رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 28 يناير، 2018 0 تعليق

الضوابط الفقهية في الأعمال الوقفية 27- الوقفُ لا يُملَك

 الوقف لا يُمَلَّك، ويعني هذا أنَّ العين الموقوفة بعد ورود عقد الوقف عليها، تخرج عن ملك الجميع، ولا تكون ملكًا لأحد بعينه، إلّا لله - سبحانه وتعالى- وحده، وليس هذا عند جميع أهل العلم، وقد أشرنا إلى خلافهم مجرّد إشارة سابقاً، ونلخّص الآن مذاهبهم على نحو مختصرٍ، في تأثير الوقف على ملك العين الموقوفة، فنقول: اختلف العلماء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال؛ هي:

     القول الأوّل: تبقى رقبة العين الموقوفة ملكاً للواقف، لكن ليس له حقّ التصرف فيها، وإليه ذهب الإمام مالك، واستدلّوا له بحديث النبيّ -صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطّاب -رضي الله عنه -: «احبس أصلها، وسبِّلْ ثمرتها»، قالوا: ليس في كلام النبيّ -صلى الله عليه وسلم - ما يدلّ على زوال الملك بعد ذلك التّحبيس.

- القول الثاني: تنتقل الملكيّة إلى الموقوف عليه، وهو أرجح الروايات عن أحمد، واستدلّوا له: بأنّ الوقف تصرُّف يصلحُ لأن يكون من آثاره زوالُ الملك، كالهديّة والهبة، ولأنّه لو لم يكن تمليكاً للعين وإنما للمنفعة فقط، لكان عقداً جائزاً غير لازم، كالعارية وإباحة السُّكنى، فلمّا كان لازماً علمنا أنّه لم يلزم إلا لانتقال الملك.

- القول الثالث: تكون الملكيّة لله تعالى، وهو أرجح الأقوال عند الشافعيّة، وإليه ذهب الصاحبان من الحنفيّة، وهو رواية عن أحمد، وهذا القول الأخير هو الأرجح والأقوى.

وهناك صيغ أخرى لهذا الضابط، منها: «لا تمليك في الوقف- ورقبة الوقف لا تُمْلَك - والوقف يقتضي زوال الملك. - والوقف بعد لزومه لا يقبل الملك».

تطبيقات الضابط

- الموقوف عليه لا يملك الوقف، فلا يجوز له بيعه.

- إذا حلف لا يهب لفلان، فوقف عليه، لم يحنث على القول الراجح؛ لأنّ الوقف لا يُمْلَك، والهبة تقتضي ملك الموهوب.

- لا يجوز أن يورث الوقف؛ لأن الإرث لا يكون إلا فيما هو مملوك.

- لا يجوز لمتولِّي الوقف رهنه؛ لأنّه لا يملكُه.

- إذا وُقفت الدور فلا تجب الزكاة في غلّاتها؛ لأنها ليست مملوكة للواقف ولا للموقوف عليه، والزكاة إنما تجب في المال المملوك، ولو وقف أربعين شاة على جماعة معينين فلا زكاة عليهم.

الوقف لا تُستحق به الشفعة؛ لأن الموقوف عليه لا يملك الوقف على المذهب الراجح، فليس بشريك في الملك، والشفعة إنما تثبت للشريك.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك