رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 10 يناير، 2017 0 تعليق

الضوابط الفقهية في الأعمال الوقفية 14- الضرورات تبيح المحضورات

 

من القواعد المقررة في شريعتنا أن (الضرورات تبيح المحظورات)، وقد دل على هذه القاعدة أدلة كثيرة، من الكتاب، والسنَّة، منها: قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(البقرة: 173).

فكل محظور اضطر إليه الإنسان: فقد أباحته له الشريعة الإسلامية،  لكن هناك شروطاً، وقيوداً، لابد من حصولها في حالةٍ ما؛ ليسوغ تسميتها ضرورة شرعية، ولا يمكن أن تكون تلك الحالة ضرورة شرعية مع تخلف شيء من هذه الضوابط .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-: «ليس هناك ضرورة تبيح المحرم إلا بشرطين؛ الأول: أن نعلم أنه لا تزول ضرورته إلا بهذا، والثاني: أن نعلم أن ضرورته تزول به.

فالضرورات تقدر بقدرها، فكُلُّ محظورٍ مع الضرورة بقدر ما تحتاجه الضرورة. وما تدعو الضرورة لارتكابه من المحظورات، إنما يرخَّص منه القَدْر الذي تندفع به الضرورة فقط؛ فليس له أن يتوسَّع أكثر. والقاعدة الفقهية تقول: ما جاز لعذر بطل بزواله.

التطبيقات العملية:

1- إذا ضاق ريع الوقف وكان محتاجاً إلى عمارة ضرورية تستغرق جميع الغلة المقبوضة، تقدم العمارة وتنقطع سائر الجهات الضرورية وغير الضرورية، فلا يصرف شيء في زمن العمارة للمستحقين وأرباب الشعائر وأصحاب الوظائف، سواء كانوا ممن يترتب على قطعهم ضرر بيّن لإقامة الشعائر أم من غيرهم.

2- إذا تزاحمت مفسدتان الأولى: ضياع الوقف بعدم توثيقه، والثانية: دفع هدية للقاضي حتى يعجل في تسجيله، فتؤخذ بأحق المفسدتين، فضياع الوقف أعلى مفسدة من تقديم الهدية.

3- يمكن الاستعانة بأناس مأجورين (مرتزقة) ليدفعوا عن الوقف المعتدين، ومن استولوا عليه بالقوة.

4- إجبار المعتدي على الوقف أن يعيده كما كان وإن لم يكن ذلك تؤخذ منه القيمة ليُشترى بها وقف مكانه، فيلزم المعتدي الضمان بالقيمة إن لم يأت بالمثل أو إعادته كما كان قبل الاعتداء.

5- الإفتاء بالضرورة لا يكون إلا عند عدم وجود حلول أخرى، فلا يجوز الإفتاء بالضرورة إلا بعد انسداد جميع الأبواب.

6- أَخْذ نسبة للقائمين بأعمال الإغاثة في المبالغ المرصودة لغرض محدد سائغٌ للضرورة؛ ولكن لا بد أن يُحصَر ذلك بِقَدْر العمل فعلاً؛ لأن الضرورة تقدَّر بقدرها.

7- يستحق العاملون على الزكاة عن عملهم من سهم العاملين ما يُفرَض لهم من الجهة التي تعيِّنهم؛ على ألا يزيد عن أجر المثل ولو لم يكونوا فقراء، مع الحرص على ألا يزيد مجموع ما يُدفَع إلى جميع العاملين والتجهيزات والمصاريف الإدارية عن ثمن الزكاة.

8- يجوز هدم حائط للوقف إن تيقن ضرره على السالكين في الطريق، وإعادة بنائه من جديد من أموال الوقف. 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك