رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وحيد عبدالسلام بالي 22 يونيو، 2010 0 تعليق

الطريق إلى الولد الصالح (5) الوازع الديني والمراقبة الإلهية تبعد الأبناء عن التقاليد الجاهلية الفاسدة

 تحدثنا في الحلقة السابقة عن دور الآباء والأمهات في تأديب أبنائهم وتربيتهم التربية الحسنة وضرورة إتقانهم أصول التربية الإسلامية والإلمام بجميع جوانبها حتى يقوموا بها خير قيام، وذكرنا أن المقصود بالتربية الإيمانية ربط الولد منذ صغره بأصول الإيمان، وتعويده منذ تفهمه أركان الإسلام، وتعليمه من حين تمييزه مبادئ الشريعة الغراء.

التربية الخلقية:

التربية الخلقية هي مجوعة المبادئ الخلقية والفضائل السلوكية والوجدانية التي يجب أن يتلقنها الطفل ويكسبها، ويعتاد عليها منذ تمييزه وتعقله إلى أن يصبح مكلفاً إلى أن يتدرج شاباً إلى أن يخوض الحياة.

ومما لاشك فيه أن الفضائل الخلقية والسلوكية والوجدانية هي ثمرة من ثمرات الإيمان الراسخ، والتنشئة الدينية الصحيحة.

والطفل منذ نعومة أظفاره حين ينشأ على الإيمان بالله، ويتربى على الخشية منه، والمراقبة له، والاعتماد عليه، والاستعانة به، والتسليم لجنابه فيما ينوب ويروع، تصبح عنده الملكة الفطرية، والاستجابة الوجدانية لتقبل كل فضيلة ومكرمة، والاعتياد على كل خلق فاضل كريم؛ لأن الوازع الديني الذي تأصل في ضميره، والمراقبة الإلهية التي ترسخت في وجدانه، والمحاسبة النفسية التي سيطرت على تفكيره وإحساساته، كل ذلك بات حائلا بين الطفل وبين الصفات القبيحة، والعادات الآثمة المرذولة، والتقاليد الجاهلية الفاسدة، بل إقباله على الخير يصبح عادة من عاداته، وتعشقه المكارم والفضائل يصير خلقا أصيلا من أبرز أخلاقه وصفاته. والعكس تماما حينما تكون التربية للطفل بعيدة عن العقيدة الإسلامية، مجردة من التوجيه الديني والصلة بالله عز وجل؛ فإن الطفل لاشك يترعرع على الفسوق والانحلال، وينشأ على الضلال والإلحاد، بل سيتبع نفسه هواها ويسير خلف نوازع النفس الأمارة، ووساوس الشيطان ووفقاً لمزاجه وأهوائه وأشواقه الهابطة.

الأخلاق الهابطة:

هناك أخلاق عدة منتشرة بين الأطفال يجب مراعاتها والتحذير منها، وهي:

1- خلق الكذب:

وهو خلق ذميم؛ فواجب على الآباء والمربين أن يراقبوا أولادهم حتى لا يقعوا في ذلك الخلق الشنيع.

ويكفي الكذب تشنيعا وتقبيحا أن عده الإسلام من خصال النفاق؛ فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي[ قال: «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر».

2- خلق السرقة:

وهو لا يقل خطراً عن الكذب، وهو منتشر في البيئات المتخلفة التي لم تتخلق بأخلاق الإسلام، ولم تترب على مبادئ التربية والإيمان. ومن المعلوم بداهة أن الطفل منذ نشأته إن لم ينشأ على مراقبة الله والخشية منه، ويتعود على الأمانة وأداء الحقوق، فإن الولد- لاشك- سيدرج على الغش والسرقة والخيانة، وأكل الأموال بغير حق، بل يكون شقيا مجرما، يستجير منه المجتمع، ويستعيذ من سوء فعاله الناس؛ لهذا كان لزاماً على الآباء أن يغرسوا في نفوس أبنائهم عقيدة المراقبة لله، والخشية منه، وأن يعرفوهم بالنتائج الوخيمة التي تنجم عن السرقة وتستفحل بسبب الغش والخيانة.

3- خلق السباب والشتائم:

وهو خلق قبيح منتشر في محيط الأولاد ولاسيما من تربوا بعيدا عن هدى القرآن، والالتزام بالإسلام.

يقول عبد الله علوان: والسبب في انتشار ظاهرة السباب والشتائم بين الأولاد يعود إلى أمرين:

الأول- القدوة السيئة:

فالولد حينما يسمع من أبويه كلمات الفحش والسباب وألفاظ الشتيمة والمنكر.. فإن الولد- لاشك- سيحاكي كلماتهم، ويتعود ترداد ألفاظهم؛ فلا يصدر منه في النهاية إلا كلام فاحش، ولا يتلفظ إلا بمنكر القول وزوره.

الثاني- الخلطة الفاسدة:

فالولد الذي يُلقى للشارع، ويُترك لقرناء السوء، ورفقاء الفساد، فمن البديهي أن يتلقن منهم لغة اللعن.

لهذا كله وجب على الآباء والأمهات والمربين جميعاً أن يعطوا للأولاد القدوة الصالحة في حسن الخطاب، وتهذيب اللسان، وجمال اللفظ والتعبير، كما يجب عليهم أن يجنبوهم لعب الشارع، وصحبة الأشرار، وقرناء السوء؛ حتى لا يتأثروا بانحرافهم ويكتسبوا من عاداتهم.

ويجب عليهم كذلك أن يبصّروهم بمغبة آفات اللسان ونتيجة البذاءة في تحطيم الشخصية، وسقوط المهابة، وإثارة البغضاء والأحقاد بين أفراد المجتمع.

ويمكنك أن تُلقي على أسماعهم بعض الأحاديث التي تنهى عن اللعن والسب مثل: حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي[ قال: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر»، وحديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله[ قال: «إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه» قيل: يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: «يسب الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه».

4- خلق الميوعة والانحلال:

يقول عبد الله علوان: أما ظاهرة الميوعة والانحلال فهي من أقبح الظواهر التي تفشت بين أولاد المسلمين وبناتهم في هذا العصر... فحيثما أجلت النظر تجد كثيرا من المراهقين الشباب والمراهقات الشابات قد انساقوا وراء التقليد الأعمى، وانخرطوا في تيار الفساد والإباحية دون رادع من دين، أو وازع من ضمير، كأن الحياة في تصورهم عبارة عن متعة زائلة، وشهوة هابطة، ولذة محرمة، فإذا ما فاتهم هذا فعلى الدنيا السلام!

وقد ظن بعض ذوي العقول الفارغة أن آية النهوض بالرقص الماجن، وعلامة التقدم بالاختلاط الشائن، ومقياس التجديد بالتقليد الأعمى، فهؤلاء قد انهزموا من نفوسهم، وانهزموا من ذوات شخصياتهم وإراداتهم قبل أن يهزموا في ميادين الكفاح والجهاد.

فترى الواحد من هؤلاء ليس له هم في الحياة إلا أن (يتخنفس) في مظهره، وأن يتخلع في مشيته، وأن (يتصيع) في منطقه، وأن يبحث عن ساقطة مثله ليذبح رجولته عند قدمها، ويقتل شخصيته في التودد إليها.. وهكذا يسير من فساد إلى فساد، ومن ميوعة إلى ميوعة حتى يقع في نهاية المطاف في الهاوية التي فيها دماره وهلاكه.

ومن هنا يتعين على المربي أن يهذب أخلاق الولد، وأن يبعده عن صحبة السوء، وأن يربطه بالصحبة الطيبة، وعليه أيضاً أن يباشر الولد فإذا وجد منه اعوجاجا سارع بتقويمه قبل أن يتأصل فيه.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك