رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 21 مارس، 2016 0 تعليق

الضوابط الفقهية في الأعمال والوقفية 4- يقدم في ولاية الوقف من عرفت قوته وأمانته(1)

المراد من هذه القاعدة: وجوب تقديم صاحب القوة والأمانة في نظارة الأوقاف والإشراف عليها على من ليس كذلك؛ لما في ذلك من تحقيق لمقصود الوقف وإعمال لشروط الواقف، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

     وفي قاعدة أخرى: «يقدَّم في كل ولاية -كلَّ موطن- من هو أقوم بمصالحها»(2)؛ وهذه القاعدة توضح الشرط الذي لابد من توفُّره في كل من يراد توليته أو إسناد عمل إليه، وهذا يختلف باختلاف المهام والأعمال؛ إذ كل عمل يحتاج لمهارة معينة؛ فيقدَّم في كل عمل من كان أدرى وأقوم بمصالحها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «إذا كانت الحاجة في الولاية إلى الأمانة أشد قدم الأمين مثل حفظ الأموال ونحوها، فأما استخراجها وحفظها فلا بد فيه من قوة وأمانة، فيولى عليها شاد قوي يستخرجها بقوته، وكاتب أمين يحفظها بخبرته وأمانته(3).

وقال في موضع آخر: «يجب أن يولى على الوظائف الأحق شرعاً(4)، وأفتى كذلك في عدم جواز عزل الأحق بالإمامة شرعاً»(5).

     وطالب الولاية لا يولى: فمن طلب أن يكون والياً إما برئاسة أو إدارة أو غيرها من المناصب؛ فإنه لا يولى؛ لأنه بطلبه للمنصب دالٌّ على أن له غرضاً دنيوياً وليس مقصده إقامةَ شرع الله وأداءَ حقوق العباد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : «إنَّا، والله لا نولي على هذا العمل أحداً سأله، ولا أحداً حرصَ عليه»(6).

ومن التطبيقات العملية لهذا الضابط :

1- ينبغي على المؤسسات الوقفية والخيرية، حين تختار العاملين والمتولين لأعمالها  والقيام بواجباتها جمع القوة والأمانة .

2- الخلل في أداء الأعمال الخيرية والوقفية لا يكون إلا بفقد القوة والأمانة أو بفقد إحداها .

3- والوظائف في الأعمال الوقفية يولى فيها الأحق شرعاً.

4- والواجب في كل وظيفة أن يقدم الأصلح بحسبها؛ لأن اجتماع القوة والأمانة في الناس قليل ، فيختار الأصلح حسب طبيعة ذلك العمل .

5- ولا يلزم من صلاحية شخص لمكان أن يصلح لكل مكان، بل لابد من النظر إلى طبيعة الولاية وقدرة الشخص على تحقيق مقاصدها .

- ولذا على المؤسسات الخيرية والوقفية الإخلاص لله -تعالى- في اختيار من يلي أمور المسلمين، والنظر إلى كفاءة الإنسان وقدرته على تحقيق مقاصد الولاية التي سيتولاها؛ فليس كل صالح في نفسه يكون صالحاً في ولايته. 

7- وإذا تعين رجلان أحدهما أعظم أمانة والآخر أعظم قوة، قدم أنفعهما لتلك الولاية وأقلهما ضرراً فيها، فيقدم في إمارة الحروب الرجل القوي الشجاع، وإن كان فيه فجور فيها، على الرجل الضعيف العاجز وإن كان أميناً وإن كان الحاجة في الولاية إلى الأمانة أشد قدم الأمين مثل حفظ الأموال ونحوها(7).

الهوامش:

1- مجموع الفتاوي (31/74) .

2- الفروق: (3/102).

3- مجموع الفتاوي (28/ 257-258).

4- الاختيارات الفقهية (ص175)، والفتاوى الكبرى (4/509).

5- راجع مجموع الفتاوى (31/95).

6- أخرجه مسلم في صحيحه، برقم 1733.

7-انظر للاستزادة: مجموع الفتاوى (28/255).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك