رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 28 يونيو، 2016 0 تعليق

الضوابط الفقهية في الأعمال الوقفية 3- ما قارب الشيء يعطى حكمه

الفعل أو الشيء أو العدد أو الصفة أو الزمن إذا كان فعله أو اجتنابه على نحو معين أو قدر معين فجاء أو جيء به على نحو قريب من الأصل المطلوب والوجه المطلوب عُدَّ على هذا التقريب كافياً ومجزئاً .

وللقاعدة صيغ أخرى؛ أهمها :

1- ما قارب الشيء أعطي حكمه .

2- ما قرب من الشيء فحكمه حكمه .

3- ما قرب من الشيء يعطى حكمه .

4- اليسير معفوٌ عنه .

5- القليل معفو عنه.

وتقرر هذه القاعدة إلحاق الشيء في الحكم بما قاربه، وللمقاربة أوجه متعددة يمكن تلخيص ماعده الفقهاء منها موجباً لإعطاء المقارب حكم المقارَب في أربعة:

1- المقاربة الزمانية: وهي إما أن تتعلق بوقوع الشيء أو بزواله، فالمتعلقة بوقوعه هي المقصودة بالشطر الأول من قاعدة: المتوقع هل يجعل كالواقع؟ وأما اقتراب زوال الشيء فهو المراد بالشطر الأول من قاعدة: «المشرف على الزوال هل يعطى حكم الزائل؟».

2- المقاربة المكانية: وأعم دلالة عليها هو التعبير عنها بالحريم في قاعدة: «الحريم له حكم ما هو حريم له» وما تفرع عنها، وأوضح دلالة على هذا المعنى هو قاعدة : «ما قرب فله حكم الاتصال».

3- التحصيل أو الانتهاء عن معظم الفعل أو الشيء أو العدد أو الصفة المطلوب فعلها أو اجتنابها شرعاً على هيئة أو قدر معين؛ بحيث يجيء بها المكلف على نحو قريب من الأصل المطلوب والوجه المطلوب، فيعد هذا التقريب كافياً ومجزئاً, وهذا المعنى يدخل في عموم قاعدة (الأقل تبع للأكثر) وهو موضوع القاعدة المتفرعة عنها (معظم الشيء يقوم مقامه كله). ولا يخفى أن من لوازم اعتبار هذا المعنى اغتفار القليل».

     وبهذا تتبين أوجه شمول متعلقات قاعدتنا لهذه المفاهيم الأربعة ودخولها في عموم التقديرات الشرعية؛ حيث تقرر إعطاء المقارِب حكم المقارَب؛ ولذا كان ارتباطها وثيقاً بشطر القاعدة: «هل العبرة بالحال أم بالمآل؟» القاضي بإعطاء الحكم للمآل فبينهما – كما أوضح ذلك السبكي – عموم وخصوص من وجه.

وبيان ذلك أن الشيء يعطى في كل من حالتي الحال والمآل حكم الأمرين معاً، سواء كان أحدهما مقارباً للآخر أم لا؛ وأخص من حيث إن مقارب الشيء يُعطى حكمه وإن لم يكن موضوعاً؛ لأن يؤول إليه.

تطبيقات القاعدة :

1- «إذا تبرع المريض مرض الموت بثلث ماله، ثم تبرع  بثلث آخر بعد ذلك بأيام، إن قرب ما بينهما منع؛ لأنهما كالتبرع الواحد، فإن «ما قارب الشيء يعطى حكمه».

2- في الأضحية إذا كان قطع يسير من أذنها أو ذنبها مغتفر بناء على القاعدة، وعدوا اليسير في الأذن الثلث فأقل، وفي الذنب ما دون الثلث.

3- يجوز تقديم  الزكاة قبل  الحلول بيسير، بناء على أن ما قارب الشيء يعطى حكمه.

4- إذا سلمت مؤسسة خيرية أسرة متعففة سلة غذائية (صدقة) وبعد فترة تصدقوا عليهم بأخرى فإنها تأخذ حكمها، فهي صدقة ولو ادعوا أنها بمقابل فلا ينظر إلى ذلك لأن ما قارب الشيء يعطى حكمه.

5- يجوز للمؤسسة الخيرية أن تكلف العاملين بأعمال خارجة عن العقد بشرط ما قل من عمل ومتعلق بالعمل؛ لأن ما قارب الشيء يعطى حكمه.

6- إذا دعي المصلون للتبرع لزكاة الفطر (مالاً) ليشترى به طعاما ويوزع  قبل صلاة العيد، وعلم بعد ذلك أن بعضهم دفع صدقة وليس زكاة فطر فيؤخذ حكم الغالب وما قارب الشيء فيأخذ  حكمه.

7- الربا لا يجوز قليله ولا كثيرة، فإذا كانت الأموال المتخلص منها أن أغلبها ربا والظن بأنها ربا فتؤخذ حكم الغالب.

8- من اشترى سلعة بعينها قائمة واشترط أن يقبضها إلى يوم أو نحو ذلك فلا بأس به إن اشترطه المشتري على البائع أو اشترطه البائع على المشتري لأن يومين قريب، وإن كانا في سفر وكان ذلك دابة فله أن يركبها ذينك اليومين. لأن ما قارب الشيء يُعطى حكمه.

9. من لم يكن لهم قوت معلوم يلزمهم إخراج زكاة الفطر من قوت أقرب البلاد إليهم؛ لأن ما قارب الشيء يُعطى حكمه.

10- تصح صلاة بعض المأمومين في الجمعة في الطرق المتصلة بالمسجد لأن الطرق قريبة من المسجد لكونها متصلة به ومعلوم أن ما قارب الشيء يُعطى حكمه.

11- الأصل في الصانع أن يقبض أجرته فور انتهاء عمله، فإذا أنهى عمله ودفع المصنوع لصاحبه، وادعى بالقرب من ذلك أنه لم يقبض أجرته، كان القول قوله مع يمينه، لأنه كمن ادعى ذلك قبل دفعه المصنوع لصاحبه، من باب أن ما قارب الشيء يُعطى حكمه.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك