رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أسماء بنت أحمد البحيصي 20 يناير، 2017 0 تعليق

الطفـولة مشكلات وحلــول – الغيـرة

نعلم ما للطفولة من أهمية في تكوين بدايات شخصية الإنسان، ومالها من تأثير في بقية أيام حياته؛ ولذلك فالطفولة هي أهم مراحل النمو النفسي للشخص؛ فهي الحجر الأساس لتكوين شخصية الطفل وإذا تم بناؤه بطريقةصحيحة وسليمة نتج عنها شخص مثالي يستطيع مواجهة صعوبات الحياة بكل ثبات.ومن هذا المنطلق كانت مناقشتي لبعض مشكلات الطفولة وأسبابها وسبل الوقاية منها وعلاجها حال حدوثها، ولقد ركزت على العادات التي تنتشر عادة في المدارس، كالسرقة والغيرة والكذب، والخوف، والانطواء والعزلة، والخجل والقلق، وقد تحريت أنجع أساليب العلاج لهذه المشكلات وأصحها، التي يمكننا من خلالها حل المشكلات دون التأثير سلباً على نفسية الطفل، واليوم نتكلم عن الغيرة:

     الغيرة هي العامل المشترك في الكثير من المشكلات النفسية عند الأطفال، ويقصد بذلك الغيرة المرضية التي تكون مدمرة للطفل وقد تكون سبباً في إحباطه وتعرضه للكثير من المشكلات النفسية، والغيرة أحد المشاعر الطبيعية الموجودة عند الإنسان كالحب، ويجب أن تقبلها الأسرة بوصفها حقيقة واقعة، ولا تسمح في الوقت نفسه بنموها، فالقليل من الغيرة يفيد الإنسان؛ فهي حافز على التفوق، ولكن الكثير منها يفسد الحياة، ويصيب الشخصية بضرر بالغ، وما السلوك العدائي والأنانية والارتباك والانزواء إلا أثراً من آثار الغيرة على سلوك الأطفال، ولا يخلو تصرف طفل من إظهار الغيرة بين الحين والحين، وهذا لا يسبب إشكالا إذا فهمنا الموقف وعالجناه علاجاً سليماً.

     أما إذا أصبحت الغيرة عادة من عادات السلوك تصبح مشكلة، ولاسيما حين يكون التعبير عنها بأساليب متعددة، والغيرة من أهم العوامل التي تؤدي إلى ضعف ثقة الطفل بنفسه، أو إلى نزوعه للعدوان والتخريب والغضب.

      والغيرة شعور مؤلم يظهر في حالات كثيرة مثل ميلاد طفل جديد للأسرة، أو شعور الطفل بخيبة أمل في الحصول على رغباته، ونجاح طفل آخر في الحصول على تلك الرغبات، أو الشعور بالنقص الناتج عن الإخفاق والفشل.

      والواقع أن انفعال الغيرة انفعال مركب، يجمع بين حب التملك والشعور بالغضب، وقد يصاحب الشعور بالغيرة إحساس الشخص بالغضب من نفسه ومن إخوانه الذين تمكنوا من تحقيق مآربهم التي لم يستطع هو تحقيقها. وقد يصحب الغيرة كثير من مظاهر أخرى كالثورة أو التشهير أو المضايقة أو التخريب أو العناد والعصيان، وقد يصاحبها مظاهر تشبه تلك التي تصحب انفعال الغضب في حالة كبته، كاللامبالاة أو الشعور بالخجل، أو شدة الحساسية أو الإحساس بالعجز، أو فقد الشهية أو فقد الرغبة في الكلام.

بين الغيرة والحسد

      ومع أن هاتين الكلمتين تستخدمان غالبا بطريقة متبادلة، فهما لا يعنيان الشيء نفسه على الإطلاق، فالحسد هو أمر بسيط يميل نسبياً إلى التطلع إلى الخارج، يتمنى فيه المرء أن يمتلك ما يملكه غيره، فقد يحسد الطفل صديقه على دراجته، وتحسد الفتاة المراهقة صديقتها على طلعتها البهية.

ما ينتاب المرء من قلق

     الغيرة هي ليست الرغبة في الحصول على شيء يملكه الشخص الأخر، بل هي أن ينتاب المرء القلق بسبب عدم حصوله على شيء ما، فإذا كان ذلك الطفل يغار من صديقه الذي يملك الدراجة، فذلك لا يعود فقط إلى كونه يريد دراجة كتلك لنفسه بل وإلى شعوره بأن الدراجة توفر الحب، رمزاً لنوع من الحب والطمأنينة اللذين يتمتع بهما الطفل الأخر بينما هو محروم منهما، وإذا كانت تلك الفتاة تغار من صديقتها تلك ذات الطلعة البهية فذلك يعود إلى أن قوام هذه الصديقة يمثل الشعور بالسعادة والقبول الذاتي اللذين يتمتع بهما المراهق التي حرمت منه تلك الفتاة.

      فالغيرة تدور إذاً حول عدم القدرة على أن نمنح الآخرين حبنا ويحبنا الآخرون بما فيه الكفاية، وبالتالي فهي تدور حول الشعور بعدم الطمأنينة والقلق تجاه العلاقة القائمة مع الأشخاص الذين يهمنا أمرهم، والغيرة في الطفولة المبكرة تعد شيئاً طبيعيا؛ حيث يتصف صغار الأطفال بالأنانية وحب التملك وحب الظهور، لرغبتهم في إشباع حاجاتهم، دون مبالاة بغيرهم، أو بالظروف الخارجية، وقمة الشعور بالغيرة تحدث فيما بين 3 – 4 سنوات، وتكثر نسبتها بين البنات عنها بين البنين.

علاج الغيرة

ولعلاج الغيرة أو للوقاية من آثارها السلبية يجب عمل الآتي:-

- التعرف على الأسباب وعلاجها.

- إشعار الطفل بقيمته ومكانته في الأسرة والمدرسة وبين الزملاء.

- تعويد الطفل على أن يشاركه غيره في حب الآخرين.

- تعليم الطفل على أن الحياة أخذ وعطاء منذ الصغر وأنه يجب على الإنسان أن يحترم حقوق الآخرين.

- تعويد الطفل على المنافسة الشريفة بروح رياضية تجاه الآخرين.

- بعث الثقة في نفس الطفل وتخفيف حدة الشعور بالنقص أو العجز عنده.

- توفير العلاقات القائمة على أساس المساواة والعدل، دون تمييز أو تفضيل على آخر، مهما كان جنسه أو سنه أو قدراته، فلا تحيز ولا امتيازات بل معاملة على قدم المساواة

- تعويد الطفل على تقبل التفوق، وتقبل الهزيمة؛  بحيث يعمل على تحقيق النجاح ببذل الجهد المناسب، دون غيرة من تفوق الآخرين عليه، بالطريقة التي تدفعه لفقد الثقة بنفسه.

- تعويد الطفل الأناني على احترام الجماعة وتقديرها، ومشاطرتها الوجدانية، ومشاركة الأطفال في اللعب وفيما يملكه من أدوات.

- يجب على الآباء الحزم فيما يتعلق بمشاعر الغيرة لدى الطفل، فلا يجوز إظهار القلق والاهتمام الزائد بتلك المشاعر، كما أنه لا ينبغي إغفال الطفل الذي لا ينفعل، ولا تظهر عليه مشاعر الغيرة مطلقاً.

- في حالة ولادة طفل جديد لا يجوز إهمال الطفل الكبير وإعطاء الصغير عناية أكثر مما يلزمه، فلا يعط المولود من العناية إلا بقدر حاجته، وهو لا يحتاج إلى الكثير، والذي يضايق الطفل الأكبر عادة كثرة حمل المولود، وكثرة الالتصاق الجسمي الذي يضر المولود أكثر مما يفيده. وواجب الآباء كذلك أن يهيئوا الطفل إلى حادث الولادة مع مراعاة فطامه وجدانياً تدريجياً بقدر الإمكان، فلا يحرم حرماناً مفاجئاً من الامتياز الذي كان يتمتع به.

- يجب على الآباء والأمهات أن يقلعوا عن المقارنة الصريحة، واعتبار كل طفل شخصية مستقلة لها استعداداتها ومزاياها الخاصة بها.

- تنمية الهوايات المختلفة بين الإخوة كالقراءة وألعاب الكمبيوتر وغير ذلك وبذلك يتفوق كل في ناحيته، ويصبح تقييمه وتقديره بلا مقارنة مع الآخرين.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك