الطفولة مشكلات وحلول- (الخجل)
نعلم ما للطفولة من أهمية في تكوين بدايات شخصية الإنسان، ومالها من تأثير في بقية أيام حياته؛ ولذلك فالطفولة هي أهم مراحل النمو النفسي للشخص فهي الحجر الأساس لتكوين شخصية الطفل، وإذا تم بناؤه بطريقة صحيحة وسليمة نتج عنها شخص مثالي يستطيع مواجهة صعوبات الحياة بثبات.
ومن هذا المنطلق كانت مناقشتي لبعض مشكلات الطفولة وأسبابها وسبل الوقاية منها وعلاجها حال حدوثها، ولقد ركزت على العادات التي تنتشر عادة في المدارس، كالسرقة والغيرة والكذب، والخوف، والانطواء والعزلة، والخجل والقلق، وقد تحريت أنجع طرائق العلاج لهذه المشكلات وأصحها، التي يمكننا من خلالها حل المشكلات دون التأثير سلبياً على نفسية الطفل، واليوم نتكلم عن مشكلة الخجل:
مفهوم الخجل
إن الأطفال الخجولين دائما يتجنبون الآخرين، وهم دائماً في خوف، وعدم ثقة، وتجدهم مهزومين، مترددين يتجنبون المواقف، وينكمشون من الألفة أو الاتصال بغيرهم، وهم يجدون صعوبة في الاشتراك مع الآخرين، وشعورهم المسيطر عليهم عدم الراحة والقلق، وهم دائماً متململون ويتهربون من المواقف الاجتماعية.
والخوف من التقييم السالب عندهم غالباً ما يكون مصحوباً بالسلوك الاجتماعي غير المتكيف، وهم لا يشاركون في المدرسة، أو في المجتمع، ولكنهم ليسوا كذلك في البيت، والمشكلة تكون أخطر إن كان هؤلاء الأطفال خجولين في البيت أيضاً.
وهناك أسباب رئيسة للخجل منها:
الشعور بعدم الأمن
والذين يشعرون بقلة الأمن من الأطفال لا يستطيعون المغامرة؛ لأن الثقة تنقصهم، وكذلك الاعتماد على النفس، وهم مغمورون مسبقاً ويشعرون بعدم الأمن والابتعاد عن المربكات، فلا يعرفون ما يدور حولهم بسبب موقفهم الخائف، ولا يمارسون المهارات الاجتماعية، ويزداد خجلهم بسبب قلة التدريب والحاجة إلى التغذية الراجعة من الآخرين.
الحماية الزائدة
إن الأطفال الذين تغمرهم الحماية الزائدة من الوالدين يصبحون غير نشيطين، ولا يعتمدون على أنفسهم؛ وذلك بسبب الفرص المحدودة لديهم للمغامرة؛ كونهم من قليلي الثقة بأنفسهم، ولا يتعاملون مع بيئتهم أو مع الآخرين؛ ولذلك يتولد الشعور بالخجل والخوف من الآخرين.
عدم الاهتمام والإهمال
يظهر بعض الآباء قلة اهتمام بأطفالهم؛ فيشعر هذا النقص العام الأطفال بالدونية والنقص، ويشجع على وجود الاعتمادية عندهم. إن عدم الاهتمام بالأطفال يولد شخصية خائفة خجولة، ويشعرون حينئذ أنهم غير جديرين بالاهتمام.
النقد
إن انتقاد الآباء علانية لأطفالهم يساعد على تولد الخوف في نفوسهم؛ لأنهم يتلقون إشارات سالبة من الراشدين، فيصبحون غير متأكدين وخجولين، وبعض الآباء يعتقد أن النقد هو الأسلوب الأمثل لتربية الأبناء، لكن النتيجة للنقد المتزايد هي طفل خجول.
المضايقة
الأطفال الذين يتعرضون للمضايقة والسخرية ينطوون على أنفسهم خجولين، وأصحاب الحساسية المفرطة تجاه النقد يرتبكون ويخجلون لو تعرضوا لسوء معاملة من إخوانهم الأكبر سناً، والشيء الأكبر خطورة هو نقد الطفل لمحاولتهم الاتصال بالعالم الخارجي.
عدم الثبات
إن أسلوب التناقض وعدم الثبات في معاملة الطفل وتربيته يساعد على الخجل، فقد يكون الوالدان حازمين جداً أحياناً، وقد يكونان متساهلين في أوقات أخرى، والنتيجة يصبح الأطفال غير آمنين، وفي هذه اللحظة يصيبهم الخجل في البيت والمدرسة.
التهديد
يهدد الآباء الأطفال، وينفذون تهديداتهم أحياناً، ولا ينفذونها آحياناً أخرى، وبذلك تصبح ردات فعل الأطفال رد فعل على التهديدات المستمرة بالخجل بوصفها وسيلة لتجنب إمكانية حدوث هذه التهديدات.
أن يلقب بالخجل
حتى لا يتقبلها الطفل بوصفها صفة لازمة له ويحاول أن يبرهن أنه كذلك؛ بحيث يصير التحدث السلبي مع النفس شيئاً مألوفاً.
المزاج والإعاقة الجسدية
هناك أطفال يبدون خجولين منذ ولادتهم، وبذلك يكون الخجل وراثياً، كما أن بعض الأطفال يكونون مزعجين والآخرين هادئين، وهذا النمط قد يستمر سنين من حياته، والإعاقات الجسدية غالباً تسبب الخجل، ومنها ماله علاقة بصعوبات التعلم أو مشكلات اللغة التي تؤدي إلى انسحاب الطفل اجتماعياً.
النموذج الأبوي
والآباء الخجولون غالباً يكون لديهم أطفال خجولون، فيرغب الطفل أن يعيش أسلوب حياة الخجل كما يرى والديه، واتصالاتهم بالمجتمع قليلة جداً.
وللوقاية من الخجل هناك بعض الاستراتيجيات منها:
التشجيع والمكافأة
إن زيارة الناس الذين عندهم أطفال في العمر نفسه شيء مفيد ونافع، وإن كان الطفل خجولاً فمن المفيد أن يذهب رحلات مع أطفال متفتحين، ويجب على الأبوين أن يشجعا طفلهما أن يكون اجتماعياً.
غرس الثقة بالنفس
يجب أن نشجع الأطفال وأن نمدحهم إن كانوا واثقين بأنفسهم، وذلك عندما يتصرفون بطريقة طبيعية، ومع ذلك يجب أن يتعلموا أنه ليس من الضروري أن ينسجموا مع كل شخص، كما أنه لا يجب أن تقدم حماية زائدة للطفل.
تشجيع السيادة ومهارات النمو
يحب أن يقدم التدريب المبكر فرديا للأطفال وعلى نظام مجموعات يستطيعون من خلالها إشباع ميولهم، وتجعلهم يتفاعلون مع الآخرين.
قدم جواً دافئاً ومتقبلاً
فالحب والانتباه لا يفسدان الأطفال، كما يجب أن نستمع إليهم، وأن نسمح لهم بقول:لا، وأن نحترم استقلاليتهم.
أما عن أساليب العلاج فأهمها:
إضعاف الحساسية للخجل
فباستطاعة الأطفال أن يتعلموا أن المواقف الاجتماعية لا يلزم بالضرورة أن تكون مخيفة، يمكن أن يهدئهم الوالدان عند المواقف فبذلك يصبحون أكثر اجتماعية تدريجياً، ولهم أن يتخيلوا كيف يقومون بسلوك اجتماعي كانوا يخافونه في السابق ثم دمجهم في مواقف حقيقة، وبالتالي سيقل خجلهم.
تشجيع توكيد الذات
فيجب أن يسألوا بصراحة عما يريدون وكيف يمكن لهم التغلب على خوفهم وارتباكهم من أجل التعبير عن أنفسهم؟
تدريب الطفل على المهارات الاجتماعية
وذلك عندما يشترك الأطفال في تدريبات جماعية؛ فإن بعض المحادثات والتفاعلات تحدث بالطبع، ولا بد من وجود قائد للمجموعة، وبهذا يمكن للطفل يعبر عن رأيه أمام الآخرين، ويمكن تقسيم التدريب الاجتماعي إلى الخطوات الآتية:
أ- التعليم.
ب- التغذية الراجعة.
جـ - التدريب السلوكي.
د- التمثيل ولعب الدور.
تشجيع التحدث الإيجابي مع النفس
فإن أحد المظاهر المدمرة للطفل أن يعتقد في ذاته وشخصيته الخجل، ويؤكد لنفسه أنه خجول ولا يستطيع الاتصال بالآخرين؛ لذا يجب أن نعلم الأطفال بأن الخجل هو سلوك يقوم به الأطفال والناس وهو ليس ملازماً فيهم، وأنه يمكن مقاومته بالتدرب على سلوكيات جديدة، تؤدي إلى إمكانية زيادة الاتجاهات الإيجابية وتحسين الاتصال مع الآخرين.
لاتوجد تعليقات