القدس عاصمة الثقافــة.. وأكاذيــب يهــــــــــود “الحلقة التاسعة”
من المزاعم التي اختلقها اليهود لتسويغ اغتصابهم لأرض فلسطين، أكذوبة أن الجدار الغربي من المسجد الأقصى هو الجزء المتبقي والأثر الوحيد من هيكلهم المزعوم؛ ولذا يبكون عنده وينوحون ويعملون لإعادة بنائه!!
وغدا هذا الحائط من أهم المعالم اليهودية، بل يعد رمزا يهوديا وطنيا ومزاراً ليس ليهود العالم فقط بل للنصارى المتصهينين، من قادة الدول والزعماء والقساوسة الذين يعتقدون أن: "المسيح لن يظهر ثانية إلا وسط مجتمع يهودي، وأنه لن يعود إلا في صهيون؛ ولذلك تحقيقاً للإرادة الإلهية بتسهيل العودة الثانية للمسيح وتسريعها لا بد من تجميع اليهود، ولا بد من إقامة صهيون حتى يظهر بينهم".
ومن أهم التحديات الكبيرة التي تواجه الأمة العربية والإسلامية، التغلب على الرواية الصهيونية والادعاءات والأساطير التي عملوا على إقناع الغرب بها؛ فقد ألبس قادة الكيان اليهودي وزعماؤه – الدينيون والسياسيون - تلك الأساطير والخرافات ثوب الدين والتوراة!!
وفي هذه الحلقة من سلسلة الرد على أكاذيب اليهود التي أشاعوها سنطرق زعماً يتكرر أمام أعيننا كل يوم في نشرات الأخبار ووسائل الإعلام المختلفة ونحن نرى اليهود وهم يمارسون طقوسهم أمام ذلك الجدار الذي أسموه "حائط المبكى"!! ورددت من خلفهم وسائلنا الإعلامية ذلك المسمى وتجاهلوا المسمى الصحيح وهو "حائط البراق ":
يزعمون: أن حائط البراق اسمه حائط المبكى، وأنه الجزء المتبقي من الهيكل المزعوم!!
ونقول:
البراق هو الحائط الذي يقع في الجزء الجنوبي الغربي من جدار المسجد الأقصى المبارك، يبلغ طوله حوالي «50 متراً» وارتفاعه حوالي «20 متراً» ، وهو من الأملاك الإسلامية ووقف إسلامي.
ويُطْلِقُ عليه اليهود "حائط المبكى"؛ حيث زعموا أنه الجزء المتبقي من الهيكل المزعوم، وتأخذ طقوسهم وصلواتهم عنده طابع العويل والنواح على الأمجاد المزعومة.
وفي السنوات العشر الأُولى للانتداب البريطاني قام اليهود بمحاولات عدة للاستيلاء على الحائط وعلى منطقة حارة المغاربة ، وبعد أحداث البراق في عام 1929م شكلت الحكومة البريطانية لجنة تحقيق في أحداث البراق تقدمت بعدها بتوصية إلى عصبة الأمم المتحدة لتأليف لجنة لهذا الغرض، فوافقت، ووصلت اللجنة المشكلة إلى القدس في 19 يونيو 1930، وأقامت شهراً، وعقدت خلال إقامتها 23 جلسة أبرز المسلمون خلال الجلسات 26 وثيقة، وأبرز اليهود 35 وثيقة، وقد انتهت اللجنة من تقريرها في ديسمبر 1930، ووافقت بريطانيا وعصبة الأمم على استنتاجها فأصبحت بالتالي وثيقة دولية مهمة.
وتلخصت استنتاجاتها في أن للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي، فحائط البراق لا خلاف في أنه جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى الذي هو من أملاك الوقف، وهذا ما أقرت به عصبة الأمم في عام 1929 م "على أن للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي، وملكية الرصيف الكائن أمام الحائط وأمام المحلة المعروفة بحارة المغاربة لأنه وقف أيضاً".
علماً بأن اليهود – أمام لجنة شو - لم يدعوا ملكيتهم للحائط، لكنهم طالبوا بحقهم في الدعاء أمامه، وإقامة طقوسهم، وجلب أدواتهم ولباسهم .
وفي كتاب "الدولة اليهودية" لتيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية الذي يتحدث فيه بالتفصيل عن كل النقاط المتعلقة بالدولة اليهودية المرتقبة لم يذكر كلمة واحدة عن الحائط، ولو كان للحائط عند اليهود هذه الأهمية التي يتغنون بها الآن لأشار إليها هرتزل ولو مجرد إشارة!!
وأول عمل قام به اليهود بعد احتلالهم مدينة القدس عام 1967م هو الاستيلاء على حائط البراق، ودمروا حارة المغاربة وضموا حارة الشرف؛ لتكون ساحة لعبادتهم عند ذلك الحائط؛، بعد أن شردوا سكانها المسلمين، وكان في حارة المغاربة قبل أن تهدم أربعة جوامع، والمدرسة الأفضلية وأوقاف أخرى، وأصبحت حارة المغاربة في ذاكرتنا بعد أن كانت أوقافاً إسلامية، وأطلق اليهود عليها بعد ذلك «ساحة المبكى» بعد أن دفنوا تاريخ حارة وقفية إسلامية.
والثابت أنه حتى القرن السادس عشر لم يكن أي ارتباط لليهود بذلك الحائط، وكان تجمعهم حتى عام 1519م قريبا من السور الشرقي للمسجد الأقصى قرب بوابة الرحمة ثم تحولوا إلى السور الغربي!!
والموسوعة اليهودية الصادرة في القدس عام 1971 تؤكد ذلك بقولها: إن "الحائط الغربي أصبح جزءا من التقاليد الدينية في حوالي عام 1520 ميلادية نتيجة للهجرة اليهودية من إسبانيا وبعد الفتح العثماني سنة 1517".
وأثبتت الحفريات التي تمت من قِبَلِ اليهود تحت حائط البراق أن الآثار الموجودة جميعا آثار إسلامية، وليس هناك أي أثر للحضارة اليهودية التي يدّعونها؛ فاليهود فشلوا على امتداد أربعين عاما في إثبات أو إيجاد أي أثر ثاريخي يثبت لهم حقا أو وجودا في تلك الأماكن المقدسة أو أي أثر للهيكل المزعوم. ومع كثرة المواقع اليهودية على الشبكة العالمية – الإنترنت – عن حائط البراق وادعاءاتهم، لم يثبتوا وجود حجر واحد أو أي أثر علمي موثق يدل على أن ذلك الجدار من بقايا الهيكل المزعوم.
واليهود يطلقون على: «حائط البراق» مصطلح: «حائط المبكى»، ويقابل بالمعني بالعبري: «كوتيل معرافي»، وهذه الكلمة لا تعني «حائط المبكى» وإنما «الحائط الغربي»، والقاموس العبري العربي الصادر عن وزارة الدفاع لم يشر إلى كلمة: «حائط المبكي» وإنما إلى "كوتيل هدموعوت" أي حائط الدموع، وهذا الاسم نسب إلى حائط البراق زورا وبهتانا.
كما أن الكاتب اليهودي نجمانيدس (القرن الثالث عشر) لم يذكر الحائط الغربي في وصفه التفصيلي لموقع الهيكل عام 1267م، ولم يأت أي ذكر أيضاً في المصادر اليهودية التي تتضمن وصفاً للقدس حتى القرن الخامس عشر.
وناحام في وصفه المفصل لموقع الهيكل لم يذكر مسمى: "حائط المبكى"، وذلك في التقرير "إيتوري هابارحي" في فترة القرن الرابع عشر, وكذلك لم تشر المصادر اليهودية في القرن الخامس عشر عن وجود إلى حائط مبكى.
المبكى مكان مخترع بشهادتهم:
نُشرت تصريحات لحاخام يهودي "يهورام مزور" أمين سر مجلس اليهودية التقدمية في العدد الأول من مجلة "بلتم" اليهودية الصادرة عن المجلس في عام 1999م تحت عنوان: "هل من المهم تأدية الصلاة على وجه التحديد عند حائط البراق"؟!
وأجاب الحاخام "مزور": "لا توجد قدسية لحائط المبكى في الديانة اليهودية"، ويرفض إقامة حفلات البلوغ أو أي شعائر أخرى هناك. وأضاف: "إننا نلتقي طوال ساعات اليوم أشخاصا في هذا المكان يؤدون الصلاة في موقع هم الذين قدسوه , إن ذلك يشبه عبادة الأوثان, وإن على مجلس الحاخامات التقدميين في إسرائيل اختيار موقع آخر لصلاة اليهود" .
والحاخام هيرش - رئيس جماعة الناطوري كارتا- الذي يعيش في القدس على بعد أمتار من الحائط، يرفض زيارته، ويؤكد أن تقديس الحائط إن هو إلا حيلة من الحيل السياسية للصهيونية.
وذكرت الكاتبة الأمريكية "كارين أرمستونج" في كتابها: «القدس مدينة واحدة لعقائد ثلاث» أنه: "لم تكن تقام هناك طقوس رسمية للعبادة، غير أن اليهود كانوا يحبون قضاء فترة ما بعد الظهيرة هناك يقرعون المزامير ويقبلون الأحجار، وسرعان ما اجتذب الحائط الغربي أساطير كثيرة؛ فقد تم ربط الحائط بأقاويل من التلمود تخص الحائط الغربي، وهكذا أصبح الحائط رمزا لليهود".
دموع تبكي أمجادا مزعومة:
الدموع التي يذرفها اليهود عند حائط البراق ليست جديدة؛ فلليهود عبر التاريخ ميل شديد للبكاء عند بكائيات أوجدوها من العدم، أو أحداث سطروا حولها الأساطير، فالبكاء عند اليهود صنعة أجادوها عبر السنين ليكسبوا استعطاف العالم، وهاهو بكاؤهم عند ذلك الحائط يعيد أمامنا تاريخ دموعهم، وكيف جندوها لمكاسب قصدوها!!
فعقدة الاضطهاد وتمثيل دور الضحية لازم الشخصية اليهودية منذ أن كانوا حتى اليوم، وتبع ذلك الميل للبكاء عند رمز من الرموز سواء كانت دينية -كحائط البراق- والذي أسموه زوراً: حائط المبكى!!، أو إيجاد أسطورة من الأساطير كالمحرقة النازية وغيرها، وهم على ما يبدو لن يكتفوا بتلك البكائيات لاستمرار البحث واختراع أماكن جديدة لممارسة صنعة البكاء عندها.
ويصعب على أي باحث معاصر أن يحصي بكائيات اليهود في هذا المجال، فهناك الملايين منها موزعة ما بين الحدث الأصل والنتاج الفرعي كالذكريات والمرويات والأفلام والمقالات والقصص والروايات والخواطر والشعر والنثر ودراسات نفسية واجتماعية ومناهج دراسية، وفكر سياسي، حتى إنه يمكننا القول بأن اليهود استنفدوا كل الجهد بحيث لم يبق ما يستغل لهذه البكائية عبر جميع فروع المعرفة ووسائل الاتصال المتاحة.
والزعم بأن حائط البراق – الذي يسمونه حائط المبكى – هو جزء من هيكلهم المزعوم؛ كشفت زيفه الدراسات العلمية الحديثة؛ حيث أكد الباحث الدكتور شموئيل بريجو فيتش: "أن حائط البراق وقف إسلامي خالص".
خداع من نسج الأساطير:
وكتب "بول فندلي – عضو الكونجرس الأمريكي السابق – في كتابه الخداع: "من الواضح أن قبول المغالطات حول إسرائيل ليس عرضياً ، إنه حصيلة عمل كثرة من الناس يسخرون طاقاتهم للقيام بهذه المهمة بدأب والتزام" وأضاف: "وإن معظم الأباطيل من صنع الأنصار المتدينين من اليهود والنصارى على حد سواء، الذين يكثرون من ترديدها سنة بعد أخرى إلى حد أنها غدت مقبولة عموماً بوصفها حقائق".
وبموجب القانون الدولي وبموجب معاهدة "وادي عربة" فإن المسجد الأقصى قانوناً تحت رعاية الحكومة الأردنية بصفتها الوصية على شرقي القدس ، وليس من حق السلطات اليهودية أو بلدية القدس التابعة للاحتلال تغيير أو تبديل أو ترميم أي جزء من المسجد الأقصى المبارك؛ حيث صدر عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي عشرات القرارات الدولية برفض ضم الكيان اليهودي لشرقي القدس، ورفض أية إجراءات مادية أو إدارية أو قانونية تغير من واقع القدس واعتبار ذلك لاغيا.
والحائط الغربي الذي نسج حوله اليهود أساطير كثيرة؛ كان وما زال عنوان الصراع مع اليهود الغاصبين، ومقياس التهدئة والتصعيد، والشعلة والفتيل لتصاعد الأحداث، وكثير من الأحداث الجسام على أرض فلسطين اشتعلت شرارتها من المسجد الأقصى المبارك، مروراً بأحداث البراق في عام 1929م عندما حاول اليهود السيطرة على حائط البراق، وحرق المسجد الأقصى، وأحداث النفق أسفل منه، إلى اقتحام المجرم شارون ساحات المسجد الأقصى، وتلاها تهديدات الجماعات اليهودية باقتحام المسجد الأقصى، وممارسات يهودية نعايشها الآن من تغيير المعالم وإقامة المنشآت والكُنس اليهودية؛ فتمسُّك أهل فلسطين بمقدساتهم وبذل الدماء في سبيل الله من أجل حمايتها لخير دليل على عقيدتنا الراسخة بالمسجد الأقصى وبركته ومكانته في نفوس المسلمين.
ولن يستطيع اليهود – مع كل ممارساتهم - أن يسلبونا ما نملك؛ لأن وثائق الملكية وشرعية الحق الشرعي والتاريخي للمسلمين والعرب في القدس والمسجد الأقصى وحائط البراق لا يمكن لليهود مهما قدموا من مزاعم أو أقدموا على عمليات التهويد أن ينازعونا إياها عقدياً أو تاريخياً أو قانونياً.
نسأل الله تعالى أن يرد كيد اليهود، ويرحم إخواننا في القدس وفلسطين، ويحفظ المسجد الأقصى وأرض المسرى من دنس اليهود ومن كل ظالم جحود.
لاتوجد تعليقات