رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أسامة شحادة 3 مارس، 2017 0 تعليق

العبث بالتعليم قتل بطيء

بعد جولات عديدة من الصراع مع الأمة المسلمة أدرك الأعداء أن الإسلام هو منبع قوتها وحياتها وبقائها؛ ولذلك توجَّهت سهامُهم لحرب الإسلام في نفوس المسلمين وعقولهم من خلال العبث بالتعليم؛ فرأينا حرصهم على ابتعاث طلبة من المسلمين لبلادهم منذ عهد الدولة العثمانية، وكيف أن هؤلاء المبتَعَثين تحوَّل بعضُهم لطليعةِ هدمِ الدولة العثمانية العَلِيّة! ولا يزال الغرب يحرص على تذويب المبتَعَثين والمبتَعَثات في ثقافته؛ ليكونوا (حصان طروادة) في مجتمعاتهم عند العودة.

     ولما تمكن الأعداء من احتلال مصر أُسنِد التعليم لـ(دانلوب)، القِسّ المتعصب، الذي بدأ مسيرة العبث بالتعليم وحرب الإسلام من خلال التضييق على العلم الشرعي والقيمي، والتركيز على صنع موظفين لخدمة المحتلين يحملون ثقافته.

سياسة الاستعمار

     وكانت هذه سياسة عامة للاستعمار البريطاني والأوروبي؛ فمن الهند نجد (محمد إقبال) يحذر من التعليم الذي يبثه الإنجليز بين المسلمين فيقول: «إياك أن تكون آمناً من العلم الذي تدرسه، فإنه يستطيع أن يقتل روح أمّة بأسرها»، ويشرح كيفية ذلك بقوله: «إن التعليم هو الحامض الذي يذيب شخصية الكائن الحي، ثم يكوِّنها كما يشاء، إن هذا الحامض هو أشد قوة وتأثيرًا من أي مادة كيميائية، وهو الذي يستطيع أن يحوّل جبلًا شامخًا إلى كوم تراب».

     أما البلاد الإسلامية التي نُكِبت بالثورة الماركسية كالجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى، ومثلها جمهورية أتاتورك؛ فهذه الدول شهدت إبادة شاملة للتعليم الإسلامي حتى أصبح تعليم القرآن الكريم فيها يتم في كهوف تحت الأرض!

     أما الدول العربية التي حكمها الشيوعيون والاشتراكيون والبَعثِيّون فقد شهدت تضييقًا شديدًا على التعليم الإسلامي الصحيح، وتم ملء المناهج التعليمية بأيديولوجيات مناهِضة للإسلام، ومن ذلك استبدال جامعة الأزهر بالجامع الأزهر ، وإنهاء استقلالية الأزهر وإلحاقه بالدولة؛ مما أضعف شأنه ودوره، وهو ما حدث مع جامع الزيتونة بتونس وجامع القرويين بالمغرب.

ثقافة الاستهانة بالمعلِّمين

     وفي هذه المرحلة شهدنا ترويج ثقافة الاستهانة بالمعلِّمين ولاسيما مُعلِّم الدين واللغة العربية عبر أفلام السينما (أستاذ حمام) ومسرحية (مدرسة المشاغبين)، والاستمرار في سياسة (دانلوب) بتعظيم منزلة وأجرة المهندس والطبيب وأمثالهم عن المُعلِّم والشيخ، حتى تدَنَّت منزلتُهم ورُفِعَت منزلة الساقطين من نجوم التمثيل والطرب!

تتجدد الدعوة للعبث بالتعليم

     واليوم تتجدد الدعوة للعبث بالتعليم بعد أن عمّت الصحوة الإسلامية البلاد والعباد؛ فتتكاثر التصريحات الدولية بضرورة تغيير المناهج لتنتج جيلًا جديدًا، يحمل فهمًا للإسلام يقبل به الأعداء! وقد لخص ذلك الأمريكي اليهودي (توماس فريدمان) سنة 2005 في صحيفة (نيويورك تايمز)بقوله: «إن الحرب الحقيقية في المنطقة الإسلامية هي في المدارس؛ ولذلك يجب أن نَفرُغ بسرعة من الحملات العسكرية؛ لنعود مسلَّحين بالكتب لا بالدبابات، لتكوين جيلٍ إسلامي يقبل سياساتنا كما يحب شَطَائِرَنا».

     وما نشهده اليوم من عبث وتغيير في المناهج التعليمية في عدد من الدول الإسلامية لنزع الإسلام منها أو تخفيفه أو تحريفه -بحجة حرب التطرف- المقصود الحقيقي منها محاربة الإسلام وجوهر قوة المسلمين، وإلا لماذا يشترط صندوق النقد الدولي تغيير المناهج لصرف بعض القروض والمساعدات للدول؟

     لا يعترض على تطوير التعليم عاقل، لكن ما علاقة تطوير التعليم بإقصاء الإسلام والدعوة لتعليم (العلمانية) والأديان الأخرى لأبناء المسلمين، ونظريات إلحادية فاشلة علميًا كنظرية دارون؟ ولمصلحة من يتم تقليص مساحة التربية والتوجيه من المناهج ودور المعلم؟

الواقع التعليمي

     الواقع التعليمي يكشف عن ضعف شديد في مهارات القراءة والكتابة عند أساتذة الجامعات، وليس طلبة المرحلة التأسيسية فقط، فأين التطوير والإصلاح هنا؟

     من المشكلات التي تسبب بها عبث الأعداء بالتعليم مساواة الرجال والنساء في التعليم؛ مما خلق تفاقمًا في مشكلة البطالة، وتضخم حجم ميزانية التعليم، وضعضعة استقرار الأسرة في المجتمعات الإسلامية، وغيرها من المشكلات الأخلاقية نتيجة الاختلاط المُنفَلِت والحلول الشيطانية كاقتراح فتح قاعات (سينما) في الجامعات!

     إن اليقظة لخطر الحرب على العقول عبر العبث بالتعليم يلزم معها مبادرة أهل الكفاءة لقيادة تطوير التعليم بدلًا من ترك ذلك لشياطين الجن والإنس، ويجب على الآباء والأمهات المزيد من العناية بالتعليم والتوجيه للأبناء.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك