رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 16 سبتمبر، 2019 0 تعليق

الضابط التاسع عشر – الضوابط الفقهية للأعمال الوقفية – الوقف الشرعي لا يكون في معصية


إنّ من أحكام الوقف المهمّة أنّه لا يصحّ بمعنى أنّه لا ينعقدُ شرعاً إذا كان موقوفاً على جهة معصيةٍ، وكذا إذا كان العقد معصيةً، والمقصود في هذا الضّابط بيانُ أنّ الوقْف لا يصحُّ إذا كان على معصيةٍ من ناحية الجهة الموقوف عليها، فإنْ كان على جهة معصية بَطل، لأنّ الأصل في مشروعية الوقف أن يكون صدقة جارية مستمرة، يتقرّب بها الواقف إلى خالقه -سبحانه وتعالى- لينفق ريعه أو يستفاد من عينه في أوجه الخير، ويُعبَّر عن ذلك بأنّه: جهةُ بِرٍّ.

     فالوقف إنما شرع للتقرب والدوام، والقربة والمعصية متضادّان، فلم يجز وقف المعصية، لأن ذلك إعانة على فعل المعاصي، وتثبيتاً لوجودها، وتقوية لفاعليها، فلا يصحّ وقف يكون ريعه لمعابد الكفّار، كالكنائس والبِيَع، ولا على خدمتها، وفرشها وقناديلها، ولا على تأسيسها أو ترميمها، وغير ذلك مما يتعلق بها.

     قال الأستاذ العلّامة مصطفى الزّرقا: «النّظريّة الفقهيّة في شرائط الموقوف عليه تُستمدّ من الغاية المشروعة في الوقف؛ لأنّ الهدف في الوقف إنّما هو الموقوف عليه؛ ومن حيث كانت مشروعيّة الوقف تقوم على فكرة البرّ والإحسان الجاري وجب في الجهة الموقوف عليها أن يتوفّر فيها هذا المعنى من البرّ والدّيمومة.

فأمّا صفة البِرِّ فمتفقٌ عليها في الاجتهادات الإسلاميّة، ويعبّر الفقهاء عن النّاحيتين جميعاً بقولهم: جهةُ بِرٍّ لا تنقطع».

التطبيقات

1- لا يجوز وقف آلات اللّهو والقمار وآلات تصنيع الخمر، ولا بيوت الخنا والفجور، ولا السيارات لحمل الخمر والخنزير.

2- لا يصح الوقف لبناء مسجد على القبر، فالبناء عليه معصية، والوقف على جهة معصية باطل.

3- وقْف السلاح على جهة تقاتل المسلمين، أو على فئةٍ منهم لكنّها تخونهم وتظاهر عليهم عدوّهم، كلُّه باطلٌ، وإثمُه عند الله عظيمٌ؛ لأنّه مناقضٌ للطّاعة والقُربة من كلّ وجه، وفاعلُه على خطر.

4- وقْف السّلاح على من يحملُه على المسلمين في بيوتهم وأسواقهم، أو على من يقاتل به في الفتنة، باطلٌ كذلك.

5- وقف كتب الأديان الباطلة والطوائف الزّائغة عن الحقّ لا يصحّ، لأنّه ليس قُرْبةً ولا طاعةً ولا بِرًّا إذا كان وقفها لمجرّد القراءة والتعبّد بما فيها، وقد يصحّ وقْفُها -تَبَعًا لا أصالةً- إذا كانت في ضمن مكتبة موقوفةٍ على طلّاب العلم والباحثين الذين يدرسونها ليستخرجوا ما فيها من الشُّبُهات بغرض بيان زيفها والرّد عليها، فإنّ ذلك قُرْبة عظيمة، بل من الجهاد في سبيل الله.

6- كذلك الوقف على الكنائس والكُنُس لإنشائها أو ترميمها للعبادات المحرمة باطل، لأنه إعانة على الكفر.

7- من القُرُبات العظيمة وقْف الأرض لتكون مقبرةً لموتى المسلمين، إلّا أنّه لا يصحّ الوقف على ما يُستعمل في بِدَع المقابر والقبور والمآتم، كرفع القبور وزخرفتها وتزيينها.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك