع من الحشرات- الإبر) التي تعد غير مؤذية في الحالات العادية، هؤلاء الأشخاص مدركون أن مخاوفهم لا أساس لها، وهي زائدة عن المفروض ومبالغ فيها، ولكنهم لا يستطيعون السيطرة على الشعور بالخوف الداهم الذي ينتابهم.
(2) الخوف الاجتماعي:
وهو الخوف الشديد الذي يصاحب المريض عندما يتعرض لموقف اجتماعي معين، مثل التحدث أمام مجموعة من الأشخاص، أو إلقاء محاضرة أمام جمع من الناس؛ حيث يشعر الشخص بكمٍّ من القلق الشديد وضربات قلب سريعة – عرق شديد – رعشة باليد – رغبة بالتبول، ورهبة شديدة للموقف.
(3) رهاب الساحة:
الخوف من التعرض لنوبة هلع في أماكن عامة يصعب الهروب منها، ومن شدة الشعور بالخوف يتجنب المريض الوجود في هذه الأماكن العامة؛ مما يكون له تأثير على نشاطه اليومي وحياته الاجتماعية.
ثالثًا: الوسواس القهري
وهو تردد أفكار غير منطقية على ذهن المريض بطريقة مزعجة لنفسه؛ لأنه يدرك أنها غير سليمة، ولكنها تثير في نفسه قلقاً شديداً يدعوه في أغلب الأحيان للقيام بأفعال بطريقة متكررة على أمل التخلص من هذه الأفكار، ولكنها تظل تتردد بداخله؛ مما يدخل المريض في حلقة مفرغة من وساوس فكرية.
ولكي تكون الفكرة قريبة من القارئ فلنأخذ وساوس النظافة مثالاً هنا؛ حيث تسيطر على المريض فكرة تلوث اليد؛ مما يسبب له ذلك انزعاجاً شديداً وقلقاً نفسياً حاداً؛ مما يدعوه إلى غسل الأيدي مرات عدة بأسلوب معين متكرر، ولكن في كل مرة يغسل يده فيها لا يزال يشعر بأن يده ما زالت غير نظيفة، وتسيطر فكرة اتساخ اليد على ذهن المريض؛ مما يجعله يغسلها مرة ثانية وثالثة ورابعة، وهكذا.
وتوجد أمثلة عديدة - هل أغلقت الباب جيدا؟ هل أغلقت الشبابيك؟ هل كتبت الأرقام بصورة صحيحة؟ وفي كل مرة تردد هذه الفكرة لأوقات طويلة. يتبعها القيام بعملية تأكد بصورة متكررة وبالنمط نفسه.
ويجب الأخذ في الاعتبار أن المريض نفسه يشعر بعدم صحة هذه الفكرة، ولكنه لا يستطيع أن يمنع نفسه من التفكير فيها والتأثر بها، والقيام بعمل شيء يقلل من شأنها.
ومن الملاحظ مدى المعاناة التي يعانيها مريض الوسواس القهري ومدى تدخل هذه الأفكار في سير حياته اليومية؛ حيث إنها تعطله عن عمله وعن الاشتراك في الحياة الاجتماعية أو العملية.
رابعًا: كرب ما بعد المآسي
وهو نوع من الاضطراب النفسي الذي يحدث لهؤلاء الذين يتعرضون إلى حدث في حياتهم؛ حيث يكون شعورهم بالأمان منعدماً مثل اختطاف طائرة أو الزلازل أو حرائق في المنزل، ويتميز هذا المرض بشعور المريض بأنه:
- فاقد للشعور ولا يستطيع أن يتعايش مع الأحداث حوله.
- دائم التفكير في الحادث الذي تعرض له، وكأنه يمر به مرة أخرى.
- شعور بالقلق الدائم وعدم الأمان وكأنه كارثة أخرى سوف تحدث.
عادة ما يصاب هؤلاء المرضى بالاكتئاب النفسي الحاد؛ وهؤلاء المرضى بحاجة إلى العلاج النفسي فور وقوع الحادث، حتى يتمكنوا من اجتيازه بأقل خسائر نفسية.
خامسًا: القلق النفسي العام
وهو حالة من القلق المستمر الزائد عن الطبيعي يشعر به المريض بطريقة مزعجة، لا يستطيع معها التكيف أو القيام بأعماله اليومية أو المشاركة في الحياة الاجتماعية.
يكون هنا المريض في حالة قلق – عصبية – كثير الاهتمام بالأمور الصحية والعائلية – دائم التوقع السيئ ويستثار من أقل مؤثر خارجي أو داخلي – له ردود أفعال عصبية وعنيفة غير متناسبة مع حجم الفعل الأساسي.
- خلاصة القول: حالات القلق بمختلف أنواعها تعالج أساساًً بمضادات القلق المختلفة مع وجود علاج سلوكي معرف في صورة جلسات علاج نفسية، يساعد المريض علي اجتياز هذه المرحلة والعودة إلي طبيعته الأولية، ولكن لابد أن ندرك خطورة هذا المرض ولاسيما على القلب وهو أخطر تأثير ممكن يؤثر على حياة الإنسان الذي يكون دائم القلق والتوتر، وهذا ما سنتناوله في الحلقة القادمة إن شاء الله.
لاتوجد تعليقات