رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: فلسطين - ميرفت عوف 13 فبراير، 2012 0 تعليق

«الفرقان» تتحدث للمسؤولين لتقف على الحقائق- لماذا سمح الاحتلال الصهيوني بدخول جنوده إلى المسجد الأقصى بالزي العسكري؟!

 

أُجبرت دولة الاحتلال بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 على حظر الصهاينة ومنع دخولهم إلى الحرم المقدسي، وبعد ثلاث سنوات من ذلك سمحت لهم بشرط عدم دخول جنودها أو أجهزة الأمن الصهيونية بالزي العسكري، وها هي ذي اليوم تُسهل عملية الدخول بل تجري التدريبات العسكرية بدافع السيطرة على المسجد الأقصى في الوقت الذي تراه مناسباً ولاسيما بعد تنفيذ تهديداتها بهدم جسر باب المغاربة الخشبي وإنشاء جسر فولاذي بإمكانه تيسير دخول المدرعاتالعسكرية.

       الشارع الفلسطيني والعربي والمسؤولون الغيورون على إسلامية المسجد الأقصى والمدينة المقدسة رفضوا الإجراءات الأخيرة وأكدوا أن ما تقوم به الحكومة الصهيونية يأتي في إطار خلق واقع جديد لتهويد المسجد الأقصى والمدينة المقدسة بأكملها وشددوا على أنهم مستمرون في مقاومة تلك المخططات للحفاظ على قدسية المدينة وإسلاميتها لكنهم طالبوا المجتمع العربي والإسلامي بالدعم والمناصرة.

       «الفرقان» تبحر في تفاصيل إجراءات الاحتلال الأخيرة بالسماح لجنودها بالدخول إلى المسجد الأقصى وساحاته بالزي العسكري وانعكاساتها ليس فقط للتجول وأداء الصلوات التلمودية وإنما للتدريبات العسكرية في إطار استعداداتها للهجوم والسيطرة على الأقصى في الوقت المناسب.

       الشيخ د.عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى، أكد أن دخول قوات الاحتلال الصهيوني ساحات المسجد الأقصى المبارك مدججين بالأسلحة ومرتدين زيهم العسكري، هو مَس بحرمته واستفزاز لمشاعر المسلمين، معلناً رفضه لتلك التجاوزات وعدم الإقرار بها مهما حاول الاحتلال إظهارها على أنها أمر واقع، وبيَّن في حديثه لـ»الفرقان» أن كل ما تقوم به قوات الاحتلال في إطار تغذية مطامعها بالمسجد الأقصى والتي بدأت منذ العام1967، ولم تتوقف قط، حتى كان آخرها مناقشة قرار الكنيست باعتبار القدس عاصمة للشعب اليهودي، لافتاً إلى أن الاحتلال عمد على مدار سنوات احتلاله للمدينة المقدسة إلى إضفاء الصفة الدينية ملامحها وطمس معالمها الإسلامية وتهويدها سعياً منه لتحقيق أسطورة يهودية الدولة، موضحاً أنه أقام كنساً جديدة وأوهم العالم بأنها آثار قديمة، وكشف الشيخ د. صبري أن القدس على مر العصور قد خلت من قباب لليهود إلا قبة كنيس الخراب التي استحدث بناؤها خلال العامين الماضيين لتضاهي قبة المسجد الأقصى مشيراً إلى أنها بُنيت بطلب من مسئولين في اللوبي الصهيوني في الخارج لتضاهي كنائس ومساجد المسيحيين والمسلمين في المدينة المقدسة ويثبتوا زعمهم بأن لهم تراثاً وآثاراً سابقة، وأضاف قائلاً:» هذا محض كذب وافتراء يراد به باطل فليس في القدس من تراث أو آثار لليهود والكنس التي يدعون وجودها هي بيوت سكن لمقدسيين استولوا عليها وحولوها كنساً».

       وانتقد الشيخ د. صبري صمت العالمين العربي والإسلامي حيال مخططات الاحتلال وانتهاكاتهم بحق المدينة المقدسة والآثار الإسلامية فيها بإظهارها عاصمة لجميع اليهود في العالم أينما كانوا وحلوا، متسائلاً لماذا لم يرد العرب والمسلمون بالمطالبة بالقدس عاصمة للأمة الإسلامية؟ ولماذا دائماً يوجد من يؤيد الاحتلال من المجتمع الدولي بينما يتوارى التأييد إذا كانت المطالبة من أصحاب الحق والأرض؟! قائلاً:»نحن نشعر بالخطورة لهذه المدينة وللمقدسات بشكل عام وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك وأن الأطماع اليهودية مستمرة ولا تتوقف»، داعياً الحكومات والأنظمة العربية والإسلامية للتنبه لما يدور في مدينة القدس مؤكداً أنها إرث حضاري وتاريخي وإسلامي ليس لأهل فلسطين وحدهم، بل لجميع المسلمين في أرجاء المعمورة شأنها شأن المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة.

فرض أمر واقع

       ويرى الشيخ د. صبري أن إصرار الاحتلال الصهيوني إدخال جنوده بالزي العسكري بين الفينة والأخرى فضلاً عن سماحه للجماعات اليهودية المتطرفة بالصلاة في ساحاته هو من باب فرض أمر واقع ليتقبل المسلمون هذا الإجراء ومن ثمَّ يعمدوا بتنفيذ خطوة من شأنها أن تحكم السيطرة أكثر على المسجد الأقصى، مدللاً على حديثه بأن الاحتلال عمد إلى خطوة جديدة بالعبث بباب المغاربة وبات يهدد بهدم الجسر الخشبي وإقامة جسر فولاذي معلق يهدف من خلاله إلى تسهيل عملية دخول آليات عسكرية إلى عمق المسجد الأقصى وإحكام السيطرة عليه في أي وقت، وفي ظل كل المعطيات الخطيرة والإجراءات الحثيثة طالب الشيخ د. عكرمة صبري العالم العربي والإسلامي بأن يقف عند مسؤولياته الدينية تجاه المدينة المقدسة وأهلها بتقديم العون المادي والمعنوي لهم الذي يسهم في تثبيتهم في أرضهم ويحفظ لهم تاريخهم وتراثهم الحضاري والإنساني، قائلاً:»هذه مسؤولية دينية وليس من قبيل المنة، بل واجب عليهم دعم صمود المقدسيين بل والتكاثف من أجل إنهاء الاحتلال عن المدينة».

للنيل من المسجد الأقصى

       أحمد الرويضي مسئول ملف القدس ومستشار ديوان الرئاسة الفلسطينية، يؤكد أن ما تقوم به دولة الاحتلال من تسهيل دخول الجماعات الاستيطانية للمسجد الأقصى، فضلاً عن السماح بإجراء تدريبات عسكرية في ساحاته وعلى جدرانه ودخول قوات الشرطة الصهيونية على شكل دوريات إما تابعة للجيش أو أجهزة الأمن المختلفة، ناهيك عن المشاريع الاستيطانية التي تدور في البلدة القديمة ومحيطها من تنفيذ مشاريع الحدائق التوراتية وأخيراً مخطط هدم جسر باب المغاربة الخشبي وإقامة جسر فولاذي معلق، تستهدف في النهاية المسجد الأقصى المبارك، وأشار في حديثه لـ»الفرقان» إلى «أن الاحتلال يسعي لأن يكون وضع المسجد الأقصى مشابهاً لوضع الحرم الإبراهيمي في الخليل بالمرحلة الأولى» لافتاً إلى أن ذلك لن يكون سهلاً على الاحتلال والأسباب وفق قوله لنا لا تعدو وجود حالة من المواجهة السياسية بين الاحتلال والقيادة الفلسطينية من جهة ومعارضة من القيادتين الأردنية باعتبارها المسؤول في المعاهدات الدولية عن الآثار الإسلامية في القدس والقيادة المصرية التي باتت مؤخراً وسيطاً فعالاً في القضية الفلسطينية بجميع جوانبها، وشدد الرويضي أن الهيئات الشعبية والدينية لن تسمح بنفي الهوية الإسلامية والحضارية عن المسجد الأقصى وتهويده حتى إن كان الاحتلال هو من يتصرف في الموضوع الأمني بالمدينة المقدسة قائلاً:»هناك تحد وإصرار من قبل المقدسيين على عدم نزع هوية القدس الدينية الإسلامية».

عضوية اليونسكو قد تمنع

       وعلى الرغم من اعتراف الرويضي بأن الأطراف الدولية كافة مقصرة بحق مدينة القدس كونها جزءاً من التراث العالمي إلا أنه يُعول قليلاً على حصول فلسطين على العضوية الكاملة في منظمة اليونسكو التي تُعنى بحماية التراث الثقافي والإنساني في القدس، مؤكداً أنها اتخذت قراراً بإرسال لجنة تحقيق بخصوص ما يجري في القدس من انتهاكات للوقف الإسلامي ولاسيما باب المغاربة الذي هددت دولة الاحتلال بإزالته وإنشاء جسر فولاذي معلق، مطالباً المؤسسة الدولية بتفعيل دورها للانتصار لقضية القدس، وفي هذا السياق يُقر «الرويضي» أن تفعيل دور اليونسكو في موضوع مدينة القدس باعتبارها تراثاً عالمياً بحاجة إلى دعم وتأييد ومناصرة من الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي بما يحقق الضغط باتجاه إنصاف القدس والمحافظة على هويتها الإسلامية وتراثها وإرثها الحضاري.

تدريبات تمكنهم من السيطرة

       فيما ترى الإعلامية المقدسية (ديالا جويحان) أن الهدف من دخول قوات الاحتلال بزيهم العسكري في ساحات ومحيط المسجد الأقصى التدريب وليكونوا أعرف بكل مداخل ومخارج المسجد الأقصى ليتمكنوا من السيطرة عند وجود اشتباكات أو هجوم، وبيَّنت جويحان في حديثها لـ»الفرقان» أن قوات الاحتلال أجرت تدريبات مشابهة في حدود المسجد الأقصى وتحديداً على جدرانه من جهة حائط البراق قبل عام ونصف العام تقريباً، مؤكدة أن تلك التدريبات تستمر ما دامت منطقة القدس منطقة حرب فيجرون تدريبات للهجوم، وأضافت أن اختيارهم للأماكن المرتفعة التي تشكل خطراً من وجهة نظرهم كساحات وأزقة وقباب الأقصى يأتي في إطار المعرفة والاستعداد لأي تطور طارئ بهدف السيطرة على الأوضاع بأسرع وقت ممكن، واستكملت بأنهم طالما استخدموا جدران المسجد الأقصى للتسلق في حالات الهجوم على المتحصنين به.

ظاهرة خطيرة

       ورأت (جويحان) أن دخول قوات الاحتلال لساحات المسجد الأقصى استعداداً للهجوم والسيطرة من أخطر الظواهر الصهيونية التي تمس بحرمة المسجد الأقصى وقدسيته، ولاسيما في ظل التهديدات والإجراءات المتصاعدة للنيل من مساحته الكاملة باستمرار فتح الأنفاق والحفريات التي تنخر في عضده، قائلة:»هي خطة ممنهجة ومتكاملة من أجل السيطرة على أحياء البلدة القديمة والمسجد الأقصى المبارك بما يحقق لهم وضع الهيكل المزعوم بدلاً منه»، وبيَّنت (جويحان) أن ما يثير الغرابة في تلك الممارسات أن الهيكل المزعوم موجود على أحد البؤر الاستيطانية داخل البلدة وعلى سطح أعلى مبنى بحيث تُضاهي قبته قبة الصخرة والمسجد الأقصى وساحة البراق للتأكيد على وجود إرث حضاري وآثار تاريخية تحقق أكاذيبهم المزعومة، مؤكدة أن دولة الاحتلال زيادة في ممارستها تسمح للجماعات اليهودية بالدخول إلى البلدة القديمة لتأدية الصلوات التلمودية أمام مجسم الهيكل المزعوم والذي وضعته باتجاه المسجد الأقصى المبارك.

استفزاز يقابله عجز وصمت

       وعلى الرغم من حالة الغليان التي تنتاب مشاعر المسلمين بمجرد سماعهم عن انتهاكات وممارسات تهويدية بالقدس والمسجد الأقصى لإظهارها للعالم بالثوب اليهودي الديني بما يحقق أهداف الكيان بيهودية الدولة، إلا أن ذلك لا يحملهم على الفعل الجاد والضغط من أجل إنهاء هذه الحالة، بل كثيراً ما يتملك العجز أفعالهم وتبقى حناجرهم مجلجلة بالتنديد والاستنكار.

       وفي هذا السياق تؤكد (جويحان) أن المقدسيين وفلسطينيي الأراضي المحتلة عام 48 وحدهم من يتصدون لهجمات الاستيطان وحملات التهويد التي تمارسها دولة الاحتلال بحق كل شبر بالبلدة القديمة، مؤكدة أنهم يتعرضون لجميع سبل الانتهاكات بدءاً من الاعتقال وانتهاءً بالإبعاد عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة، قائلة:»نعم يواجهون ذلك دون أي تدخل من أي زعيم عربي لإيقاف التهويد بحق قدسية المدينة ومسرى الحبيب المصطفى محمد[«، وأشارت إلى أن العديد من نداءات الاستغاثة أُطلقت وتطلق باستمرار لكل الأمة الإسلامية ولكن يرتد رجع الصدى إليها خائباً والأسباب كما تشرحها (جويحان) مصالح سياسية ومادية لا يملكون وقفها من أجل مسجد أو مدينة، وترفض (جويحان) التسويغ للعرب والمسلمين بأن الثورات شغلتهم وجعلتهم يبدون مقصرين قليلاً، موضحة أن المسجد الأقصى يصرخ ويستغيث منذ سنوات طوال الأمة العربية والإسلامية من أجل الحفاظ عليه والدفاع عنه وتحريره من براثن الاحتلال وانتهاكات المستوطنين إلا أن أحداً لم يحرك ساكناً ، وطالبت (جويحان) الشعب المسلم كله أينما حل وكان ضمن الحدود الجغرافية أن يتوحدوا ويتكاثفوا من أجل الحفاظ على ما تبقى من المدينة المقدسة وهي المسجد الأقصى المبارك، وأن يبتعدوا عن جميع الخلافات الحزبية والفصائلية فتكون الكلمة الوحيدة هي الحفاظ على المسجد الأقصى قائلة: إذا لم يوحدنا المسجد الأقصى المبارك والقدس فما الذي يوحدنا بوصفنا أبناء شعب واحد؟!

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك