رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 13 أبريل، 2015 0 تعليق

الغايــة مـن الجهــاد

     الجهاد له أحكام وشروط وضوابط وآداب لا بد من الالتزام بها وعدم الاعتداء أو التهاون بها لتحقيق العبودية في الأرض، والجهاد ماض في شريعتنا لا للسيطرة على الأراضي وإذلال الشعوب، ولا لنهب الثروات، ولا ليحمل الخلق على الدخول كراهية فيه، ولكنه شرع لغايات يمكن رصدها من خلال استقراء العلماء ومتابعتهم إلى الآتي:

1- أن يكون الدين كله لله تبارك وتعالى، وتعلو كلمة الله سبحانه، قال تعالى: {حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ }(البقرة:193)، وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه ، أنه قال لجنود كسرى يوم نهاوند: «أمرنا نبينا ورسول ربنا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية» (رواه البخاري).

2- لضمان حرية الدعوة، ونشر الهداية بين الناس وإزالة العثرات والعقبات في طريقها، قال تعالى: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} (النساء:90).

3- لتمكين الدولة المسلمة أن تراعي حقوق الله عز وجل وتحافظ على مصالح العباد، قال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (الحج:41). وقال ربعي بن عامر رضي الله عنه : «ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام».

4- توسيع مكاسب الدولة وزيادة مواردها والقضاء على الفقر والمرض بالغنائم التي أحلت لهذه الأمة دون غيرها، وإما بالجزية حال الصلح.

5- ليصطفي الله جل جلاله من يشاء من عباده ويكرمهم بالشهادة في سبيله ابتغاء مرضاته، قال تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ } (التوبة:52).

6- فيه رد الحقوق لأصحابها: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يقولوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلولا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج:40).

7- للدفاع ورد العدوان عن الحلفاء من المسلمين ومن معهم عهود ومواثيق على التناصر، كما أخذ النبي رضي الله عنه  على نفسه أن يدافع عن يهود المدينة، وما عقده مع بني ضمرة حين وادع مخشي بن عمرو الضمري بين غزوة الأوباء، وكذلك مع خزاعة بعد  صلح الحديبية.

8- لرفع الظلم عن المؤمنين المستضعفين، كما قال تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ﴿٧٥﴾} (النساء:75).

9- لصد عدوان مستقبلي أو تهديد حاصل لمصالح الدول المسلمة، ومن ذلك ما فعله صلى الله عليه وسلم  مع بني المصطلق فقد بلغه أنهم يجمعون له فلما سمع بهم خرج إليهم حتى لقيهم، وقتل من قتل منهم.

10- فيه نصر لله عز وجل ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما شرع من مبادئ الحق والعدل.. {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } (التوبة:40).

11- لطلب الآخرة، قال تعالى: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ۚ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء:74).

12- لرفعة درجات المجاهدين وزيادة في حسناتهم وأعمالهم الصالحة، قال تعالى: { ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿١٢٠﴾وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ   } (التوبة:120-121).

13- فيه مقاومة الكفر وأهله ودرء لشرهم وقذف الرعب والخوف في قلوبهم وإظهار الغلظة عليهم، قال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (13) ذَٰلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ} (الأنفال:13-14).

14- لضرب الخزي على الكفار، وتشفية صدور المؤمنين وإذهاب غيظ قلوبهم، قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} (التوبة:14).

15- لتحجيم دوائر الكفر والمعاصي.

16- لتشريد المنافقين وإذلالهم، وكبح لجماح السوء عندهم، قال تعالى: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} (الأنفال:57)، ولما سيّر أبو بكر الصديق رضي الله عنه جيش أسامة إلى الشام، أرعب المنافقين والمرتدين وكان عددهم سبعمائة رجل.

17- لضمان حق الناس في التدين، والحفاظ على دور عبادتهم، وممارسة شعائرهم الصحيحة، قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } (الحج:40).

18- في الجهاد نصر لمن طلب النصرة، وهذا حق المسلم على أخيه، قال تعالى: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} (الأنفال:72).

وهذه جملة غايات الجهاد التي تلتمس من النصوص الصحيحة والصريحة، وإن كان بعضها يدخل في بعض، ويؤيد بعضها بعضا..

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك