الطفولة مشكلات وحلول (الخوف)
نعلم ما للطفولة من أهمية في تكوين بدايات شخصية الإنسان، ومالها من تأثير في بقية أيام حياته؛ لذلك فالطفولة من أهم مراحل النمو النفسي للشخص فهي الحجر الأساس لتكوين شخصية الطفل، وإذا تم بناؤه بصورة صحيحة وسليمة، نتج عنها شخص مثالي يستطيع مواجهة صعوبات الحياة بكل ثبات، ومن هذا المنطلق كانت مناقشتي لبعض مشكلات الطفولة وأسبابها وسبل الوقاية منها وعلاجها حال حدوثها، ولقد ركزت على العادات التي تنتشر عادة في المدارس، كالسرقة والغيرة والكذب، والخوف، والانطواء والعزلة، والخجل والقلق، وقد تحريت أنجع أساليب العلاج لهذه المشكلات وأصحها، التي يمكننا من خلالها حل المشكلات دون التأثير سلباً على نفسية الطفل، واليوم نتحدث عن مشكلة يتعرض لها الكثير من أطفالنا وهي الخوف.
الخوف عاطفة قوية غير محببة سببها إدراك خطر ما، إن المخاوف مكتسبة أو تعليمية، لكن هناك مخاوف غريزية مثل الخوف من الأصوات العالية أو فقدان التوازن أو الحركة المفاجئة، إن الخوف الشديد يكون على شكل ذعر شديد، بينما الكراهية والاشمئزاز تسمى خوفاً، أما المخاوف غير المعقولة تسمى بالمخاوف المرضية، إن المخاوف المرضية عند الأطفال تتضمن الظلام والعزلة والأصوات العالية، المرض والوحوش، الحيوانات غير المؤذية، الأماكن المرتفعة، المواصلات، وسائل النقل، الغرباء، وهناك ثلاث عوامل معروفة في مخاوف الأطفال:
- الجروح الجسدية، الحروب، الخطف.
- الحوادث الطبيعية، العواصف والاضطرابات، الظلام والموت، وهذه المخاوف تقل تدريجياً مع تقدم العمر.
- مخاوف نفسية، مثل الضيق والامتحانات والأخطاء والحوادث الاجتماعية والمدرسة والنقد.
وهناك أسباب عديدة لمثل هذه الحالة لدى الأطفال ومنها:
الخبرات المؤلمة
يحدث القلق عندما يكون هناك ضيق نفسي، أو جرح جسدي ناتج عن خوف يشعر به الأطفال بالعجز، وبعدم القدرة على التكيف مع الحوادث والنتيجة هي بقاء الخوف الذي يكون شديداً، ويدوم فترة طويلة من الوقت، هناك مواقف تستشير هذا النوع من المخاوف، بعضها واضحة ومعروفة، بينما المواقف الأخرى غامضة ومجهولة.
إسقاط الغضب
يغضب الأطفال من سوء معاملة الأهل، ومن الشعور بالغضب يصبح لديهم رغبة في إيذاء الكبار، إن هذه الرغبة غير مرغوبة ومحرمة؛ لذلك يسقطها على الكبار، إن إسقاط الغضب أم طبيعي ولكن الإزعاج والمضايقة أو الإسقاط المبالغ فيه أو طويل الأمد ليس طبيعياً، بعض الأطفال والمراهقين لم يتعلموا تقبل غضبهم أو التعامل معه.
السيطرة على الآخرين: إن المخاوف يمكن أن تستعمل وسائل للتأثير أو السيطرة على الآخرين، أحياناً أن تكون خائفاً هي الوسيلة الوحيدة والأقوى للفت الانتباه، وهذا النمط يعزز مباشرة الطفل لتكون له مخاوف، وهو يجعل الآخرين يتقبلون الطفل وهو يحصل على الإشباع عن طريق الخوف، مثاله الخوف من المدرسة؛ فالطفل يظهر خوفه من المدرسة حتى لا يذهب إلى المدرسة، والبقاء في البيت، وإذا كان الوالدان يكافئان الطفل على الجلوس في البيت الأمر الذي سيجعل الطفل يشعر أن الجلوس في البيت تجربة مستمرة وممتعة بالنسبة له، وبالتالي يجعل الخوف مطيه له للسيطرة على الآخرين، وقد يتحول هذا الخوف إلى عادة.
الضعف الجسمي أو النفسي
عندما يكون الأطفال متعبين أو مرضى فإنهم سيميلون غالباً للجوء إلى الخوف ولاسيما إذا كانوا في حالة جسمية مرهقة، وإذا كان فترة هذا المرض طويلة، إن هذه الحالة من المرض تقود إلى مشاعر مؤلمة، وتكون المكيانزمات النفسية الوقائية عند الطفل لا تعمل بطريقة مناسبة، وبالتالي فإن الأطفال ذوي المفاهيم السالبة عن الذات والذين يعانون من ضعف جسدي يشعرون بأنهم غير قادرين على التكيف مع الخطر الحقيقي أو المتخيل.
النقد والتوبيخ
إن النقد المتزايد ربما يقود الأطفال إلى الشعور بالخوف، يشعر الأطفال بأنهم لا يمكن أن يعملوا شيئاً بطريقة صحيحة، ويسوغون ذلك بأنهم يتوقعون النقد؛ ولذلك فإنهم يخافون؛ ولذا فإن التوبيخ المستمر على الأخطاء يقود إلى الخوف والقلق، وسوف يعم الطفل شعوراً عاماً بالخوف، وبالتالي فإن الأطفال الذين ينتقدون على نشاطاتهم وعلى تطفلهم ربما يصبحون خائفين أو خجولين.
الاعتمادية والقوة
إن الصراحة والقسوة تنتج أطفالاً خائفين أو يخافون من السلطة، إنهم يخافون من المعلمين أو الشرطة، وإن توقعات الآباء الخيالية هي أيضاً من الأسباب القوية والمسؤولة عن الخوف عند الأطفال، وعن فشلهم؛ حيث إن الآباء الذين يتوقعون من أطفالهم التمام في جميع الأعمال غالباً يتكون عند أطفالهم الخوف، ولا يستطيعون أن يسلبوا حاجات الآباء، ويصبحون خائفين من القيام بأي تجربة أو محاولة خوفاً من الفشل.
صراعات الأسرة
إن المعارك الطويلة الأمد بين الوالدين أو بين الإخوة أو بين الآباء والأطفال تخلق جواً متوتراً، وتحفز مشاعر عدم الأمان، وبالتالي يشعر الأطفال بعدم المقدرة على التعامل مع مخاوف الطفولة حتى مجرد مناقشة المشكلات الاجتماعية أو المادية التي تخيف الأطفال.
وللوقاية من هذه المشكلة هناك العديد من الحلول أهمها:
الإعداد للتكيف مع المشكلة
فمرحلة الطفولة هي أنسب المراحل لإعداد الأطفال للتكيف مع أي نوع من المشكلات الخاصة، ويجب أن يكون هناك من طرف الوالدين كم كبير من التفسيرات والتطمينات لأطفالهم.
التعرض المبكر والتدريجي لمواقف مخيفة
وذلك حتى يعتاد الطفل على مواجهة مواقف مشابهة بعد ذلك تقع فجأة، وسيساعد ذلك في منع حدوث مخاوف عميقة لدى الأطفال.
التعبير والمشاركة في الاهتمامات
عندما يعيش الأطفال في جو هاديء؛ حيث تناقش فيه المشاعر، ويشارك فيها الأطفال فإنهم يتعلمون بأن الاهتمامات والمخاوف شيء مقبول، ومن المناسب أن يتحدث في اهتمامات حقيقية أو مخاوف يخاف منها الأطفال، ويعترف الكبار أن عندهم مخاوف من أشياء معينة، وأن كل إنسان يخاف في وقت معين.
الهدوء واللياقة والتفاؤل
إن عدم شعور الآباء بالراحة وشعورهم بالخوف يفزع الأطفال مباشرة، ويعلمهم الخوف مثال ذلك الموت، فإن لم يستطع الآباء حل خوفهم الخاص بهم، فإن الأطفال يتعلمون وبسرعة الخوف من الموت، ويكون من الجيد أن يسمع الطفل عبارات تهدئ من روعه، وتحثه على أن يتمتع بوقته، وأن يكون جاهزاً عندما يأتي الموت، وإفهامه أن الموت سيتعرض له الكل وهو شبيه بالولادة ومناقشة مفاهيم دينية بسيطة لشرح حقيقة الموت.
أما عن طرائق العلاج فمنها:
إزالة الحساسية والحالة المعاكسة
إن الهدف هو مساعدة الأطفال الحساسين جداً والأطفال الخائفين، حتى يكونوا أقل حساسية، والقاعدة تقول: إن الأطفال تقل حساسيتهم للخوف عندما يرتبط هذا الشيء المخيف مع أي شيء سار.
مكافأة الشجاعة
وذلك بامتداح كل خطوة شجاعة يقدم عليها الطفل وتقديم الجوائز له ، وكون الطفل يتمكن من تحمل جزء من موقف يخيفه فيجب مكافأته عليه.
التفكير بإيجابية والتحدث مع النفس
بأن يقال للطفل: إن التفكير في أشياء مخيفة يجعلهم أكثر خوفاً وأما التفكير بإيجابية تعود إلى مشاعر أهدأ وإلى سلوكيات أشجع.
وأخيرًا فإن معظم مخاوف الأطفال مكتسبة وفقاً لنظرية التعلم الشرطي أو التعلم بالاقتران والتقليد؛ فالخوف استجابة مشتقة من الألم، فطفل هذه المرحلة يتمتع بقدرة عجيبة على التوحد بين الوالدين في استجاباتهم الانفعالية المتصلة بالخوف، وعليه يجب مراعاة الآباء لمخاوف أبنائهم ليساعدهم ذلك في تخطي العديد من مخاوفهم.
لاتوجد تعليقات