رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: علي صالح طمبل 16 مارس، 2015 0 تعليق

الغش في الامتحانات: مقدمات ونتائج

في إحدى ضواحي العاصمة انتظم طابور طويل أمام محل لتصوير المستندات، بينما وقف شرطي لينظم هذا الطابور المصطف من الطلاب والطالبات!

     حتى هذه اللحظة قد يبدو للمارّ أن الأمر لا غرابة فيه ما دام موسم الامتحانات قد اقترب؛ إذ يقبل الطلاب والطالبات في العادة على نسخ المقررات الدراسية وامتحانات السنوات الماضية، لكن الذي يقترب من محل تصوير المستندات يكتشف أن الأمر مختلف تماماً، وإذا قدِّر له أن يطلع على ما يخرج به أحد الطلاب أو الطالبات من المحل فستُلجمه المفاجأة!؛ إذ إن الأمر يتعلق بتصوير الكتب والمقررات الدراسية في حجم صغير للغاية، فقد يُصوَّر كتاب كامل في حجم أصغر من حجم الكف؛ ليساعد الطالب أو الطالبة على الغش في الامتحان دون أن ينتبه إليه المراقبون!

والمؤسف أن هذا الأمر يحدث جهاراً في وضح النهار، وأن ذلك الشرطي لم يحضر ليمنع هذا الغش الواضح لكونه مخالفاً للقانون، بل جاء لينظمه ويمنحه الصبغة القانونية!

     وحين اقتربت الامتحانات ذهبت إحدى الطالبات إلى ترزي ليفصِّل لها بنطالاً مليئاً بالجيوب؛ حتى تملأها بالبخرات (الأوراق المغشوشة) التي تساعدها على تحقيق النجاح في امتحانٍ لم تسهر من أجله الليالي! وتكتشف المراقبة أن إحدى الطالبات قد كتبت (بخرات) في المناديل التي تحملها.

ويطلب طالب الدخول إلى الحمام؛ ليتصل بآخر، أو يُخرِج (البخرات) التي خبّأها في طيّات ملابسه!

وهكذا في كل جلسة امتحان يكتشف المراقبون كثيراً من حالات الغش والنظر في أوراق الآخرين، أو محاولة تبادل البخرات!

     والمؤسف أن معظم الطلاب والطالبات -إن لم يكن كلهم - قد درسوا في مرحلة الأساس حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام مسلم رحمه الله: «من غشنا فليس منا»! فأين يكمن الخلل يا تُرى؟!

     إن الغش في الامتحانات لا يعني نوعاً من الذكاء أو (الفهلوة) كما يظنه بعض الناس، بل يمثل في حقيقته إغفالاً للرقابة الإلهية، حين يحذر الطالب – أو الطالبة – من نظر المراقب، ولا يأبه لنظر الخالق -عزّ وجلَ- فيجعله أهون الناظرين إليه، وهو الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ونظره إليه أسرع من نظر مراقب يستخفي منه ولا يستخفي من الله!

      كما أن في الغش سرقة لجهود الآخرين؛ لكسل الغاش وخموله وضعف همته، فتكون النتيجة أن يحصل على درجات لا يستحقها، فيتقلد مناصب ليس أهلاً لها، ويكون راتبه حراماً عليه؛ وقد يخون الأمانة؛ فيسرق ويختلس ويستولي على المال العام؛ وقد لا يتقن مهنته أو صنعته، ولا يراعي حق الله ولا حق العباد فيها؛ وما ذلك إلا لأنه بدأ حياته بالغش!

     كما أن بعض الطلاب والطالبات لا يكتفي بالغش في الامتحانات، بل يجاهر بذلك حين يحكي لزملائه ومعارفه ما فعل! وربما لا يعلم المسكين أن المجاهرة بالذنب تحول دون مغفرته كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم .

ولكن لحكمة الله أن أغلب الراسبين في الامتحانات والفاشلين في حياتهم هم الذين يغشون في الامتحانات، فسبحان الله الذي لا يظلم أحداً!

     الحل هو تعزيز رقابة الله -عزّ وجل- في النفوس منذ الصغر، وترسيخ الإيمان في قلوب الناشئة وغيرهم بأن نظر الله إليهم أسرع من نظر المراقب، وأن عقوبته في الدنيا والآخرة أعظم من عقوبة البشر، وهذه مهمة العلماء والمصلحين والدعاة والمربين وأهل الخير.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك