رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 3 سبتمبر، 2013 0 تعليق

العفوّ الغفور

     عندما سألت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هي أدركت ليلة القدر ماذا تقول؟ فقال لها رسول الله [: «قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه الألباني.

     وورد «العفوّ» في كتاب الله خمس مرات، اقترن بـ«الغفور» أربع مرات، وبـ«القدير» مرة واحدة، ويكون الأول من الاسمين دائما، ومن ذلك: {فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا}(النساء:99).

{إن تبدوا خيراً أو تخفوه أو تعفو عن سوء فإن الله كان عفواً قديراً} (النساء:149).

{ذَٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} (الحج:60).

     {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ۖ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ} (المجادلة:2).

كنت وصاحبي وفق برنامجنا الرمضاني نبحث في الحاسوب عن الأسماء الحسنى التي اقترنت، بدأ البحث صاحبي.

- أظن أن نبحث عن المعنى اللغوي لنعرف الفرق بين «العفو» و«المغفرة».. فقد عرفنا أن «غفر» بمعنى «غطى»، و«عفا»!

وفي أقل من دقيقة كان صاحبي قد بحث في «تاج العروس» و«لسان العرب» و«القاموس المحيط» و«مختار الصحاح».

- هات ما عندك.

- «العفوّ» على وزن فعول «للمبالغة» وهو التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه وأصله المحو والطمس، مأخوذ من عفت الرياح الآثار إذا درستها ومحتها.

- إذاً «العفو».. أفضل من «المغفرة»؟!

- نعم «العفو» محو الذنب.. وقال بعضهم يمحو الله الذنب من سجل السيئات، فلا يبقى له أثر، ويمحوه من ذاكرة العبد فلا يكون له وجود مطلقا بعد «عفو» الله، أما «المغفرة» فإنها تغطية للذنب مع وجوده، والله لا يحاسب على ذنب غفره، ولذلك أتى ترتيب الاسمين «لعفوّ غفور»، فمن لم ينل «العفو».. نال «المغفرة»، وإلا فالمطلب الأول العفو.

- جميل، وماذا عن الآيات التي ذكر الله فيها «العفو»؟!

- هذا الاسم لله عزّ وجلّ «العفوّ» من الأسماء التي ينبغي للعبد أن يدعو بها دائما ويتخلق بها، وذلك أن الله رغب بالعفو وحث عليه.

     {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (البقرة:237). {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (التغابن:14).

{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الأعراف:199).

     {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة:109).

     «والعفو» لا يكون إلا مع القدرة على العقاب، بمعنى أنك لا تعد «عافيا» عن خصمك إلا بعد أن تتمكن منه، ويصبح مصيره بيدك، ثم «تعفو» ولا تعاقب، وتمحو الذنب عن نفسك، ولذلك اقترن اسم «العفوّ» لله سبحانه مع «القدير» في الآية 149 من سورة النساء: {فإن الله كان عفواً قديراً}، نسأل الله «العفوّ» أن يعفو عنا في ليالي رمضان المباركة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك