رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 17 أكتوبر، 2016 0 تعليق

القدس ومعركة المناهج الدراسية

تعمل بلدية القدس – الصهيونية – على تهويد المناهج الفلسطينية وفرض تعليم التاريخ المحرف والزائف لأبناء القدس كما فرضتها على أبناء الأراضي المحتلة عام 1948م

فرض التهويد على الفلسطينيين المتشبثين بالبقاء في مدينتهم من خلال تحريف المناهج مع بداية كل عام دراسي في معاناة متكررة منذ العام 2011م

 

مع بداية كل عام دراسي جديد تتجدد معاناة أهل القدس وأبنائهم؛ حيث تسعى بلدية الاحتلال الصهيوني بفرض توزيع كتب - يهودية المنهج -  من الصف الأول ولغاية الصف العاشر بدلاً من المنهاج الفلسطيني؛ حيث إن مضمون مناهج الكتب قد حرفت وبدلت الكثير من الحقائق, فبعد طمس معالمها، وتشويه تاريخها، وعبرنة أسماء شوارعها والتضييق على أهلها؛ أتى دور تهويد مناهج التعليم للطلبة الفلسطينيين، في محاولة لتهويد عقول النشء لتحقيق عبارة: (الكبار يموتون، والصغار سينسون)، ففرضت بلدية القدس بقرار لها أرادت تطبيقه مع بداية العام الدراسي، مفاده إلزام المدارس الحكومية بالتقيد بشراء الكتب المطبوعة من قبل إدارة البلدية، وعدم السماح لهم بشراء الكتب المدرسية المنهجية من مصادر خارجية أخرى.

ففرض التهويد على الفلسطينيين المتشبثين بالبقاء في مدينتهم، من خلال تحريف المناهج مع بداية كل عام دراسي، معاناة متكررة منذ العام 2011م، حتى يعيش طلاب القدس حالة من الاغتراب عن واقعهم نتيجة هذا التحريف المستمر.

     فتلك المناهج – على سبيل المثال - لا تشير إلى أنّ القدس هي مدينة مُحتلة، فقد شطبت البلدية جزءاً من قصيدة (جذور) للشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد، الذي يقول: «القدس أنا منها وأفديها بالمال وبالنفس ولا أرضى لها ذُلاً»، وشملت إسقاط أي إشارة إلى الانتفاضة الفلسطينيّة، وذلك عن طريق حذف كل من قصيدة الانتفاضة ونشيد الانتفاضة في كتاب اللغة العربيّة من منهاج الصف السادس.

تهويد المناهج

     وتعمل الآن بلدية القدس – الصهيونية – على تهويد المناهج الفلسطينية، وفرض تعليم التاريخ المحرف والزائف لأبناء القدس، كما فرضتها على أبناء الأراضي المحتلة عام 1948م، وذلك ضمن سلسلة الإجراءات الصهيونية لطمس الهوية الفلسطينية، ولفرض قيم وعادات وسلوك وثوابت جديدة تخدم ذلك الاحتلال ووجوده على الأرض المباركة، ولم تسلم من ذلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، بل والأحداث التاريخية؛ حيث شطب الإرث الحضاري والإنساني للشعب الفلسطيني.

نزع الصفة الإسلامية

     لا شك أن اليهود يعملون بخبث ومكر لنزع الصفة الإسلامية عن القدس كاملة فادعوا المقدسات، وغيروا المعالم، وبدلوا المسميات، وهودوا التاريخ، وكأن المقدسات الإسلامية كلها هي مقدسات يهودية الأصل، وأن المسلمين دخلاء على تلك الأرض.  وهذا القرار من ذلك السياق الذي يسعى إلى مسخ الهوية الفلسطينية، وإرساء مفاهيم الاحتلال ومضامينه، ويستهدف تشويه مفاهيم النشء الفلسطيني، وإحداث حالة اضطراب بين قناعاته وما يتم تدريسه له في المناهج المدرسية،فالتاريخ أثبت أن تلك المشاريع فاشلة، ولن تجدي نفعاً للاحتلال أياً كان.

محاولة تخريبية

     وفي محاولة تخريبية جديدة أقدمت بلدية الاحتلال على فتح مدرسة مختلطة تابعة لها هذا العام في بلدة (بيت حنينا) في القدس الشرقية تدرس المنهاج الإسرائيلي فقط، وجد الأهالي أنفسهم مضطرين لتسجيل أبنائهم بها بسبب عدم قدرة المدارس على استيعاب طلبة جدد لاكتظاظ الصفوف.

     وحيث إن العديد من المدارس تتلقى التمويل من إدارة المعارف، ولكن مع هذا الدعم فإن هناك دائماً شروطاً تزداد كل عام،  ويزداد معها حجم التدخل في قرارات المدارس بما في ذلك تعيين المعلمين والمناهج، ويزداد الابتزاز كل عام لتحقيق مزيد من التهويد للمدينة المقدسة، عبر الابتزاز بحصول المدارس العربية على مساعدات مالية من إدارة المعارف اليهودية، مقابل إلزامها بتطبيق مناهجها.

لا شك أن المنهاج الذي تسعى حكومة الاحتلال إلى فرضه هو منهاج تهويدي بحت يجرد الفلسطيني من قيمه ويُفقد الطالب المعرفة بتاريخه ووطنه ودينه؛ لأنه يُغذي عقله بالفكر الصهيوني المتطرف.

وهنا يأتي دور المؤسسات الخيرية والوقفية في اقامة مدارس إسلامية حتى نضمن لهم دراسة غير مشوهة وفي بيئة مريحة تحافظ على انتمائهم الإسلامي وتعززه.

عدد المدارس للطلبة المقدسيين

     في القدس يوجد خمسة أنواع من المدارس، الأولى تابعة لمديرية التربية الفلسطينية الخاضعة لمسؤولية إدارة الأوقاف الإسلامية في القدس، والثانية المدارس الخاصة المملوكة لمؤسسات خيرية، والثالثة المدارس التابعة لوزارة المعارف الاحتلال، والرابعة المدارس التابعة للأونروا، والخامسة مدارس المقاولات التي تعود لأفراد يعملون بالتعاقد مع إدارة المعارف للكيان المحتل،  بإجمالي 46 مدرسة تابعة لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية وعدد طلابها 12 ألفاً و420، و79 مدرسة خاصة عدد طلابها 28 ألفاً و42، في حين أن هناك 7 مدارس تابعة للأونروا، ويبلغ عدد طلابها ألفاً و541، وتتبع 52 مدرسة لبلدية الاحتلال في القدس وعدد طلابها 41 ألفاً، و19 مدرسة مقاولات.

مناهج الدول المجاورة وقضية القدس

     ولم يقتصر تعديل المناهج على القدس وما حولها، بل طالت أيادي التعديل مناهج أخرى منها الأردن ومصر، وأثارت تلك التعديلات التي أقرتها وزارة التربية والتعليم في الأردن على المناهج الدراسية انتقادات واسعة النطاق من القوى الوطنية والإسلامية، ولاسيما بعدما تضمنت حذف آيات من القرآن الكريم، ونصوص دينية، وعدوها محاولة لاجتثاث القيم والتراث من المجتمع.

     منها حذف نصوص قرآنية وأحاديث نبوية بأكثر من 22 موضعًا ونزع الأسماء والرموز والمصطلحات والإشارات ذات الدلالات الدينية والموروث الثقافي والوطني واستبدال أخرى تغريبية بها، ويرى بعضهم بأن ذكر القدس و(فلسطين) جاء بلغة تطبيعية إذعانية.

وتم حذف مصطلح (مجازر الاحتلال الصهيوني) واستبدل بـها «الممارسات الإسرائيلية»! وحذف الأسئلة التي تتحدث عن القضية الفلسطينية ودور الأردن في دعم هذه القضية في منهاج اللغة العربية/ الصف السادس».

وأجمع المختصون بأن التعديلات التي طالت المناهج في الأردن خطيرة جدًّا، وستنعكس سلبًا على الجيل، وثقافة الصراع مع الصهاينة الغاصبين.

قانونية فرض المناهج

     حسب الأعراف والقوانين الدولية التي تنص على أن المناطق التي احتلت في عام 1967م وكذلك القدس بشقيها أراضٍ محتلة، ولا يجوز لسلطات الاحتلال فيها التدخل بالقطاع التعليمي الذي ألزمت المعاهدات الدولية دولة الاحتلال بعدم التدخل في سيرها وضمان توفير المدارس والغرف المدرسية لكل طالب في مراحلهم الدراسية .  ومع ذلك فمحاكم الاحتلال تقوم بالدور نفسه الذي تؤديه سلطاتها في المدينة من خلال عشرات القرارات التي صدرت بحق العديد من المدارس والقاضية بإغلاق تلك المدارس بحجج غير واقعية.

     ويخطط الصهاينة لجعل العام الدراسي الجديد يتركز على الحديث عن الأيدلوجية الصهيونية في تهويد القدس وترسيخ المفاهيم الصهيونية حول القدس في عقول الطلاب وذلك  جزء من المخططات والمؤامرات الكبرى التي تتواصل بحق القدس والمسجد الأقصى .

     أخيرا أمام هذه المخططات الخبيثة لابد من تشكيل جبهة فلسطينية عربية إسلامية من أجل مواجهة هذه المخططات التهويدية لعقول أبنائنا، والعمل بكل السبل ومن على توفير الحماية والدعم والمساندة لأهلنا المرابطين في القدس، وفي مقدمة الدعم اقامة مدارس عربية إسلامية تحفظ العقول والهوية . 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك