رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 14 مايو، 2012 0 تعليق

القـــــــدر (24)الصبر على المصائب

 

- عندما أقرأ الآيات التي تذكر المصائب، أشعر أنني لا أفهمها فهماً صحيحاً.

- هل لك أن تذكر لي أمثلة؟!

- مثلاً قول الله عز وجل: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} (التوبة: 51)، وقوله عز وجل: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} (الشورى: 30)، وقوله سبحانه: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير} (الحديد: 22)، وقوله سبحانه: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم} (التغابن: 11).

كان يقرأ هذه الآيات من قصاصة أخرجها من جيبه العلوي.. انتهى.

- هذه الآيات كلها متناسقة متحدة المعنى، وأود أن أضيف آية أخرى، بل آياتين من سورة النساء: {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا} (النساء: 78 - 79).

هذه الآيات تبين أسباب وقوع المكروه للمؤمنين، والسبب الأعظم لأي مصيبة هو الذنوب، كما في آية الشورى، وذلك أن المؤمن ربما تعجل له العقوبة على الذنب الذي لم يتب منه في الدنيا ولا يعاقب عليه في الآخرة، ولا شك أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وجاء في المستدرك على الصحيحين: عن علي - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أصاب ذنبا في الدنيا فعوقب به، فالله أعدل من أن يثنّي عقوبته على عبده، ومن أذنب ذنبا فستر الله عليه وعفا عنه فالله أكرم من أن يعود في شيء عفا عنه» قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وهذا الفهم كان عند الصحابة - رضوان الله عليهم - بأن أحدهم يرجع ما يصيبه إلى تقصيره في حق الله عز وجل، والله سبحانه لا يؤاخذ على جميع الذنوب، بل يعفو عن أكثرها، كما في آية الشورى التي ذكرتها، وذلك من رحمته وعفوه وكرمه سبحانه، والله عز وجل قد سبق في علمه كل ما سيكون وكتبه، فلا شيء جديد في علم الله كما في آية الحديد، ولا يقع شيء في ملك الله عز وجل إلا بإذنه، فلا ينبغي للعبد أن يتذمر من مكروه أصابه أو مصيبة وقعت له، بل يصبر ويرضى بقضاء الله عز وجل.

قاطعني:

- وماذا عن الآيتين في سورة النساء؟!

- هاتان الآيتان تذكران حالة فئة من المنافقين، هلعوا عندما أمروا بالجهاد، فأخبرهم الله أن الموت يأتيهم وإن تحصنوا في بروج مشيدة، وكانوا ينسبون وقوع المكروه إلى النبي[، فكذبهم الله عز وجل بأن كل شيء خلقه الله وأن المكروه يقع على الإنسان بسبب ذنوبه، فمع أن المخاطب هو الرسول[، إلا أن المراد أمته من بعده.

ولقد حذر الله المؤمنين من أن يقعوا فيما وقع فيه الكفار: {ياأيها الذي آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير} (آل عمران: 156)، فالمؤمن وإن وقعت عليه أعظم مصيبة وهي الموت رضي بقضاء الله ويعلم أنه لم يكن للأمر أن يتأخر أو يتقدم وأن السبب لا قيمة له؛ فيرضى بقضاء الله لأجل أن ينال الرضا من الله.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك