الظفيري: إحياء التراث تسعى لإثراء الساحة بالنماذج القرآنية المتميزة، وتحصين الشباب من الانحراف الفكري
أجرت إدارة مراكز تحفيظ القرآن الكريم بجمعية إحياء التراث الإسلامي عددا من المقابلات مع المحفظين والمشرفين المتقدمين للعمل بمراكز التحفيظ بالجمعية، وقد أشرف على هذه المقابلات إمام المسجد الكبير الشيخ بدر العلي، والشيخ علي الخفاشي، وقد التقت الفرقان مدير إدارة الحلقات الشيخ طلال الظفيري للتعرف على بعض الأبعاد المهمة للحلقات القرآنية وآليات اختيار المحفظين والمشرفين في تلك الحلقات وسماتهم.
أهمية حلقات تحفيظ القرآن الكريم
في البداية أكد الظفيري أن الحلقات القرآنية عموما وحلقات إحياء التراث خصوصا تسعى لملء أوقات فراغ الطلبة والطالبات بالعمل الصالح والعلم النافع، وإثراء الساحة بالنماذج القرآنية المتميزة، وتحصين الشباب من الانحراف الفكري، كما تنبع أهمية حلقات تحفيظ القرآن الكريم من أهمية القرآن الكريم ومكانته، فهو كتاب الله -تعالى-، والمصدر الأول للشريعة، ومنهج حياة؛ فمدارس تحفيظ القرآن وحلقاته تُعَد من أفضل الوسائل للتربية على بصيرة، وفق تعاليم القرآن الكريم، والتعريف بأركان الشريعة وثوابتها.
محضن تربوي لغرس القيم
وأضاف الظفيري، يأتي اهتمام إدارة الحلقات بجمعية إحياء التراث الإسلامي بالحلقات القرآنية كونها تُعَدُّ محضنًا تربويا لغرس قيم الإسلام ومبادئه وآدابه، فحلقات التحفيظ من أهم مؤسسات تعليم الأطفال وتأديبهم في الإسلام وأقدمها؛ حيث إنها تقوم بمهمة كبيرة وجهد متواصل في تعليم الأطفال القرآن الكريم؛ من حيث التلاوة الصحيحة، وتقديم المعلومات اللازمة من أحكام التجويد المختلفة، كما أنَّ التوجيهات القرآنية التي يتلقاها الطالب في الحلقات تبني شخصيته على العمل والمبادرة والمثابرة واستثمار الوقت، مما يؤثر على مستوى النهوض بالأفراد والأمة، كما أن تلقي هذه التوجيهات تفتح عقله، وتنمي فيه أساليب التفكير الإيجابي وأنماطه، وتكسبه منهجية علمية سليمة، وتنمي فيه مهارة الاستذكار والحفظ، فهو حافظ مُتقِن.
معلمون أصحاب كفاءة عالية
وعن دور المعلم والمُحفّظ في الحلقات القرآنية قال الظفيري: طلاب الحلقات بحاجة إلى معلمين أصحاب كفاءة عالية، ومؤهلين من الناحية العلمية والعملية، ومربيين على أيدي مشايخ وعلماء، بمقدورهم التعايش مع الشباب، ويعرفون واقعهم؛ فشباب هذا الجيل يعيشون عالماً مختلفاً عما عاشه الجيل السابق؛ فإن لم يكن هؤلاء المربون قريبين من الطلاب فلن يتمكنوا من إفادتهم ولا التعايش معهم.
التعامل الجيد
وأضاف الظفيري: كذلك على معلمي الحلقات إدراك أنَّ الطالب جاء إلى الحلقة بمحض إرادته، فلابد له من التعامل الجيد، من الحوار والكلمة الطيبة حتى يستمر معك؛ لذلك من الضروري تأهيل معلم الحلقات تأهيلاً جيداً من الناحيتين العلمية والتربوية، فضلا عن رفع المستوى العلمي لطلاب الحلقات انطلاقًا من القرآن الكريم وعلومه، مثل التفسير والتجويد، والتنويه على الوقفات التربوية مع الآيات في أثناء التسميع، وتخصيص أيام أو فترات من الحلقة لهذا الهدف. كذلك من الأهمية بمكان ربط الطالب بالقدوات الحسنة الماضية والحاضرة، وغرس قيم حافظ القرآن وإبراز شخصيته الإسلامية مثل التواضع والصدق والأخلاق الحسنة كافة التي دعا إليها الإسلام.
حاجات متعددة
وعن احتياجات الطلاب في الحلقات القرآنية، وهل هي مقتصرة فقط على جانب التحفيظ؟ قال الظفيري: لا شك أنَّ هناك حاجات متعددة لطلاب الحلقات القرآنية، ومن ذلك الحاجة الترفيهية؛ فهم بحاجة إلى بعض الأوقات للترفيه وهو من المحفزات القوية في الحلقات القرآنية، وكذلك الحاجة التثقيفية، والمراد بها البرامج الثقافية التي تعنى بإكساب بعض المعلومات الثقافية في فنون شتى مثل: المسابقات وغيرها من البرامج التي تنمي الجوانب المعرفية لدى طالب الحلقات، كذلك من الحاجات المهمة الحاجة الاجتماعية وذلك بتنمية روح التآلف والتعاون بين الطلاب بإشراكهم في جو جماعي داخل الحلقة وخارجها، كتقسيم الطلاب في الحلقة إلى مجموعات ووضع جائزة نهاية كل شهر للمجموعة المنضبطة في الحضور والتسميع والأدب، ومن أهم الحاجات لطلاب الحلقات الحاجات التربوية؛ فالطلاب بحاجة إلى تربيتهم على محبة القرآن وتعظيمه والتخلق بآدابه ونحو ذلك من الأمور التي يمكن تنميتها بالعديد من الوسائل التربوية والسلوكية.
الحفظ ثم الفهم ثم التطبيق
ويضيف الظفيري مؤكدًا على الجانب التربوي فيقول: إننا نجد أحيانا أن الطالب يخرج خاتمًا أو حافظًا لكتاب الله لكنه غير مطبق لأحكامه وغير متمسك بأخلاقه، وهذا مخالف لهدي نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم - ولا سيما أنَّ الصحابة -رضوان الله عليهم- كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يطبقوها علمًا وعملاً، ولا دليل أقوى من كلام أم المؤمنين عائشة -رضوان الله عليها- عندما سئلت عن خلق النبي الكريم فقالت: كان خلقه القرآن، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم - يربي أصحابه على الفهم ثم التطبيق، ليساهم بذلك في تثبيت الحفظ، وإيجاد جيل واع فاهم لما يقرأ ومتأثر، ونافع وصالح في نفسه مصلح لغيره، أما قضية كثرة الحفظ فقط في مقابل عدم الحفظ والتدبر يجعل الجيل هشا لا يصمد أمام ما يثار من فتن سواء فتن الشبهات أو الشهوات، وغالبًا لا يثبت على دين الله إلا من كان حافظًا عالمًا.
السمات الأخلاقية لطلاب الحلقة القرآنية
وعن السمات الأخلاقية لطلاب الحلقات القرآنية قال الظفيري: لقد جاء القرآن الكريم ليربي الأمة، وينشئ مجتمعًا فاضلاً على القيم السامية، والتربية تحتاج إلى زمن وإلى تأثير، وإلى حركة تترجم التأثير والانفعال إلى واقع، وتلاوة القرآن بتدبر تربي وتذكر وتوجه وتبني وتؤثر في الناشئة تربويًّا وسلوكيًّا، وللقرآن الكريم تأثيرات شتى على صاحبه منها: أنه يربيه على الإخلاص لله -عز وجل-، وتعظيم شعائر الله، والخشية والتقوى والخوف والرجاء، ومراقبة الله -سبحانه وتعالى-، والاعتزاز بدين الله -عز وجل-، وبناء الشخصية الفعالة الواثقة، والصدق في القول والعمل، وغرس روح التعاون على البر والتقوى، والتربية على التواصي بالحق والصبر، والتربية على فعل الخير والسعي إليه.
السمات الشخصية لطلاب الحلقة القرآنية
وعن السمات الشخصية لطلاب الحلقات القرآنية قال الظفيري: يجب على حافظ القرآن الكريم ألا تكون الدنيا ومطالبها أكبر همه وكل شغله، كما أنه يجب عليه أن يكون متواضعًا وغير متكبر، وأن يكون مهتما بمظهره وأن يتصف بالنظافة الظاهرة والباطنة، وأن يلتزم الأدب التام مع شيخه وقدوته، وأن يحسن اختيار الصاحب والرفيق.
وسائل غرس هذه السمات وتنميتها
وعن وسائل غرس هذه السمات وتلك الصفات في طلاب الحلقات قال الظفيري: على المعلمين أن يغرسوا في نفوس طلابهم الخوف من الله -تعالى-؛ وأن يخلصوا النية له -سبحانه-، وأن يستخدموا في ذلك القصص الهادف الذي يكون له تأثير على النفس، فهو خير عون لهم على تربية الأجيال، وهو كثير في القرآن الكريم وفي السنة المطهرة، وعليهم أن يتابعوا الطلاب في المحافظة على صلاة الجماعة في المسجد، وذلك لتنشئة الطلاب على ارتياد المساجد ليعتادوها ويسهل عليهم الذهاب إليها، وهذا مما ينمي السمات الإيمانية لدى طالب الحلقة القرآنية.
أسلوب التربية الناجح
- وختم الشيخ طلال الظفيري حواره قائلاً: على المعلم أن يعلم أن الأمَّة تُعلّق عليه آمالاً كبيرة؛ لأنها قدمت إليه أغلى ما تملك، قدمت له ثمرة فؤادها وفلذة كبدها، فعليه أن يسلك أسلوب التربية الناجح الذي جاء به القرآن الكريم والسنة المطهرة؛ لتربية جيل مسلم قرآني متميز في أخلاقه وصفاته، مهذب شجاع، يدافع عن دينه وأمته، وعليه أن ينمي السمات الإيجابية لدى الطلاب، ويعالج السمات السلبية لديهم بالوسائل والسبل التربوية والنفسية والسلوكية.
صفات المشرفين على الحلقات
1. التحلى بالإخلاص والتجرد والخوف من الله.
2. أن يكون لديه بعد نظر وصاحب رؤية شمولية.
3. الوثوق في قدرات المعلمين والعاملين في الحلقات.
4. الاجتهاد لإثراء معلوماته العلمية والتربوية والإدارية.
5. الاتصاف بالمرونة في التعامل مع تعليمات الإدارة وتوجيهاتها.
6. العدل في تقويم المعلمين، مترفعًا عن الأمور الشخصية.
7. مراجعة الأعمال التي يقوم بها وتقويمها بين الحين والآخر.
8. التميز بالصبر والرفق واللين والحكمة، ويكون قادراً على التفريق بين الجيد والرديء.
9. التميز بقوة الشخصية وسلامة الفكر وحضور الذهن وبعد النظر وسرعة البديهة.
10. العلم بأصول التدريس وقواعده، وامتلاك المهارة وتنويع الوسائل.
لاتوجد تعليقات