القـــــــدر (15)لا شيء يقع إلا بإذن الله
- من الآيات التي يجب تدبرها لاستكمال مسألة الإيمان بالقدر الآيات التي تبين أن لا شيء يقع إلا بإذن الله.
- هل لي بمزيد ايضاح؟
- نعم.. إن شاء الله.
- كنت وصاحبي نشرب قهوة الضحى في أحد الأماكن الهادئة قبالة شاطئ البحر، بعيداً عن صخب الشوارع وزحمة الأسواق.
- تدبر قول الله تعالى: {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله} (البقرة: 102)، وقوله عز وجل: {وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً} (آل عمران: 145)، وقوله سبحانه: {وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون} (يونس: 100)، {وما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم} (التغابن: 11)، وقوله عز وجل: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين} (آل عمران: 166).
هذه الآيات وغيرها تبين أن لا شيء: طاعة، ومعصية، ومصيبة، وفرحا، وموتا، وعزة، وذلا، ونصرا، وهزيمة.. إلخ، لا شيء يقع إلا بإذن الله، وما أذن الله به أن يقع في ملكه، وكل شيء ملكه، قد يحبه، وقد يبغضه، ولكنه سبحانه أذن له أن يقع.
- هل أستطيع أن أقول - ولله المثل الأعلى - ولكن تقريباً للمعنى: إن ملكا أذن لمن في قصره أن يفعل ما شاء، سواء وافق ما يحبه ويريده أم عارض ما يحبه ويرضاه.
- هذا المثل ناقص، وذلك أن الله عز وجل يعلم مسبقاً ما سيفعله عبيده وكتبه سبحانه، وما يفعلونه بكامل إرادتهم سبق في علم الله، وأذن الله له أن يقع في ملكه، وسوف يجازي عبيده على أفعالهم إن خيرا فخير وزيادة، وإن شر فعدله إن لم يتفضل الله بمغفرته.
- وماذا عن الآية التي تبين أن المصائب تقع بسبب الذنوب؟ واسمح لي لا أحفظ الآية.
- تعني قوله عز وجل: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} (الشورى: 30).
- نعم.
- هذه الآية تبين سبباً رئيساً لوقوع المكروه على العبد وهو الأكثر ولا تعارض، فكله يقع بإذن الله، كما تعلم تقع المصيبة تكفيراً أو تمحيصاً، فالله تبارك وتعالى يمحص المؤمنين ويطهرهم ويرفع درجاتهم، تدبر قول الله تعالى: {أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا} (آل عمران: 165 - 166)، وكذلك تدبر قول الله تعالى: {وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين} (آل عمران: 142).
قاطعني:
- قوله عز وجل: {ليعلم الله...}؟
- شعرت أنك ستسأل هذا السؤال، لقد علم الله هذه الأمور قبل وقوعها: {ليعلم الله} هنا أي: ليتحقق علم الله على أرض الواقع، لتروا أنتم علم الله فيكم، فالله عز وجل لا يعلم شيئاً جديداً، سبق علمه كل شيء قبل وقوعه، بل ما لم يقع لو وقع يعلمه الله، ثم تأمل قوله عز وجل: {يأيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير} (آل عمران: 156)، فقول بعض الناس: لو أطاعنا فلان ولم يسافر لما وقع عليه هذا الحادث المميت، هذا القول يشبه قول الكفار؛ وذلك أن من الإيمان بالقدر أن يؤمن العبد أن ما أصابه لم يكن ليخطأه وما أخطئه لم يكن ليصيبه.
لاتوجد تعليقات