رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 26 مارس، 2012 0 تعليق

القـــــــدر (17) مسؤولية العبد عن تصرفاته

 

لا شك أن العبد مسؤول عن جميع تصرفاته.. وسيحاسب عن كل عمل: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} (الزلزلة:7).

- وماذا عن الآيات التي تبين أن الشيطان هو الذي يغوي بني آدم وأنه سبب ضلالهم؟!

كان حواري مع صاحبي ونحن في طريقنا إلى أحد المخيمات الربيعية بعد أن صلينا العصر وذلك لقضاء المساء مع بعض معارفنا الذين دعونا للعشاء بمناسبة فوز أحدهم في الانتخابات الفائتة.

- لا شك أن الشيطان سبب للإغواء.. كما الشهوات سبب للضلال.. كما الأخلاق السيئة كالكبر والحسد.. سبب للمعاصي.. ولكن العبد مسؤول عن نفسه.. ألا يخضع لهذه الأسباب.. ولذلك يتبرأ الشيطان من جميع من استجاب له: {وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم} (إبراهيم:22)، فالشيطان يدعو إلى المعاصي.. وكذلك بعض الناس يدعو إلى المعاصي ويزينها.. والهوى أيضا يدعو إلى المعصية ويزينها.. والعبد يستجيب لهذه الدعوات أو يرفضها.. ويستجيب لدواعي الخير والهداية.. فالقرآن يدعوه إلى الخير.. وأهل الصلاح يدعونه إلى الهدى.. وهكذا هي حياة العبد.. ولكنه في النهاية هو المسؤول عن اختياره وهو الذي يحدد مصيره.. بما كسبت يداه.

تركنا الطريق المعبد إلى طريق صحراوي.. اكتست الأرض بشيء من اللون الأخضر بعد موسم لا بأس به من الأمطار.

- وماذا عما يجري على العبد من مصائب لا دخل له بها.. كمرض عزيز وموت حبيب.. وغير ذلك من أمور تجري عليه.. يكرهها؟!

- لقد جعل الله الحياة الدنيا «دار ابتلاء».. فهو سبحانه الخالق.. وله الحق أن يبتلي من يشاء   بما يشاء.. {لا يُسأل عما يفعل} (الأنبياء:23)، ومع ذلك فهو سبحانه.. رحيم بعباده.. لطيف بخلقه.. بل هو أرحم بالعبد من الأم برضيعها.. ولم يخلق الله سبحانه الخلق ليعذبهم.. بل ليعبدوه، فإذا قضى الله على عبده قضاء فيما لا دخل للعبد به فقد أمره سبحانه وتعالى.. أن يعلم أن الذي قدر هذا الأمر هو الله سبحانه وتعالى.. فعليه أن يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه فيرضى بما قدره الله عليه.. لأن رضاه بذلك يرضي الله عنه.. «فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط» السلسلة الصحيحة، ورضاه أو سخطه لا يغير مما وقع.. أو مما سيقع شيئا.. ولكن الرضا فيه الأجر من الله.. والسخط فيه الوزر على العبد.

- هناك آية.. أظن في سورة النساء.. معناها.. ما أصابك من حسنة فمن الله؟!

قاطعته: تعني قوله تعالى: {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا} (النساء:78)؟

- نعم.

- هذه الآية تبين المصدر والسبب فيما يقع على العبد.. في بدايتها.. أن لا مفر من الموت.. في المكان والزمان الذي كتبه الله عز وجل.. قبل خلق السموات والأرض، فلا يظنن ظان أنه إذا فرّ من الموت سينجو... بل ينبغي على العبد أن يتخذ أسباب النجاة من الهلاك ولكنه إذا مات.. فهذه قضية حتمية.. ثم يبين الله عز وجل.. موقف بعض اليهود والمنافقين الذين لا يتركون فرصة إلا ويلمزون رسول الله صلى الله عليه وسلم .. والآية عامة وتنطبق على كل من قال مقولتهم.. وذلك أنهم جعلوا الرسول  صلى الله عليه وسلم سببا فيما يقع عليهم من مكروهات كالجدب والمرض.. يتشاءمون برسول الله  صلى الله عليه وسلم  .. فأمر الله عز وجل رسوله أن يخبرهم بأن كل ما يجري عليهم مما يحبون أو يكرهون مصدره الله عز وجل.. ثم بين سبحانه وتعالى.. أن المكروه قد يقع بسبب معاصي العبد.. كما قال تعالى في آية أخرى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} (الشورى:30)، {إن الله لا يغير ما  بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} (الرعد:11)، باختصار.. الله سبحانه وتعالى عدل.. رحيم.. لطيف.. رؤوف.. لا يقضي على العبد ما يضره.. إذا آمن العبد بهذه الصفات.. وغيرها من صفات الكمال لله عز وجل.. فإنه دون شك يرضى بقضاء الله فينال الرضا من الله.. فيعيش مطمئنا في حياته.. مأجورا في آخرته.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك