الظلم الواقع على أهل السنة والجماعة من يرفعه؟!
ثبت الله -عز وجل- أقدام أهل السنة في بلادهم وعاش معهم غيرهم لما وجدوا العدل بعد أن ترسخت مبادئ الدين في قلوب أهل السنة وهم يحملون أمانة الدين، ويؤدون مهمة إخراج الناس من الظلمات إلى النور بعبادة الله الواحد الديّان وترك ما سواه من عبادة المخلوقات، والسعي الحثيث للقضاء على الظلم والطغيان واجتثاثه في بقاع الأرض، والقضاء على ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن جور الأديان إلى عدالة الإسلام.
فانطلقوا منذ بزوغ فجر الإسلام يقوضون ركائز الظلم ويزيلون رموز الشرك من الأضرحة والأوثان والطقوس، وإزالة معاني البطش والقهر، وتمكنوا بفضل الله -عز وجل- من تحطيم جبروت الظلم، وأنزلوا كبرياءهم، وجعلوها تنزوي في بقاع محدودة لتشعر بالذل والفشل بعد الهزائم التي منيت بها الأقطار التي انسحبت منها وتخلت عنها صاغرة.
واليوم بعد أن تخلت دولنا عن التعاون والترابط وإقامة الدين بعدل وأمانة، وأصبحت الدنيا هي أكبر الهم والغم، وبرزت معاني الأنانية، وأضحت جل الاهتمام في حدود ضيقة وليس كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، فتجمعت قلوب الحاقدين الحاسدين المعاندين وأجسادهم لتبرز معهم البغضاء والكراهية، وترجموها إلى إثارة الفوضى والقلاقل في ديارنا واستباحة الدماء، والأعراض، وهدم المنازل، والمساجد، وإبادة اليابس والأخضر، وقتلوا العلماء وأعزة القوم، واختلت الموازين وسط تبريكات وتهليلات ومساعدة الحاقدين والمتربصين؛ فلك أن تنظر إلى الواقع المؤلم في العراق والبحرين واليمن وسوريا ولبنان وأفريقيا الوسطى وبورما وفلسطين المحتلة وغيرها كثير.
إن الصراع بين الحق والباطل قائم إلى قيام الساعة، وعزة أهل السنة في العودة إلى دينهم والاستمساك به وقوتهم تبرز في وحدتهم ونصرتهم لبعضهم {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر}(الأنفال: 72) {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}(محمد: 7).
إن الضعف والهزائم أصيبت بها أمم كثيرة، ولكنهم لم يخضعوا أو يستسلموا، بل عرفوا مواطن الخطأ، وأعادوا توحيد صفوفهم، وأشعلوا نار الفتن والوشاية بين الحاكم والمحكوم وفتح ملفات انتهت وولت حتى يشغلونا بأنفسنا، لا نريد الوهن وهو حب الدنيا وكراهية الموت، بل نريد الشحنات الإيمانية القوية والاعتزاز بديننا وعلمائنا وتأهيل صفوفنا ورفع راية الإسلام خفاقة لتكون كلمة الله هي العليا، ونبتعد عن الجهل والغفلة ونفهم الإسلام فهما صحيحا ونطبقه تطبيقا مستقيما ونكون في يقظة مستمرة من خداع أهل الشر وأهل الفساد ومكرهم وتربصهم.
ونبذل الجهد في الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشر معاني الإحسان، والعدل، والأمن، والأمان، والاستقرار، والرخاء .
والتحرك الجماعي حتى لا نقول أكلت يوم أكل الثور الأبيض، ولنعمل من كسب حب الشعوب التي تريد العيش الكريم من السكن، والوظيفة، والصحة، والتعليم، والسعي لمنظومة الاكتفاء الذاتي، وتكون القوة التي ترهب عدو الله.
نريد بناء المساجد وكفالة اليتيم ورعاية الأرملة، والمسكين، والوقوف مع المريض والمعاق، ونسعى بكل جهد لرفع الظلم عن المظلومين، ونقدم المساعدات والمنح الدراسية، ونكون مفاتيح للخير، ومغاليق للشر، والاهتمام بالأقليات ليعلموا أن لهم مناصرين وداعمين، ولا نسمح بنهش أو إبادة المسلمين من أهل السنة والجماعة، بل نعمل على استقرارهم في بلادهم، ونرفض اضطهادهم تحت أي مسوغ كان؛ ليشعروا بأن لهم كرامة وقدرا وسندا قويا، ونسهم في تكوين البنية القوية من مدارس، ومراكز صحية، ومساجد، ووظائف؛ حتى لا يكونوا عالة على الآخرين.
فأهل السنة ينسجمون مع البشر؛ لأنهم ذوو أخلاق راقية، ومعاملات طيبة، ولا يحقدون، ولا يعتدون، بل يصبرون، ولكن ضمن حدود «اتق شر الحليم إذا غضب»، والله المستعان.
لاتوجد تعليقات