رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 10 أبريل، 2012 0 تعليق

القـــــــدر (19) الرضا بالقدر

 

- الرضا بالقدر ليس استسلاما.. الفرق بينهما كالفرق بين التوكل والتواكل... إن أحدنا مأمور أن يرضى بقضاء الله وقدره.. وأيضا مأمور أن يتخذ الأسباب لإزالة ما يقع عليه من مكروه... وكله بقضاء الله عز وجل.

- ولكن النفس البشرية -في لحظات الضعف- ربما تتململ وتضجر من كثرة ما يصيبها من المكروهات.

- وهنا ينبغي على العبد أن يثبت على الإيمان... في لحظات الضعف والابتلاء كما قال الله تعالى: {أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون} (التوبة:16)... وكذلك قوله عز وجل: {إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين} (آل عمران:140)، وكذلك: {وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز} (الحديد:25).. وقوله: {وليعلم الله الذين آمنوا وليعلم المنافقين} (العنكبوت:11).. ومعنى الآيات: حتى يتحقق علم الله فيكم وترونه رأي العين.. وإلا فكل ذلك قد علمه الله سابقا.. ولا يضاف إلى علم الله الكامل شيء.. فالمؤمن يتمسك بالإيمان ويلجأ إلى الله.. وكلما ازدادت الشدة.. ازداد إقبالا على الله.. أما الآخر فقد وصفه الله عز وجل بقوله: {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين} (الحج:11).

كان صاحبي يناقشني وبيده قصاصة من صحيفة يومية ذكرت كاتبتها قضية «الاستسلام للقدر».

أراد صاحبي مزيد توضيح:

- وكيف يكون الرضا بالقدر..؟!

- اسمع قول النبي [: «إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم؛ فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط». (السلسلة الصحيحة)... فالبلاء غالبا دليل خير.. والرضا نتدرب عليه.. بهدي من القرآن والسنة.. يصف الله عباده المؤمنين: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون} (البقرة:156).. فالعبد المؤمن يعلم أنه لا شيء يقع إلا بإذن الله وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.. {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} (التوبة: 51).. كل هذه عقائد يؤمن بها المؤمن إيمانا راسخا.. فإذا وقعت المصيبة.. قال بلسانه: {إنا لله وإنا إليه راجعون}... يذكّر نفسه.. ويحيي ما كان يعتقده في قلبه.. ثم يحمد الله.. «الحمدلله على كل حال».. كما في حديث من قُبض ولده.. فيكون جزاؤه.. «ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد» السلسلة الصحيحة.

قاطعني:

- وماذا عن قول: «الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه»؟

- هذا القول لم أجده في كتب الحديث ولا يجوز نسبة الشر إلى الله كما قال [ في دعائه: «والخير كله في يديك والشر ليس إليك...» (مسلم)، وعلى أية حال.. إذا نزل المكروه بالعبد.. صبر ولم يجزع.. ولم يسخط بأن يتكلم ساخطا على قضاء الله.. بل يصبر.. ويسترجع، ويسعى بكل ما أوتي أن يزيل ما وقع عليه -إن كان يمكن إزالته- ولا يستسلم ويضعف.. بل يستعين بالله ويستعين بمن يستطيع الاستعانة به من عباد الله الأحياء... ويتقوى على ذلك بذكر الله.. ويذكّر نفسه.. أن الجزع لا يغير مما وقع شيئا.. والسخط لا يرفع المصيبة.. بل يزيدها سوءا.. فيتعامل «بإيجابية» مع المصيبة لتتحول إلى مصدر لكسب رضا الله... ومغفرة الذنوب.. وربما.. نيل الجنة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك