رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 30 يناير، 2012 0 تعليق

الفائدة.. من تذكر الموت

 

        بعث لي أخي كلمات (ستيف جوبز) قبل وفاته... والتي يمكن ترجمتها «أن أتذكر أنني سأموت قريباً كان أهم أداة على الإطلاق حصلت عليها لمساعدتي على اتخاذ قراراتي الكبرى لأنه تقريباً كل شيء: كل التوقعات، كل الزهو والفخر، كل الخوف من الإحراج أو الفشل.. كل هذه الأشياء تبخرت أمام حقيقة الموت... ولم يبق إلا ما هو مهم بالحقيقة.. أن تتذكر أنك ستموت أفضل طريقة عرفتها أنا لتجنب السقوط في الخوف من أن تفقد شيئاً».

وصلتني هذه الكلمات عبر البريد الإلكتروني.. فما كان مني إلا أن أجبته:

-  كلمات فيها الكثير من الحكمة.. وليته كان يعلم أن الموت ليس نهاية الإنسان.. لكان عمل لأجل تلك الحياة أكثر مما عمل في حياته هذه.

هاتفني صاحبي.. لنكمل الحوار:

- هذا رجل نصراني.. أو ربما لم يؤمن بشيء.. وكما وصفه كثيرون «لقد أحدث تغييراً في العالم أجمع».. فما بالك بمن يؤمن يقيناً أنه سيموت.. ثم يبعث.. ثم يحاسب.. ثم يجازى؟! لا شك أن هذه العقيدة تدفع العاقل أن يكون إنساناً مثالياً في حياته هذه..  أن يكون «مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر» أن يكون مصلحاً.. بعد كونه صالحاً.. يميط الأذى عن الطريق.. ويصلح بين الناس.. ويدعو إلى توحيد الله عز وجل.. ولذلك أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم  إلى زيارة القبور.. لأننا في زحمة الحياة ننسى.. الموت.. «إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها فإنها تذكركم الموت» مسلم.

سكّت ليعلق صاحبي..

-  بالنسبة لي الموت يجعلني أزهد في الدنيا.. لقد جمعنا من الدنيا ما لا نحتاج له..  بنينا ما لا نسكن.. واشترينا ما لا نركب.. واقتنينا ما لا نستعمل.. وذلك لكثرة ما منَّ الله به علينا من المال.. حتى أصبح الأمر.. أننا كلما اشتهينا شيئاً عملناه..  ربما.. قررنا ألا نقضي ليلة في بيوتنا.. فنذهب إلى أرقى الفنادق عطلة نهاية الأسبوع في إحدى الدول القريبة أو البعيدة.. هكذا لمجرد التغيير.. فعندما أتذكر الموت تصبح كل هذه الأشياء لا قيمة لها.. حتى الثياب الغالية والمراكب الفارهة.. لماذا كل هذا.. ونحن سريعاً سنتركه.. ونغادر إلى.. تحت التراب.. عالم لا قيمة فيه لشيء إلا «العمل الصالح»؟!

- ولكن لا بأس أن يتمتع المرء بخير الدنيا الحلال.

- أعلم ذلك.. ولكن الأمر أصبح كله تمتعا.. لا مجرد أوقات محدودة وساعات معدودة.. أظن أننا بحاجة إلى تذكر الموت على الدوام حتى لا نفوت صلاة جماعة لأجل اجتماع.. ولا نفوت قراءة حزب كل ليلة لأجل إرهاق العمل.. ولا نفوت الإحسان إلى الآخرين بحجة انشغالنا وعدم درايتنا بهم.

- لا أتفق معك.. لا نريد أن ننغص حياتنا.. تعرف حديث النبي   صلى الله عليه وسلم   عندما خاطبه الصحابة..  يشكون تغير أحوالهم الإيمانية عندما يكونون معه وبعد أن ينشغلوا بالأهل والأولاد..  ماذا قال لهم رسول الله   صلى الله عليه وسلم  ؟..« والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة. ثلاث مرات» صحيح مسلم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك