رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 8 مايو، 2012 0 تعليق

القـــــــدر (23) التعوذ من شر القضاء

 

- هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من شر القضاء؟

- الحديث الذي في البخاري: «إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من سوء القضاء ومن درك الشقاء ومن شماتة الأعداء ومن جهد البلاء»، وهو في صحيح مسلم أيضا.

لم يخف صاحبي استغرابه:

- وكيف ذلك؟!

- لعلك تعني تعوذه  صلى الله عليه وسلم  من سوء القضاء؟

- نعم.

وقف صاحبي في طريقنا للخروج بعد صلاة العصر.. وعادة نمشي معا حتى نبلغ منازلنا.

- ألم يتعوذ النبي  صلى الله عليه وسلم  من «الهم والحزن» ؟ متفق عليه.. ألم يتعوذ من «الكسل والجبن والهرم»؟ البخاري.. ألم يتعوذ من «وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل والولد»؟ مسلم.. ألم يتعوذ من «أرذل العمر»؟.. وكل ذلك من القضاء؟! وفي شرح البخاري.. «أن كل أمر يكره يلاحظ فيه جهة المبدأ وهو سوء القضاء، وجهة المعاد وهو درك الشقاء، وجهة المعاش وهو جهد البلاء».. فالأمراض من القضاء، والدعاء لإزالتها من القضاء أيضا.. فنلجأ إلى قضاء الله لإزالة قضاء الله.. وفي الحديث: «لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر»، الترمذي- حسنه الألباني.

فالمقصود أن القدر لا يرد إلا بالقدر، فما كتبه الله قدر... ودعاؤنا لرفعه أو رده قدر.

قاطعني:

- أما رفع ما وقع فمفهوم... ولكن كيف منع وقوع ما قدره الله؟!

- ما قدره الله غيب.. لا يعلمه أحد.. ولا حتى الملائكة... فإذا نزل جزء مما قدره الله علمته الملائكة.. قبل أن ينزل إلى الأرض.. فإذا دعا العبد وهذا أيضا مما قدره الله.. ارتفع الدعاء فمنع نزول البلاء.

فكان الدعاء سببا في رد البلاء قبل وقوعه وكله علمه الله عز وجل قبل وقوعه.. فكتبه.

- وكيف في زيادة العمر.. وقد كتب الله آجال الناس فلا تزيد ولا تنقص؟!

- كلامك صحيح.. ذلك أنه إذا كان في علم الله أن فلانا سيموت عن عمر سبعين سنة وأربعة أشهر وخمسة أيام وساعتين وسبع دقائق وعشرين ثانية.. فإنه لا يتقدم ولا يتأخر عن هذه اللحظة.. فتكون الزيادة المذكورة في الحديث بالنسبة لملك الموت ومن وكل معه من الملائكة بقبض الأرواح.. وهذا معنى قول الله عز وجل: {هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون} (الأنعام:2)..

        وكذلك قوله عز وجل: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} (الرعد:39).. فأشار سبحانه عز وجل في آية الأنعام إلى أجلين: الأول ما علمه ملك الموت الذي ربما يتغير بأعمال البر.. فيمحو الله هذا الأجل ويزيده عند ملك الموت ليوافق الأجل المكتوب في اللوح المحفوظ.. ففي شرح الترمذي: «الحاصل أن القضاء المعلق يتغير، وأما القضاء المبرم فلا يبدل ولا يتغير».. وهذا ما يسميه العلماء تدافع الأسباب أو معالجة الأقدار بالأقدار.. أي إنك تدفع قدرا بقدر ليثبت في النهاية ما أرداه الله عز وجل.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك