رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 11 مارس، 2013 0 تعليق

الفساد الأممي.. وإغاثة اللاجئين

 

كلما نزلت نازلة، وتأزمت أزمة، تتعاظم معها الحاجات الإنسانية، وما حدث ويحدث لإخواننا اللاجئين السوريين في مخيمات دول الجوار أمر يندى له الجبين، فالحاجات لا حدود لها، والمؤسسات الخيرية المحلية إمكاناتها متواضعة أمام حجم تلك المأساة، والمؤسسات الإغاثية الأممية التي تعمل بأموال تدفع من دول العالم ومنها دولنا العربية والإسلامية، في أحسن الأحوال ما يصل للمحتاج - حسب إحصاءاتهم- لا يتعدى 10٪، أما الـ90٪ فتستهلك مصاريف إدارية وفنادق وحفلات على حساب إغاثة الشعوب.

فحسب التقارير التي نشرت وتناقلتها وسائل إعلام وتابعها صحفيون مختصون كشفت حجم الفساد في تلك المؤسسات، فلا يصرف على الإغاثة والرعاية إلا جزء بسيط وفي بعض الأحيان لا يتعدى العُشر.

 

 

     وإغاثة إخواننا السوريين في مخيمات اللجوء كشفت واقعاً مريراً لتلك المؤسسات الأممية وآلية عملها ومخرجاتها المتواضعة أمام الموازنات العالية، وهذا ما شاهدته وسمعته من العاملين العرب في تلك المؤسسات خلال زيارتي قبل أيام لمخيمات اللاجئين السوريين في الأردن.

     وما زالت الانتقادات والمآخذ على حجم المصروفات الإدارية العالية في تلك المؤسسات، مقابل أداء ضعيف لا يكاد يرى في كثير من الأحيان. وقد شبه لي أحد العاملين في تلك المؤسسات حجم الفساد الذي لا يقل عن الفساد المستشري في بعض مؤسساتنا الحكومية في عالمنا العربي.

     حيث إن بعض تلك المؤسسات تقدم مساعدات غير صالحة للاستخدام بدءاً من مواد التنظيف التي تحوي مواد سامة وتسبب الأمراض الجلدية، ولم تسلم من ذلك حفاظات الأطفال التي سببت حساسية شديدة للأطفال؛ مما استدعى من الجهات الرسمية منع توزيع تلك المساعدات، وكذلك المواد الغذائية التي وصفها لي أحد المسؤولين الحكوميين بأن أغلبها غير صالح للاستخدام الآدمي والصالح منها من رديء وأصابه ما أصابه من سوء التخزين والنقل.

     ويتفاوت راتب المدراء العاملين في تلك المؤسسات بدءاً من 10 آلاف دولار، ويصل إلى 30 ألف دولار شهريا للمدراء الإقليمين، مع تمتعهم بامتيازات عديدة، من فنادق خمسة نجوم إلى سيارات فارهة، لساعات عمل لا تتعدى الأربع ساعات يومياً!!

     وبسؤالي الإخوة العاملين في المؤسسات الخيرية المحلية وكذلك الأممية عن أعمال تلك المؤسسات ومساعداتها ومخرجاتها أفادوني بأنه ليس لها أثر واضح في الساحة، نعم هي موجودة ولكنها ضعيفة إلى حد كبير، ووصفها أحدهم بالمسميات والفعل ضئيل.

ويمكنني أن ألخص ما شاهدته وسمعته عن واقع المساعدات الأممية للاجئين السوريين بالآتي:

حجم المساعدات لا يغطي الحاجة الفعلية، بل بعضها لا يمس الحاجة الحقيقية.

     والمساعدات في كثير من الأحيان تصل متأخرة، ودللوا على ذلك بوجبات الطعام، التي تصل في غير المواعيد المعتادة لها، وفي شهر رمضان كانت تصل بعد الغروب بساعة أو أكثر.

حجم الإنفاق الإداري والتشغيلي على موظفيهم من الأجانب عالية جداً.

     والعقود التي تبرم مع المؤسسات التجارية المحلية يشوبها الكثير من الشكوك؛ لأنها مبنية على المصالح والمنافع، ولا المناقصات والمنافسات؛ لذا تجد أسعار كوبونات المساعدات أعلى من سعرها السوقي بضعف أو ضعفين.

كذلك اعتماد الموظفين ليس مبنياً على الكفاءة.

 وفي كثير من الأحيان يكون عمل تلك المؤسسات توجيه وتحويل الحالات إلى الجمعيات الخيرية المحلية لتخفيف الأعباء عنها.

والعمل على الاستفادة من الجمعيات المحلية وأعمالها وكوادرها في تنفيذ المشاريع لصالحها، وكتابة التقارير والنشر الإعلامي من غير ذكر لتلك المؤسسات المحلية.

     وفي مقابلة مع الخبير البنكي والمدير المالي لمنظمة الإغاثة الدولية في اليمن إسكندر جعفر الذي عمل فيها لأكثر من14 شهراً، صرح بأن المنظمات الدولية دكاكين للارتزاق غير المشروع باسم الفقراء والنازحين في اليمن وتشكل خطراً على أمن الوطن، وأوضح أن الأمم المتحدة دعمت مشروعاً للتغذية ودفعت 5 ملايين دولار نقداً خصمت منها إدارة المنظمة في أمريكا مليونا و600 ألف دولار بدون وجه حق!! وأضاف أن المدير الأمريكي اشترى مولد كهرباء صيني بـ10500 دولار وخزانات مياه بزيادة ألف و30 دولاراً عن السعر الحقيقي للخزان الواحد، واستأجر 3 مخازن في عدن بـ18 ألف دولار ولم يوضع فيها شيء لمدة 6 أشهر.

     وأكد أن معظم المنظمات تحرص على أن تكون مقراتها الرئيسة في دولة وإدارتها المالية في دولة أخرى من أجل التهرب الضريبي وغسيل الأموال وتمول مخططات للفوضى والتخريب.

     وختم حديثه بتأكيده أن بعض المنظمات الدولية تؤدي أدواراً سياسية مشبوهة، والأخطر من ذلك أن منعت بعض المؤسسات الأممية والتابعة لبرامج الأمم المتحدة من عمل الرجال في مجال الإغاثة والرعاية في بعض الدول الأفريقية لتكرار فضائح الاغتصاب والزنى بفتيات صغيرات وحفلات فسق ومجون على حساب الإغاثة؛ ولهذا عندما نوقش الأمر في الأمم المتحدة اتخذت توصية بضرورة أن يكون العنصر النسائي هو من يعمل في هذا المجال في بعض الدول.

     لذا نتساءل: هل الشعوب المستهدفة تزداد فقراً أو توفر حاجاتها؟ إجابة لذلك التساؤل ألفت كتب كثيرة بهذا الخصوص، وخرجت بنتيجة أن العطاء محدود وإن كان فهو عطاء مصالح.

     لذا فالحرب على مؤسساتنا الخيرية مستمرة؛ لأنها بديل حضاري لمؤسسات الفساد حسب إحصائياتهم، فنسبة الفساد قليلة جداً إذا ما قورنت بغيرها من القطاعات في الدولة الواحدة، ومع ضعف مؤسساتنا الخيرية الإسلامية وضعف دخلها فإن الشفافية تفوق بعشرات الأضعاف واقع المؤسسات الأممية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك