رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 23 أغسطس، 2016 0 تعليق

العبر من قصار السور- سورة القدر

- متى نزلت سورة القدر؟!

- هي السورة الخامسة والعشرون في ترتيب النزول.

- وكيف ذكرت فيها ليلة القدر، ونعلم أن ليلة القدر في رمضان الذي لم يفرض إلا في السنة الثانية للهجرة، أي بعد حوالي ثنتي عشرة سنة من نزول سورة القدر؟!

كان حوارنا ونحن نتمشى بعد صلاة العشاء قبل أن نصل منازلنا.

- في هذه السورة يذكر الله ليلة القدر، ثم بيّن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، فلا تعارض.

تابعت حديثي:

- بدأت هذه السورة بقوله -عز وجل-: (إنا)، ونلحظ أن الله -عز وجل- يذكر ذاته بقوله: (إني)، مثال الأول: {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} (يس:11)، وكذلك: {والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون} (الذاريات)، و{وإنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}، ومثال الثاني: {إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري} (طه:20)، {قال لا تخافا إني معكما أسمع وأرى} (طه)، {إني جاعل في الأرض خليفة} (البقرة:30)، {قال إني جاعلك للناس إماما} (البقرة:124)، وغيره كثير، يقول الشيخ ابن عثيمين: «وذلك لأنه واحد عظيم».

- وماذا عن معنى (ليلة القدر)؟!

- لاحظ أن (ليلة القدر) تكررت ثلاث مرات في هذه السورة القصيرة، فهي ليلة عظيمة، تشرفت بنزول القرآن فيها، ونزول الملائكة بمن فيهم جبريل فيها، وبكثرة البركة فيها وامتداد السلام فيها من أولها إلى آخرها، وقوله {وما أدراك} تعظيم لهذه الليلة؛ فالقرآن نزل من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا كاملا في هذه الليلة.

     والله -سبحانه- يميز بعض الأوقات وبعض الأماكن وبعض الأشخاص ولا يملك أحد ذلك، فيجعل فيها من الخير والبركة ما يشاء سبحانه.

- وهذه من نعم الله وفضله على هذه الأمة.

- نعم، ونزول الملائكة من السماء قد يكون للخير أو للشر لعقاب مكذبي الرسل: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُّنظَرِينَ} (الحجر:8)، ولكنهم ينزلون تلك الليلة (سلام) وأتت كلمة (سلام) منكرة، لتكثيره، فالملائكة (تنزّل) أي ينزلون نزولا بعد نزول لأن في كل سماء، ملائكة، كأنهم ينزلون من كل سماء، ويأتون فوجا بعد فوج، فالسلام يبلغ غايته في تلك الليلة.

وفي بعض التفاسير: إن هذه السورة تعظيم للقرآن من ثلاثة وجوه:

- أولا: أنه أسند الإنزال إليه سبحانه (إنا).

- ثانيا: ذكر الضمير دون التصريح (أنزلناه) فاكتفى بالهاء دون ذكر المراد لأنه عظيم معروف.

- ثالثا: أنزله في ليلة عظيمة، ليلة القدر.

- وما معنى (سلام) مع أنه قد يقع فيها من الحروب والجرائم ما يقع؟

- (سلام هي)، الجملة هنا مكونة من مبتدأ وخبر وتقدم الخبر على المبتدأ فأصله (هي سلام) وذلك لكثرة من يسلم فيها من الآثام والعقوبة، وفي هذه بشارة، وإنذار، بشارة لمن آمن بها، وعمل لأجلها، وإنذار لمن أهملها ولا يعبأ بها.

     (حتى مطلع الفجر)، تستمر بركتها منذ بدايتها حتى الفجر بما في ذلك الفجر، أي آخر الفجر؛ لذلك قال (حتى) ولم يقل (إلى)؛ ليكون الفجر ضمن بركة الليلة.

وقيل إن بداية نزول القرآن حتى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في ليلة القدر.

نخلص في النهاية إلى قضايا من هذه السورة:

1- أنزل الله القرآن العظيم من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا جملة واحدة.

2- ليلة القدر ليلة عظيم يجب على المؤمن أن يعظمها لتعظيم الله لها، ولا ينبغي تعظيم زمان أو مكان إلا إذا عظمه الله -عز وجل-.

3- الملائكة تتنزل في هذه الليلة بأعداد لا يعلمها إلا الله حتى تكون أكثر من الحصى على الأرض.

4- القضايا الغيبية لا يمكن أن نثبتها إلا بآية أو حديث صحيح ولا مجال للعقل فيها، ويجب الإيمان بها.

5- ليلة القدر فيها من الخير والبركة ما لا يعلمه إلا الله؛ فينبغي أن يجتهد فيها العبد إيمانا بما فيها، من الأجر الذي يفوق عمل ألف شهر.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك