رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 27 سبتمبر، 2016 0 تعليق

العبر من قصار السور (والتين)

- لماذا يقسم الله بالفاكهة والأماكن في كتابه؟!

- يقسم الله -سبحانه وتعالى- بما شاء من مخلوقاته، ولا يسأل -عز وجل- عن ذلك، يقول المفسرون: «ابتداء الكلام بالقسم المؤكد يؤذن بأهمية ما يليه من كلام»، «وإطالة القسم تشويق إلى المقسم عليه».

وكما قلنا سابقا: ليس لأحد من المخلوقين أن يقسم بغير الله -عز وجل- أو أسمائه أو صفة من صفاته -عز وجل-، وهناك أقسم الله بـ(التين) و(الزيتون) و(طور سينين)، وهو جبل سيناء؛ حيث كلم الله موسى، (والبلد الأمين) مكة المكرمة، والرابط بين هذه كلها أنها مهبط الشرائع السماوية، ففي التفسير، التين إيماء إلى شريعة نوح، والزيتون، إلى شريعة إبراهيم، وطور سنين إلى شريعة موسى، والبلد الأمين إلى آخر الشرائع شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - ولم يذكر عيسى؛ لأن شريعته امتداد لشريعة موسى.

     وقال آخرون: بل (التين والزيتون) محلهما بلاد الشام؛ حيث شريعة إبراهيم وعيسى -عليهما السلام-، ثم شريعة موسى ومحمد - صلى الله عليه وسلم -، وأيا كان الأمر، فإن الله أقسم على شيء عظيم، أكده بعد ذلك، بقوله: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}، سواء كان خلقه الجسدي، أم العقدي، أنه يخلق سويا قائما على رجلين، وخلقه على الفطرة موحدا لله، وكلاهما حق، ثم تعود حال بعض الناس إلى (أسفل سافلين)، إذا هو خالف ما فطره الله عليه.

- ولماذا أسفل سافلين؟ ما المعنى؟

     صاحبي ضعيف باللغة العربية، ويشتكي من عدم استيعابه للدروس الملقاة باللغة الفصيحة، بل يمل منها سريعا؛ لذا يطلب نقل المعلومة باللهجة العامية.

- في التفسير، قال مالك: أقبل عليّ يوما ربيعة فقال لي: من السفلة يا مالك؟ قلت: الذي يأكل بدينه، قال لي: فمن سفلة السفلة؟ قلت: الذي يأكل بأكل غيره بدينه.

اعترض صاحبي:

- هذه لم أفهم شيئا منها، ولكن تابع حديثك.

- تعلم أن النار (دركات)، والجنة (درجات)، دركات، شيء أسفل من شيء، ودرجات شيء أعلى من شيء؛ فالمنافقون في الدرك الأسفل (وهذا أسفل السافلين)، كلهم سافل، وأسفلهم المنافقون، ثم فوقهم من هو أخف منهم عذابا، وهكذا، ففي هذه الآية إشارة إلى من ينافق في دينه وهذا معنى يأكل بدينه، فالكفار والمنافقون كلهم في الأسفل، وأشار إليهم بلفظ عموم الإنسان الذي يكفر بعد أن خلقه الله على الفطرة (في أحسن تقويم)، والاستثناء من بقي على الفطرة، وكل الأوصاف الأربعة لهم، (آمنوا)، (عملوا الصالحات)، و(الدين) هو الجزاء، أي البعث بعد الموت والحساب والجزاء، أي لا عذر لمن كذب بالجزاء بعد الموت، لتواتر الأدلة لذلك، سواء بفطرة الإنسان أم بالرسل أم بالكون أم بالكتب، لا حجة لأحد بين يدي الله -عز وجل-.

وما العقائد التي وردت في هذه السورة؟

- أولا: الشرائع السماوية كلها من عند الله، وكلها تدعو إلى توحيد الله، الذي فطر الله الإنسان عليها.

ثانيا: النار دركات شيء أسفل من شيء، وأسفل السافلين، هم المنافقون ومن كانوا في درجتهم.

ثالثا: الإيمان عقيدة في القلب، ونطق باللسان، وعمل بالأركان.

رابعا: العبد لا يستغني عن الصبر إذا أراد أن يقيم دينه.

قاطعني:

- وأنا أظن أن شجرة (التين) وشجرة (الزيتون) فيهما من الفوائد العظيمة التي عرفنا شيئا يسيرا منها، ولكن تبقى فيهما أسرار ربما لم نعرفها.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك