رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 17 أبريل، 2018 0 تعليق

الضوابط الفقهية في الأعمال الوقفية – يصحُّ تعليقُ الوقْف على شرطٍ على المذهب الراجح

أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث عدة تشير إلى مدى أهمية الوقف منها ما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له»؛ وكذلك وردت آيات كثيرة تحث على عمل الخير وإعطاء الصدقات التي يتقرب بها إلى الله -عز وجل- كقوله -تعالى-: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، وقوله -تعالى-: {وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون}.

معنى الضابط: كلُّ وقفٍ جُعل انعقادُه معلَّقاً بتحقُّق شرط، ومؤجَّلاً إلى حين حدوثِه؛ فالراجح أنّه وقفٌ صحيحٌ، ويدور البحث في هذه المسألة على ثلاث أنواع من التّعاليق، هي:

- النوع الأول: التعليق على شرطٍ مستقبل، كأن يقول: هذه الدّار وقفٌ إذا رضي أبي بذلك.

فلأهل العلم قولان في هذه الصورة:

- الأوّل: ما ذهب إليه المالكيّة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيميّة، وتلميذه ابن قيّم الجوزيّة، أن ذلك يصحّ.

- الثاني: ما ذهب إليه الحنفيّة، والشافعيّة والحنابلة، من أنّ تعليق الوقف على شرط لا يصحّ.

     والراجح هو القول الأوّل كما أسلفنا وهو صحّة التعليق؛ لأنّ الوقف إحسانٌ محضٌ، وفي تصحيح تعليق على الشرط تكثيرٌ لهذا الإحسان، وهو مقصودٌ شرعاً، والصحّة والجواز هما الأصل؛ ولأنّ المانعين منه قد صحّحوا تعليق بعض عقود المعاوضات على الشرط! وهي مظنّة المشاحّة بخلاف الوقف؛ فدلّ على أنّ ثمّة اضطراباً في الأصول التي بنَوْا عليها المنع.

- النوع الثاني: تعليق الوقف في صورة النّذر، كأن يقول: لله عَلَيَّ إن شفاني الله أن أقف داري على طلبة العلم؛ فذلك صحيحٌ؛ لأنّ النّذر يجوز تعليقه بالاتفاق.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من نَذَرَ أنْ يطيع الله فليطعه، ومن نَذَرَ أن يعصيه فلا يعْصِهِ».

- النوع الثالث: تعليق الوقف على الموت، كأن يقول: إذا متُّ فداري وقفٌ على كذا وكذا.

جاء في (قانون العدل والإنصاف) مادة (166): «لو قال أحدٌ: داري هذه وقفٌ بعد موتي على المساكين، أو محبوسةٌ على المساكين، وكانت الدّار ممّا تخرج من ثلث ماله، صحّ وقفُه، وإلّا فلا».

وتصحيح الوقْف المعلّق على الموت هو ظاهر كلام أحمد، والوجه الأقوى عند أصحابه، وكذا يصحّ عند الشافعيّة، والمالكيّة، والحنفيّة.

وهو يصحّ عند هؤلاء جميعاً على أنّه في حكم الوصيّة من كلِّ وجهٍ، بمعنى أنّه ينفذ في الثلث فما دونه من المال، ولا ينفذ فيما زاد على الثلث، إلا أن يجيزه الورثة، وما سوى ذلك من أحكام الوصيّة.

التطبيقات العملية

إذا قال: إذا جاء رمضان، فأرضي الفلانيّة وقفٌ على المساكين فإنّه يصحّ على الراجح، وتصيرُ وقفاً إذا دخل رمضان الدّخول المعتمد شرعاً.

إذا قال: لله عليَّ أن أقف داري على المساكين إن شفى الله ولدي؛ فهو نذرٌ صحيحٌ، يجب عليه الوفاء به؛ فإنْ لم يفِ احتمل عواقب ذلك، ولا تكون داره وقفاً، وإن وفى فهي وقف.

من قال: إذا أنا متُّ فداري وقفٌ في سبيل الله فينفُذ الوقف إن كانت داره تساوي ثلث قيمة تركته أو أقلّ، وإن لم تكن، فتجري عليها أحكام الوصيّة.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك


X