رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 1 يوليو، 2014 0 تعليق

الغني الحليم


- (الحليم) الذي لا يعاجل المذنبين المستحقين للعقوبة بعقابهم، بل يؤجل مع قدرته عليهم في جميع الأحوال والأوقات.

- كم مرة ورد اسم الله (الحليم) في كتاب الله؟!

- ورد اسم الله (الحليم) إحدى عشرة مرة في كتاب الله، اقترن بـ(الغفور) ست مرات، أتى أربع مرات بعده (الغفور الحليم)، ومرتين قبله (الحليم الغفور)، واقترن بـ(العليم) ثلاث مرات، أتى بعده (عليم حليم)، واقترن مرة بـ(الشكور) أتى بعده (شكور حليم) واقترن مرة واحدة بـ(الغني) وأتى بعده في الآية (263) من سورة البقرة: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ}.

- وماذا عن معنى (الحليم) في اللغة؟

كنا نتحدث في لقائنا نصف الشهري، انتهزت فرصة تأخر بعض الأقرباء لأبين للحضور جانبا من الأسماء الحسنى؛ لأن معظم الأحاديث تدور حول الرياضة والسياسة والأخبار المتداولة في وسائل الاتصال.

- (الحليم) هو من اتصف بـ(الحلم) الذي هو التأني وعدم التعجل ومعالجة الأمور بحكمة وصبر.

يقول ابن القيم رحمه الله: «تجد أنه لولا حلمه عن الجناة ومغفرته للعصاة، لما استقرت السموات والأرض، وقد أخبر سبحانه عن كفر بعض عباده أنه تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال».

- هذه الآية من سورة البقرة تناولت قضية (الإحسان في الصدقة).

- نعم، وهنا ينبغي التنبيه إلى أنك إذا قرأت في آية اسم الله (الحليم) فإن هناك من يستحق العقوبة، ولكن الله لا يعاجله بها.

وفي هذه الآية، يشرح ابن القيم فيقول في (طريق الهجرتين):

ثم قال تعالى: {قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد} فأخبر أن القول المعروف وهو الذي تعرفه القلوب ولا تنكره، والمغفرة وهي العفو عمن أساء إليك خير من الصدقة بالأذى، فالقول المعروف إحسان وصدقة بالقول، والمغفرة إحسان بترك المؤاخذة والمقابلة، فهما نوعان من أنواع الإحسان، والصدقة المقرونة بالأذى حسنة مقرونة بما يبطلها، ولا ريب أن حسنتين خير من حسنة باطلة، ويدخل في المغفرة مغفرته للسائل إذا وجد منه بعض الجفوة والأذى له بسبب رده فيكون عفوه عنه خيرا من أن يتصدق عليه ويؤذيه، هذا على المشهور من القولين في الآية والقول الثاني أن المغفرة من الله أي مغفرة لكم من الله بسب القول المعروف والرد الجميل خير من صدقة يتبعها أذى.

والمعنى أن قول المعروف له والتجاوز والعفو خير لك من أن تتصدق عليه وتؤذيه، ثم ختم الآية بصفتين مناسبتين لما تضمنته، فقال: {والله غني حميد}، وفيه معنيان أحدهما أن الله غني عنكم لن يناله شيء من صدقاتكم، وإنما الحظ الأوفر لكم في الصدقة؛ فنفعها عائد عليكم لا إليه سبحانه وتعالى، فكيف يمن بنفقته ويؤذي مع غنى الله التام عنها وعن كل ما سواه، ومع هذا فهو حليم؛ إذ لم يعاجل المان بالعقوبة، وفي ضمن هذا الوعيد والتحذير، والمعنى الثاني أنه -سبحانه وتعالى- مع غناه التام من كل وجه، فهو الموصوف بالحلم والتجاوز والصفح مع عطائه الواسع وصدقاته العميمة، فكيف يؤذي أحدكم بمنه وأذاه مع قلة ما يعطي ونزارته وفقره.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك