رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 28 مايو، 2012 0 تعليق

القـــــــدر (26) أحداث الكون بأمر الله

 

- وماذا عن القدر في أحداث الكون... وما يصيب البشرية عامة؟!

- لا شيء يقع في الكون إلا بأمر الله... وقوع الزلازل... هبوب العواصف... انفجار البراكين... فيضانات الأنهار... انهيار الثلوج... جفاف السماء... لا شيء على الإطلاق... وهذه الأمور يحلو لبعضهم أن يسميها «غضب الطبيعة» ولا شك أن هذه التسمية خاطئة؛ فليس للطبيعة أن تغضب أو ترضى... إنها مخلوق يأتمر بأمر الله... هذه الأمور كلها تقع بحكمة الله عز وجل... أحيانا عقابا... وأحيانا إنذارا... وأحيانا تخويفا... وأحيانا دعوة للناس وتذكيرا.

- وماذا عن الموقف حيال هذه الأمور؟!

- لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ما يجب على الأمة عمله في بعض هذه الحالات.. ففي الحديث عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فقال: «يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن -وأعوذ بالله أن تدركوهن- لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله [ إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم»، حسنه الألباني.

ففي هذا الحديث ربط بين بعض الذنوب التي إذا تفشت في الأمة نزل العقاب العام: «أخذوا بالسنين»... أي أصابتهم المجاعة.

قاطعني:

- ولكن هذه الأمور كلها أو معظهما واقع من الكفار؟!

- إن الله إذا عجل العقوبة للمؤمن في الدنيا فإن ذلك أهون عليه من عذاب الآخرة... وربما كان هذا العقاب عبرة له فيرجع عن معصيته، أما الكافر فإن عقابه مؤجل إلى يوم القيامة... فلا يعاقب في الدنيا.. والعقاب هناك أشد وأبقى... وعلى أية حال.. إذا نزل العقاب أو تأجل فإن ذلك لحكمة يريدها الله عز وجل.. وفي كتاب الله أمثلة على ما يصيب الأمم بسبب الذنوب.. أو ينالها من خير بسبب الطاعات، اقرأ قوله تعالى: {وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون} (النحل:112)، وكذلك قوله سبحانه: {ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا  الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين} (الأنعام:6)، وقوله سبحانه: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا} (نوح:11).

وذكر لنا ربنا ذنوب بعض الأمم السابقة.. مثل عاد وثمود وقوم لوط وما حل بهم بسبب ذنوبهم.. وذلك حتى نتعظ ونعتبر.

- وماذا عن الدراسات الحديثة التي تتنبأ بالأعاصير والبراكين والأمطار وغيرها؟!

- إن الله إذا أراد أمرا حصل.. ويجعل له من الأسباب الدنيوية ما يحدثه... مثلا تفاوت درجات الحرارة بين الأسطح المائية والهواء ثم اليابسة يكون سبباً في حدوث الأعاصير ومع انخفاض الضغط الجوي يجلب السحاب والأمطار... والإنسان يراقب ويعيش ويتجنب... ولكن لا يستطيع أن يفعل شيئا حيال هذه الأمور وكلها بأمر الله.

- وما الموقف الشرعي حيالها؟!

- الرجوع إلى الله... وبالطبع الماديون لا يعترفون بالأسباب الشرعية لهذه الأمور.. ولكننا بفضل الله نعلم أن هناك أسبابا غيبية وعلى يقين بأن الأمر ليس مادة فحسب وإنما الله سبحانه هو الذي خلق هذه المادة ويسيّرها وفق حكمته.. وبأمره عز وجل.. فشرع لنا صلاة الاستسقاء... والاستغفار والتوبة حال الجفاف.. واللجوء إلى الله حال الكوارث... لأنها لا تقع صدفة.. تعالى الله سبحانه أن يقع شيء في ملكه عبثا.. بل بتدبير الله وأمره... وهنا يفترق المؤمن عن غيره.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك