رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: القاهرة - الفرقان: أحمد عبد الرحمن 4 يونيو، 2012 0 تعليق

القاعدة وفلول صالح يضعون العراقيل أمام خروج اليمن من النفق المظلم- تفجيرات صنعاء تقود اليمن للصيف الساخن

 

لم يكن اليمن بحاجة إلى أزمة جديدة لتزيد جراحه حتى جاءت تفجيرات صنعاء الأخيرة التي استهدفت «سرية» من الأمن المركزي في ميدان السبعين وخلفت أكثر من120 قتيلاً نتيجة قيام جندي بعملية انتحارية خلال تدريبات لعرض عسكري كان الميدان يشهده استعدادًا للذكرى الثانية والعشرين للوحدة اليمنية ليزيد جراح البلاد التي تواجه تحديات شديدة بدءًا من غياب الاستقرار السياسي نتيجة الصراع بين الرئيس عبد ربه منصور هادي والرئيس السابق علي عبد الله صالح وفلوله في المؤسسات العسكرية والأمنية.

      ومما زاد الأمور تعقيداً توقيت العملية ؛حيث أراد منفذوها توصيل رسالة للنظام الجديد بقيادة عبد ربه منصور هادي بأنهم هنا وأنه سيدفع الثمن غالياً على محاولاته المتدرجة لاستئصال شأفة نظام سلفه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وتطهير المؤسسات الأمنية من رموز النظام المخلوع، خصوصًا أن هادي خرج منتصراً لتوه من أزمة أطاح خلالها بثلاثة من قادة الأجهزة التابعين لصالح في أزمة أثارت ضجة طاحنة قبل أن يمتثل أنصار صالح للقرار بضغط من المؤتمر الشعبي العام.

هجمات انتقامية

      ويتجاوز الأمر طبعًا حدود فلول نظام صالح، فمن الثابت أن أطرافًا عديدة تورطت في هذا التفجير يأتي في مقدمتها تنظيم القاعدة الذي يتعرض حاليًا لهجمات متتالية سواء من جانب وحدات الجيش اليمني أم أجهزة الأمن وبالتحديد في المناطق الجنوبية أو من قبل الطائرات الأمريكية دون طيار التي استهدفت عدداً  من القيادات البارزة في التنظيم خلال الفترة الأخيرة خصوصاً أن هذا التفجير جاء بعد أيام قليلة من مناشدة زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري لليمنيين الوقوف ضد هادي وإسقاطه باعتباره جاء نتاجاً لتفاهم أمريكي – سعودي لمنع الإسلاميين من السيطرة على الأوضاع في اليمن.

تخفيف الضغوط

      ومما يدلل على تورط التنظيم في التفجير البيان الذي وزعته وزارة الداخلية اليمنية قبل ساعات من حدوث التفجير، ويحذر من اعتزام القاعدة القيام بعمليات كبرى داخل اليمن رداً على الهجمات التي شنها الجيش اليمني في «شبوة» و«لحج» و«أبين» وغيرها خلال الفترة الأخيرة انتقامًا مما تردد عن تدخل أمريكي في عمل أجهزة الأمن اليمنية وتوجيهها إلى عمليات معينة لاستهداف كوادر القاعدة بشكل دفع الأخيرة للرد للقيام بهذا التفجير لتشتيت القوى الأمنية وتخفيف الضغوط على قادتها والسماح لهم بالتقاط الأنفاس أو الانتقال لمناطق أقل خطرًا قد لا تستطيع الوصول إليها في ظل الاستحكامات الأمنية هناك.

ضبط الأمن

      وقدم إعلان جماعة «أنصار الشريعة» المرتبطة بالقاعدة دليلاً على تورط التنظيم في هذه العملية سواء بشكل مباشر أم بإيعاز من أحد قيادات الأجهزة الأمنية المرتبطين بنظام علي عبدالله صالح الرئيس السابق سعياً منهم للتأكيد على إخفاق الرئيس عبد ربه منصور هادي أو حكومة باسندوة في التصدي للقاعدة وضبط الأمن والاستقرار في البلاد، وتوصيل رسالة بأن الأوضاع كانت أفضل في عهد صالح وأن خليفته لا يتمتع بالقدرات اللازمة لإدارة بلد بحجم اليمن في ظل ما ورد عن تسريبات عن وجود قنوات مفتوحة بينه وبين تنظيم القاعدة؛ حيث برع صالح إبان سنواته الـ 35 بالحكم في استخدام القاعدة لتثبيت أركان نظام حكمه والتخلص من خصومه وصولاً حتى لاستخدام أموال الدعم الأمريكي المخصصة للحرب عليها لإضعاف المعارضة اليمنية وتشتيتها.

مآرب سياسية

      وكان للصلات التي بناها صالح في السابق مع القاعدة أثرها وكذلك وجود صلات بين المتورطين في التفجيرات الأخيرة وبين مقربين من اللواء علي محسن الأحمر الذي برع أيضا في نسج خيوط العلاقات مع التنظيم لاستخدامه في توقيتات معينة لتنفيذ مآرب سياسية، سواء ضد حكومة هادي أو لتفجير الأوضاع في الجنوب والتأكيد لقوى الحراك الجنوبي أنها ستدفع ثمنًا باهظًا في حالة استمرارها في رفع راية الانفصال حيث سعى نظام صالح وأجهزته لتقوية القاعدة وتفعيل وجودها في المناطق الجنوبية لإيجاد نوع من التوزان في الجنوب يحفظ وحدة البلاد ويفرض على عرابي الانفصال القبول بصيغة جديدة للوحدة اليمنية تحفظ وحدة البلاد وتؤمن للجنوبيين حقوقهم بوصفهم مواطنين من الدرجة الأولى في ظل وجود رئيس ورئيس وزراء ينحدرون من الجنوب.

تدخلات سافرة

      ومن المهم هنا التأكيد على أن تكرار هذه التفجيرات وبوتيرة أكثرة شراسة بات أمراً يقينيًا لدي عدد كبير من الساسة اليمنيين في ظل التدخلات الأمريكية غير المحدودة في الشأن اليمني عبر ممارساتها ضغوطًا مكثفة على الرئيس هادي للدخول في حرب شرسة مع تنظيم القاعدة؛ مما ضيق مساحة المناورة أمام الأخير وأضعف قدرته على تحدي واشنطن أو التلكؤ في تنفيذ مطالبها في ظل حاجته لدعمها سواء في الحرب على القاعدة أو لسعيه لتأمين تأييدها في مساعيه لاستئصال شأفة صالح ورموز نظامه من المؤسستين العسكرية والأمنية استجابة لبنود المبادرة الخليجية، وتمهيدًا لتوفير سبل النجاح للحوار الوطني المعتزم الانخراط فيه قريبًا وهي تطورات ستضر بأمن البلاد واستقرارها على المدى الواسع.

تصفية حسابات

      الأمريكان من جانبهم لم يتركوا الأمر يمر مرور الكرام؛ حيث جدد الرئيس الأمريكي باراك أوباما دعمه الشديد لحكومة اليمن في حربها على القاعدة، مبدياً استعداده للتجاوب مع أي مطالب للحكومة اليمنية لدعم قدراتها في هذا المجال، وهي الرسالة التي تلقفها الرئيس اليمني ووظفها للتخلص من عدد لا بأس به من قادة الأجهزة الأمنية الموالية لصالح ومنهم قائد الأمن المركزي عبدالملك الطيب، وهي خطوة يتوقع أن تمتد لعدد من القيادات العسكرية والأمنية وذلك لتقوية مركزه وتكريس سيطرته على السلطة، وهو ما حاول تأكيده عبر مشاركته في العرض العسكري الخاص بذكرى الوحدة اليمنية ورفض تأجيله في أقوى رد على تفجيرات القاعدة الذين توعدهم هادي بتواصل استهداف الأمن لهم.

ساحات القتال

      لا يعتقد كثيرون أن دعم أوباما وتهديدات منصور هادي للقاعدة يمكن أن يخففا من حدة المواجهة مع التنظيم خصوصًا أن التفجيرات الأخيرة جاءت ردًا على عمليات الجيش الفاعلة ضد التنظيم في منطقة أبين، وهي عمليات يرجح استمرارها واستمرار ردود القاعدة عليها بشكل يؤشر لصيف يمني ساخن سيشهد تعدد ساحات القتال بين القاعدة والجيش واستخدام قوى سياسية لهذه المواجهات لفرض أجندة سياسية بعينها، كما يؤكد الدكتور نبيل فؤاد الخبير الاستراتيجي الذي لفت  لوجود  رغبة في  تصفية الحسابات مع الحكومة الحالية سواء بغرض دفعها للتباطؤ في هيكلة الجيش اليمني أم بغرض تطهير أجهزة الدولة الأمنية من فلول نظام صالح ولاسيما أن هناك (لوبي) مصالح لا يرغب في مد منصور صلاحيته ويسعىلاستمرار سيطرته على هذه المؤسسات في ظل ارتباطاته الشديدة بقوي إقليمية ودولية.

ضبابية وغموض

      وأشار إلى أن الأوضاع في اليمن لا تسير في الاتجاه الصحيح وتتسم بالضبابية في ظل تأخر الحوار الوطني وعدم قدرة الرئيس هادي وحكومة باسندوة على إنجاز الملفات المطلوب حسمها لتهيئة الساحة لإتمام هذا الحوار الذي يراهن عليه الكثيرون لإعادة شمس الاستقرار تشرق على البلاد من جديد وتتجاوز المأزق الحرج الذي تعانيه البلاد حتى قبل اندلاع الثورة، خصوصًا في الملف الأمني الذي ينبغي إعادة هيكلة مؤسساته كشرط لاستعادة البلاد الهدوء والبدء في إيجاد حلحلة لمشكلاته.

دعم واستقرار

      ولكن يبدو أن المعالجة الأمنية تبدو كافية وحدها لاستئصال شأفة القاعدة من الأراضي اليمنية كما يشدد الدكتور سيد عوض عثمان الخبير في الشؤون العربية ؛حيث يرى  أن الدعم الشعبي والاستقرار السياسي ووحدة الصف وضبط ردود أفعال رموز عهد صالح في التعاطي مع الجهود الحكومية لتنفيذ مقررات المبادرة الخليجية عامل مهم في إنجاز المصالحة اليمنية وتسوية الخلافات بين الفرقاء.

      ومن المهم هنا - كما يؤكد د.عثمان ـ أن توسيع دائرة الحوار مع فصائل المعارضة ضمن جولات الحوار الوطني سيسهم في فتح آفاق التسوية السياسية، فضلاً عن أهمية التوصل لصيغة مع إدارة أوباما فيما يتعلق بعملياتها ضد القاعدة باعتبار أن نمطها الحالي يثير استياء الأغلبية العظمى من اليمنيين وعدم إغلاق نوافذ الحوار معها فربما يستطيع الحوار مع القاعدة تحقيق ما عجزت عنه الأسلحة.

      وربط الخبير في الشؤون العربية بين تحقيق هذه الاستحقاقات وبين قدرة حكومة هادي على الوفاء بهذه الالتزامات والتعاطي بشكل هادئ وحكيم مع الأزمات المتتالية خصوصًا أن جهوده تحظى بدعم إقليمي ودولي قد يوفر له فرصة لتسوية ملفات معقدة على رأسها النزعات الانفصالية في الجنوب والحوثيين في الشمال والقاعدة في الجنوب وشباب الثورة في الوسط.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك