رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 29 يونيو، 2015 0 تعليق

العصبيـة الجاهليـة

العصبية مرض اجتماعي خطير ومستطير؛ فتجد بعض الناس يدافع عن أخطاء تصدر من بعض أقربائه بغير حق، فيسوغ هذه الأخطاء، ولا يسمح لأحد بنقده أو نصحه.

النظام الاجتماعي عند العرب في الجاهلية قائم على العصبية القبلية، فوصل الحد إلى التفاخر بأعمال الجاهلية والأنساب والطعن في الأحساب والسخرية والاستهزاء من الآخرين بطريقة مقززة ومقيتة.

 وظل كذلك حتى جاء الإسلام، فجعل النظام الاجتماعي قائما على أساس التعاون على البر والتقوى، لا تعاون على الإثم والعدوان، ففي الحديث الصحيح: «ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل عصبية، وليس منا من مات على عصبية».

فالإسلام قرر وأصّل قاعدة مهمة: لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى قالها  صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع؛ ولذلك غضب النبي  صلى الله عليه وسلم على أبي ذر الغفاري لما قال لبلال: يا ابن السوداء فقال: «أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية».

وجاء الإسلام ليهدم التفاخر بالجاهلية والعصبية، وتحطيم العنصرية، فلا دم ولا لغة ولا لون ولا أرض، ولا نسب ولا مال ولا كثرة العيال بل الإيمان والتقوى، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه، فقال عمر رضي الله عنه : «نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمن ابتغى العزة بغيره أذله الله».

ففي الحديث: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الاحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة» (رواه مسلم).

وسمع رسول الله  صلى الله عليه وسلم أحد الصحابة من الأنصار ينادي: ياللأنصار، فيرد عليه أحد المهاجرين: يا للمهاجرين: فيقول: «ما بال دعوى جاهلية؟ قالوا: يا رسول الله كسع «ضرب» رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال: دعوها فإنها منتنة».

فالعصبية الجاهلية نشرت البغضاء ونبتت الأحقاد، وأوجدت التحزبات، وفرقت المجتمع وروجها ضعاف الإيمان واستغلها الأعداء أبشع اشتغلال.

لم تكن العصبية في مجتمع إلا فرقته وأفسدته؛ لأنها حمية شيطانية، قال تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} (الفتح:26)، وفي صحيح مسلم يقول  صلى الله عليه وسلم : «إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد».

وعند الترمذي: «إن الله قد أذهب عنكم عُبِيَّة الجاهلية وفخرها بالأباء، إنما هو مؤمن نقي أو فاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم خلق من تراب، ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى».

     روى حذيفة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كلكم بنو آدم وآدم خلق من تراب، لينتهين قوم يفخرون بأبائهم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان» أخرجه البزار (صحيح الجامع). وعليه لا بد من الاستسلام لأمر الله {إنما المؤمنون إخوة} وفي الحديث: «المؤمن للمؤمن كالبنيان» و«المسلم أخو المسلم».

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: كل ما خرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة فهو من عزاء الجاهلية».

والجاهلية تؤدي إلى ظلم العباد ورد الحق ومنع الحقوق والانتصار للباطل وأهله.

وهذا من كيد الشيطان، ففي الحديث: «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم» رواه مسلم في صحيحه. فلنتق الله جميعا ولنطلب العزة في مظانها، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك