رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 17 فبراير، 2014 0 تعليق

العزيز الوهاب

من الأخطاء الشائعة في لجهتنا الكويتية فتح الهاء دون تشديدها في اسم (عبدالوهاب)، و(الوهّاب) بتشديد الهاء المفتوحة من أسماء الله الحسنى.

- كنت ومجموعة الخميس من الأهل والأنساب والأصهار نتحاور حول معاني الأسماء.

- ولكن (عبدالوهاب) بالتشديد أثقل من (عبدالوهاب) بالتخفيف.

- هذا اسم من الأسماء الحسنى، وينبغي أن ننطقه كما يريد ربنا ويرضى.

تدخلت ابنتي لتغير وجه النقاش.

- وكم مرة ورد في القرآن؟!

- ورد اسم الله (الوهّاب) ثلاث مرات في كتاب الله:

{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ۚ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (آل عمران:8).

{أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا ۚ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي ۖ بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ ﴿8﴾ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ﴿9﴾} (ص: 8-9).

{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (ص: 34-35).

إن المعنى اللغوي لـ«الهبة» هي العطية الخالية من الأعواض والأغراض، فإذا كثرت سمي صاحبها (وهّابا)، وهي من أبنية المبالغة.

- وماذا عن المعنى في كتاب الله عز وجل؟

- إن معاني الأسماء الحسنى تبدأ من المعنى اللغوي، ثم ينبغي أن نتدبر الآيات التي تختم باسم أو اسمين من الأسماء الحسنى، واطلعت مؤخرا على مقال جميل للأستاذ أحمد شكري فتح الله أذكر لكم محتواه باختصار وتصرف، يقول -جزاه الله خيرا- بعد أن ينقل كلاماً لشيخ الإسلام ابن القيم في طريق الهجرتين: يمكن أن نصنف آيات الكتاب كما في كلام العرب إلى خبر وإنشاء، فآيات الأخبار التي تختم بالأسماء الحسنى مطلوب منا أن نتفكر في معاني هذه الأسماء، لتحقيق الإيمان بها وتعميق هذا الإيمان، وآيات الأحكام -التي فيها الأوامر والنواهي- مطلوب منها أن نجاهد أنفسنا لتطبيق المراد منها إيمانا بما ختمت به هذه الآيات، وأضيف أن غاية ثالثة من ختم الآيات بالأسماء الحسنى أن نعرف الاسم الذي نختاره في دعائنا لله عز وجل، ولنرجع إلى الآيات التي ذكر فيها اسم الله (الوهّاب)، فإن هذا الاسم لم يقترن إلا باسم الله (العزيز)، الآيتان التي انفرد فيهما الاسم كان فيهما دعاء من المؤمنين ومن سليمان عليه السلام.

     وفي الدعائين تأدب مع الله عز وجل، فإن المؤمنين سألو الله الثبات على الحق والرحمة، تفضلا منه -عز وجل- لا استحقاقا منهم، مع أنهم حققوا الإيمان والطاعة والتزام أوامر الله، وسليمان عليه السلام سأل ملكا دون عوض ولا استحقاق من الله، أما الآية التي اقترن فيها (الوهّاب) بـ(العزيز) وأتى (العزيز) أولا، فهي في بيان أن النبوة عطية (هبة) من الله، يتفضل بها على من يصطفي من عباده، وذلك أن الكافرين في الآية قبلها «اعترضوا» على اختصاص الرسول صلى الله عليه وسلم بالوحي {أأنزل عليه الذكر من بيننا}، فالله تكفل بالرد عليهم ولا راد لهباته سبحانه لأنه (العزيز)، الغالب الذي لا يمنع إرادته أحد، ثم أضاف (خزائن الرحمة) إلى رب محمد  صلى الله عليه وسلم {خزائن من رحمة ربك}، تشريفا له وتكريما، فقد وهبه (العزيز الوهّاب) الرسالة، التي هي أعظم الهبات، وهو صلى الله عليه وسلم أحق من يمكن أن يكرم بهذه الهبة العظيمة، وهي هبة من خزائن ربه العزيز الوهاب.

- وماذا عن الدعاء بهذين الاسمين؟

- إذا تمكن معنى (الوهّاب) في قلوبنا، وأن الخزائن العظيمة من الهداية، والرحمة، والسعادة، والعزة، والعافية، والجنة، ونعيم الدنيا والآخرة، وغيرها، كل هذا في خزائن الله، وهو سبحانه (وهّاب)، يعطي بغير غرض ولا عوض، فهل يتوانى بعد ذلك أحد أن يدعو (العزيز الوهّاب)؟ وإن كان العبد لا يستحق كل هذه (الهبات) ابتداء

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك