رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 29 أبريل، 2014 0 تعليق

العلي الحكيم

- إن دراسة الأسماء الحسنى وتدبرها وشرحها وإحصاءها من أنفع ما يقضي به المرء عمره، فهو علم لا ينتهي، وإيمان يتجدد، وذكر لمن أراد أن يتذكر.

- لا شك في ذلك فإن شرف العلم من شرف المعلوم، ولقد اطلعت مؤخرا على كتاب قيم للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر، عنوانه (فقه الأسماء الحسنى)، قسم الأسماء الحسنى إلى:

1- الأسماء الدالة على صفة ذاتية، مثل: (الحي).

2- الأسماء الدالة على صفة فعلية، مثل: (الخالق).

3- الأسماء الدالة على التنزيه والتقديس، مثل: (القدوس).

4- الأسماء الدالة على جملة أوصاف عديدة، مثل: (الحميد).

- تقسيم جميل، يسهل على المرء معرفة المعاني المرادة من أسماء الله الحسنى.

كنت وصاحبي نتحاور في مكتبة المسجد، وما هي إلا خزانتين خشبيتين بواجهة زجاجية، وطاولة مستطيلة تسعة أو  ستة كراسي، وضعت في الزاوية اليسرى في آخر المسجد.

- وماذا عن اسم الله (العلي)؟

واسم صاحبي (علي).

- (العلي) من الأسماء الحسنى التي يمكن أن نصنفها في القسم الأول فهو اسم دال على صفة (العلو) لله عز وجل، علو المكانة وعلو المكان وعلو الذات -سبحانه وتعالى- فهو سبحانه (العلي) في كل شيء، ورد اسم الله (العلي) ثماني مرات في كتاب الله، واقترن بـ(الكبير) خمس مرات، وبـ(العظيم) مرتين، وبـ(الحكيم) مرة واحدة.

- ماذا عن اقتران (العلي) بـ(الحكيم) في أي سورة؟

- في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (الشورى:51).

     وكما في جميع آي الكتاب، لو تدبرنا عرفنا مناسبة ختم الآية بهذين الاسمين من الأسماء الحسنى، ففي التفسير: «ختم الله عز وجل هذه الآية بـ(علي حكيم) لمناسبتهما للغرض لأن (العلو) في صفة الله (علو) مكان ومكانة وعلو ذات وعظمة، فاقتضى هذا العلو المطلق لله أن يكون وحيه بواسطة رسل (الملائكة) أو من وراء حجاب وما يوحي به إنما يكون بحكمة وفيه وضع كل شيء في مكانه، فالوحي من (الحكيم) سبحانه وتعالى.

فالآية تناولت طريقة الوحي، ومضمون الوحي؛ فهو وحي بواسطة الملائكة؛ لأنه من (العلي) وهو أحكم ما يمكن أن يوحى به فهو من عند (الحكيم)، وقدم (العلي) على (الحكيم)؛ لأن الأول دال على الذات، والثاني دال على ما يأتي من عنده سبحانه.

عقب صاحبي:

- وهذا يناسب أن الله لا يُرى في الدنيا؛ لأنه عز وجل (علي) الذات والمكانة والعظمة، فيكون وحيه بواسطة الرسل، أو بالوحي في أنفس الأنبياء والرسل (من وراء حجاب)، و(حكيم) بمعنى (الحكمة) كما قلت أو أنه سبحانه (الحكم) ألا يراه أحد مواجهة ولا يكلم أحدا مواجهة في الدنيا.

أعجبني كلام صاحبي وذلك لأنه يطلع على كل ما يكتب من خلال الحاسوب، وعلاقته بالحاسوب أكثر مني بكثير.

- إن اقتران الاسمين (العلي الحكيم) يقذف في قلب العبد الانقياد لكل ما جاء من عند الله فهو سبحانه في علوه المطلق أنزل الشرائع بالحكمة، لما فيه خير العباد، وجعل الملائكة رسلا لأنبيائه ورسله، وجعل رسله وأنبياءه واسطة بينه وبين خلقه، يبنون لهم مراده، وينذرون، ويبشرون، وإلاّ فإنه سبحانه لا تنفعه طاعة الصالحين، ولا معصية المجرمين، ولكنه خلق الخلق، وأمرهم بما فيه خيرهم في الدنيا، وفوزهم يوم القيامة، فسبحانه هو (العلي الحكيم).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك