رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: إيمان الوكيل 4 ديسمبر، 2019 0 تعليق

القاتلان الصامتان – الاهتمام والإهمال الزائدان

 

 

 

عندما يولد الطفل ويكتشف الأبوان أن طفلهما من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ فإن كثيرًا من الحزن قد يسيطر عليهما، لكن يظل أهم ما يمكن منحه لصغيرهما هو التقبل والحرص على دمجه في المجتمع بوسائل عدة، حتى تجعل منه شخصًا صالحًا معتمدًا على نفسه متقبلًا لوضعه، كما أن تقبل الأهل وحرصهم على تعليم طفلهم وبنائه يزيد من تطور وضعه وحاله عن غيره كثيرًا، فلا شك أنك تعتقدين أن طفلك فلذة كبدك، وتحرصين وأبوه على تدليله، وتمييزه عن باقي إخوته لقدراته المحدودة، وتلبية احتياجاته كافة، وتغدقين عليه بالحنان والعطف لينعم بحياة مستقرة، ويحظى بشخصية متوازنة.

أكدت دراسات عديدة أن الإفراط في تدليل الطفل ينطوي على مخاطر كثيرة ربما تكون أشد خطورة من ضربه، ولاسيما إن كان الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ فغالباً ما يكون أنانياً، يستمتع بالسيطرة على كل من حوله إلى درجة يصبح فيها ديكتاتوراً.

الانحراف عن التنشئة السوية

     فالتدليل الزائد عن الحد والإسراف في تلبية رغبات الطفل، لشراء رضاه ومخافة من جرح مشاعره، والمبالغة في الحيطة والحذر، والاهتمام المفرط لطفل ذوي الاحتياجات الخاصة: يعني به الانحراف عن التنشئة الاجتماعية السوية لأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بطريقة تجعل الطفل لا يستطيع البعد عن والديه، وتجعله يتعود على تلبية طلباته واستغلال ما يعانيه من إعاقة في الضغط على والديه في تحقيق ما يريد ومن ثم لا يستطيع التكيف والتعامل والعيش مع العالم المحيط من دونهم؛ حيث إنه يجب التفريق بين الاهتمام بالطفل والاهتمام المفرط.

أهمية الحزم

     في دراسة تؤكد أهمية الحزم في التربية، أقامها مركز الدراسات التربوية في أمريكا عام 2000على مجموعة من الأطفال ذوي الست سنوات بهدف معرفة أهمية تأجيل الإشباع لدى الطفل مستقبلا؛ حيث وضع الباحث أمام الأطفال علبة حلوى، وأعلن أن من سيأخذ الحلوى الآن سيحظى بالحلوى فقط، أما من سيأخذها بعد ساعتين فسيفوز بالحلوى وأشياء أخرى مبهرة، فكانت النتيجة أن تناول جزء من الأطفال الحلوى متسرعين، والجزء الآخر كبح جماح نفسه، وبعد عشر سنوات أجرى الباحث اختبار الشخصية على العينة نفسها وكانت النتائج التي ظهرت آنذاك أفادت بأن الأطفال الكابحين جماح رغباتهم في الصغر يتمتعون الآن بشخصية قيادية مبادرة ناجحة، أما من تسرعوا في الصغر وأكلوا الحلوى في الحال فيتميزون بشخصية اعتمادية مترددة غير واعية لمتطلبات حياتها.

الاهتمام الإيجابي

     الاهتمام الإيجابي مقابل الرعاية الزائدة، أي على الوالدين الاهتمام بالطفل اهتماما إيجابيا لما يصب في مصلحته، أي عند الاهتمام بطعامه عليهم الاهتمام بالطعام الصحي والبعد عن الأطعمة المحفوظة التي يرغب بها الأطفال بشدة، وأيضا الاهتمام الإيجابي باللعب وترفيه الطفل، بالمقابل تنظيم وقته ما بين اللعب والتعلم والاجتماعيات والترفيه والنوم المنتظم.

قوانين الأسرة

     توضيح قوانين الأسرة من الأشياء المهمة في حياة الطفل؛ حيث يظن بعض الناس أن الطفل لا يفقه قوانين الأسرة، لكن الطفل يتعود على هذه القوانين فكلما كان الوالدان واضحين مع الطفل بشأن ما يجب وما يصح والعكس نجد الطفل يتعلم تحمل المسؤولية، وليس من الضروري تلبية احتياجاته كافة، وهذا ليس هدفه الحرمان بل بهدف التنشئة الصحيحة.

التدليل الزائد يساوي الإهمال

     التدليل الزائد للأطفال مثله مثل الإهمال، ومن ثم هو بمنزلة إساءة للطفل مثل الإساءة بالإهمال؛ فالطفل المدلل غالبا ما يكون الطفل الوحيد، أو طفل ذوي احتياجات خاصة، أو الذي جاء بعد فقدان الأمل في الإنجاب، أو الولد الوحيد بين بنات، وقد يلجا الأبوان أيضا إلى أسلوب التدليل في التربية نتيجة فقدان سابق لأحد الأبناء، أو توالي حمل غير مكتمل للأم؛ ولذلك يُنصح بضرورة التعامل المعتدل أو التزام الوسطية في التعامل مع الأطفال.

أثر التدليل الزائد على أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة:

- الاعتماد على الأبوين من خلال إضعاف جانب تحمل المسؤولية للطفل؛ لأن طلباته كلها مجابة.

- الاستجابة لطلبات الطفل والخوف عليه من أي عقاب يجعله إنسانا غير طبيعي وغير سوي؛ فالحياة الطبيعية بها أشياء متاحة وأخرى غير متاحة، وأشياء تستطيع الحصول عليها وأشياء تسعى جاهدا من أجل تحقيقها.

- لا يرسم صورة حقيقية للواقع فالواقع به أشياء مقبولة وأخرى مرفوضة.

- تنعدم ثقته بنفسه نتيجة السعي إلى وده ورضاه وعدم تحمل بكائه، والخوف عليه من أي غضب.

- لا يستطيع تحمل مسؤوليته التي تناسب قدرات طفل ذوي احتياجات خاصة؛ لأنه اعتاد على أن يُخدم من الآخرين.

- الدلال الزائد يجعل شخصية الطفل اتكالية غير منجزة واعتمادية من الدرجة الأولى.

- تجعل الطفل عاجزاً عن الارتباط بأقرانه؛ لأنه يشعر بتشبع شديد من عاطفة الأسرة؛ فلا يميل إلى الآخرين، وهو ما ينمي في داخله الوحدة والانطواء.

- تحوّل الطفل المدلل إلى شخص غير قادر على التكيف الاجتماعي؛ لأنه دائماً يتوقع من أصحابه وأقرانه أن يستجيبوا لغروره وطلباته وخدمته، لذلك تجده غالباً وحيداً ودون أصدقاء حتى مع أصدقائه بمكان تأهيله.

- تسيطر على الطفل المدلل الأنانية وحب السيطرة على والديه وإخوته والعنف في تصرفاته معهم، لإحساسه بالتميز عنهم، فضلاً عن أنه لا يستطيع الاعتماد على نفسه أو مواجهة متاعب الحياة ومصاعبها.

أمثلة للدلال الزائد وكيفية التعامل معه:

- بكاء الطفل للحصول على شيء ما لا تعطيه، وإن واصل نوبته احرميه من غرض عزيز عليه مع اختلاف التدخل باختلاف الموقف.

- إن رمى الطفل بنفسه على الأرض من شدة الغضب ورفض النهوض، أرغميه على الوقوف والتوجه إلى مكان للعقاب إلى أن يقدم اعتذاره، وإن كان معاقا بأحد أطرافه اتركيه على الأرض إذا كان في وضع لا يؤذي نفسه.

- متى حاول طفلكِ تجاهل كلامكِ، عاقبيه فورا، واطلبي منه الاعتذار عن تصرفه والعودة عنه.

- في حال رفض طفلكِ مشاركة أحد الأشياء أو الألعاب مع إخوانه أو رفاقه، خذي الشيء المتنازع عليه وضعيه في مكانٍ لا يمكن الوصول إليه بسهولة.

- لا تتواني عن الثناء على تصرفات طفلكِ الحسنة ومعاقبته على التصرفات السيئة، والعقاب يكون بالحرمان وليس بالعنف الجسدي.

- لا تعطي طفلكِ الأشياء التي يرغب فيها ما لم يستحقّها.

- إن رفض طفلكِ تنظيف غرفته، اطلبي منه البقاء فيها إلى حين يقوم بالمهمة الموكلة إليه.

- كوني صارمة بشأن خلود طفلكِ إلى النوم في موعدٍ واحدٍ محدد من كل ليلة، وإن قاوم طلبكِ، أَظهري له بشتى الوسائل ألّا خيار أمامه سوى الطاعة.

- في كلّ مرة يُحسن فيها طفلكِ التصرف ويذعن لقواعدكِ وقراراتك، قدّمي له الألعاب والجوائز التقديرية.

أنواع لإهمال أطفال ذوي احتياجات خاصة:

الإهمال المجتمعي

- الإهمال بتوفير العلاج الطبي لحين تفاقم المرض الذي قد يتعرض له الطفل المعاق.

- عدم توفير الطعام في الوقت المناسب والكساء الكافي وبالتالي يتفاقم مرضه.

- الإهمال بتوفير علاج الحالة التي أدت إلى الإعاقة لدى الطفل، والإهمال بتوفير العلاج التأهيلي له.

- الإهمال بتوفير العلاج للمضاعفات الناتجة عن الإعاقة كتقرحات الفراش والالتهابات الرئوية أو البولية.

- الإهمال قد يكون على بعدم توفير المساعدة بتناول الطعام والشراب وما قد يتبع ذلك من سوء تغذية أو غصصٌ واختناق.

الإهمال الأسري

- رفض التدخل من قبل أفراد الأسرة أو الجيران أو الأقارب أو العاملين في القطاع الصحي أو القطاع الاجتماعي الذين يعرفون أن الطفل ذو الإعاقة يتعرض للعنف لكنهم لا يتدخلون بالإبلاغ أو المساعدة.

- عزل الطفل داخل منزله وفي بعض الأحيان داخل غرفة محددة، قد يكون بدافع الادعاء بحمايته من أية مخاطر خارج المنزل أو بسبب الوصمة الاجتماعية، وقد يستمر العزل في هذه الأماكن المغلقة لأيام أو أسابيع أو أشهر وفي بعض الحالات سنوات، دون أي تواصل مع المجتمع الخارجي وفي كثير من الأحيان دون تواصل مع أفراد الأسرة داخل المنزل، وقد لا يعرف الجيران أن هناك طفلا ذا إعاقة يسكن في المنزل.

- يتعرض الأطفال ذوو الإعاقة، ولاسيما الذين يعانون من فرط الحركة، للتربيط بالحبال أو السلاسل المعدنية للأسرَّة أو المقاعد، أو بواسطة لف أغطية الفراش والملابس عليهم، أو وضع لاصق على أيديهم أو أفواههم.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك