رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 20 يونيو، 2019 0 تعليق

الطمأنينة

 

- لا شك أن الطمأنينة مطلب للنفوس عموما، وأمل الإنسانية، وأن الخوف والقلق والاضطراب هي النتيجة المنطقية لفقدها، ولا يمكن اتهام عنصر معين أنه سبب لفقد هذه الطمأنينة بسبب اعتقاده أو طائفته، ولاسيما المسلم الذي ينطلق من دين عظيم بني على احترام الإنسان.

ومن أسس الطمأنينة العيش في كنف عقيدة سليمة، مبنية في قمتها على الإحسان؛ ففي الحديث الشريف قال رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «الإحْسَانُ أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّه يَرَاكَ»، أي هناك مراقبة ذاتية للمحاسبة وبناء العلاقات الإنسانية.

- ومبنية أيضا على الإيمان بالله، والرضا برسوله صلى الله عليه وسلم هاديا ومبشرا، وهذا كفيل بتحقيق الطمأنينة، قال صلى الله عليه وسلم : «ذاقَ طَعمَ الإيمانِ مَن رضيَ باللهِ رَبًّا، وبالإسلامِ دينًا، وبمُحمدٍ نَبيًّا»؛ لذا فإن زيادة الإيمان بالتقرب إلى الله بالطاعات، كفيل ببث روح الطمأنينة، كما أن التحلي بمحامد الأخلاق كفيل بإشاعة الطمأنينة والاستقرار في المجتمعات، قال صلى الله عليه وسلم : «دعْ ما يريبُكَ إلى ما لا يريبُكَ؛ فإنَّ الصدقَ طمأنينةٌ والكذبَ ريبةٌ».

- ومن اتبع هدى الله؛ فإنه يعيش بصيرا مدركا حقيقة الحياة؛ فلا يضل ولا يشقى، قال -تعالى-: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسى}(طه).

- كما أن  تفويض الأمر لله واليقين بما عند الله من خير، واستشعار اليسر بعد العسر كفيل بالرضا والسكون والطمأنينة قال -تعالى-: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}، وقال صلى الله عليه وسلم : «النَّصْرُ مع الصَّبْرِ، والفَرَجُ مع الكَرْبِ، وإِنَّ مع العُسْرِ يُسْرًا، وإِنَّ مع العُسْرِ يُسْرًا».

لذا لا يمكن أن يكون إشاعة عدم الطمأنينة، وعدم الاستقرار هو من أهداف الإسلام أو أحد عناوينه، ولا يمكن بناء أي مجتمع على الخوف والقلق، أو حتى بناء علاقات مع الآخرين مبنية على عدم الاحترام والسلام.

- بل إن عظمة هذا الدين تتضح فيما امتن الله به على عبادة المؤمنين حين أرشدهم إلى ذكره ودلهم عليه؛ إذ هو مصدر الطمأنينة والراحة والسعادة في الدنيا والفوز والنعيم في الآخرة؛ فهل يعقل بعد ذلك أن يتغافل الإنسان عن ذلك المصدر ويحيا حياة مليئة بالقلق وبعيدة عن الطمأنينة؟

- قال -تعالى-: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(الرعد: 28)، وقد حثنا ربنا -تبارك وتعالى- على الإكثار من ذكره؛ فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}(الأحزاب: 41)، وما ذلك إلا لأن ذكر الله - عز وجل- يمنح الإنسان المؤمن شيئا لو اجتمعت الدنيا كلها بعلومها وحضاراتها لم تستطع توفيره له، يقول ابن القيم -رحمه الله  تعالى-: «فما ذُكر الله -عز وجل- على صعب إلا هان، ولا على عسير إلا تيسر، ولا مشقة إلا خفت، ولا شدة إلا زالت، ولا كربة إلا انفرجت؛ فذكر الله -تعالى- هو الفرج بعد الشدة، واليسر بعد العسر، والفرح بعد الغم والهم». (الوابل الصيب).

لندن 17/6/2019م

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك