الصوفيةهل نتركها لمخططات الأعداء؟
هذا مقال بخصوص تكثيف توظيف التصوف لتمرير العلمنة والإلحاد مؤخرًا، ومنها استغلال شهر رمضان لعرض مسلسل عن الحلاج الذي يعد من أكبر الشخصيات الصوفية المنحرفة عبر التاريخ الإسلامي؛ حيث يتم توظيف الدراما في شهر القرآن لتحريف الإسلام والقرآن بالدعوة لعقيدة وحدة الوجود الباطلة.
التصوف والصوفيون حقيقة لا يمكن إنكارها أو تجاهلها، وقد أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «لتتبعن سنن من كان قبلكم»، ومن هذه السنن التصوف؛ إذ التصوف عرف في الأديان السابقة قبل الإسلام، وهذه حقيقة مسلم بها اليوم بين الباحثين في التصوف من المسلمين وغير المسلمين، الصوفيين وغير الصوفيين، وأخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «وستفترق أمتي هذه على ثلاث وسبعين فرقة ...». الحديث, ومنهج أهل السنة هو التعامل مع أقدار الله وفق شرع الله، ومن ذلك مراعاة أعلى المصالح وتفويت أكبر المفاسد.
التصوف وانحطاط الأمة
وقد مرت فترة على المسلمين كان غالب المسلمين من الصوفية؛ ولذلك انحطت الأمة الإسلامية عن رتبة الصدارة والريادة؛ لما نشرته الصوفية بين المسلمين من شرك، وخرافة، وممالأة للكفار، وجهل، وتواكل، وانحراف خلقي، ما نزال نعيش آثارها لليوم.
مواقف استثنائية
وقد كانت هناك مواقف استثنائية مشرفة لبعض المتصوفة من نشر للإسلام أو جهاد ضد الكفار، في أنحاء متفرقة وأزمان مختلفة، وليس هذا بسبب تصوفهم، بل بالعكس بسبب بعدهم عن حقيقة التصوف النهائية التي هي وحدة الوجود، وما يستلزم ذلك من ترك للمأمورات وموالاة للكفار وارتكاب للمحرمات وقلة الدين.
تذبذب مواقف المتصوفة
وهذا يفسر لنا تذبذب مواقف المتصوفة بين الخيانة في أحيانٍ كثيرة، وبين مواقف الشرف والبطولة وهي قليلة؛ وذلك أن من (وصل) للحقيقة الصوفية لم يعد له اهتمام بمصالح الإسلام، وعلى هذا غالب مقدمي الصوفية؛ فرغم أنهم عاشوا في عصور شهدت أحداثٍا جساما، إلا أنه لم يسجل لهم إلا كرامات الشذوذ والانحلال كما تراها في جامع كرامات الأولياء للنبهاني، ومع ذلك قد يكون كثير من عامة المتصوفة حسن القصد سليم النية، لكنه جاهل بالشرع متبع لهواه، وهذا حال أغلب المتصوفة من العامة، ولو كان يحمل أعلى الشهادات فهو في دين الله أمي!!
اتخاذ التصوف منهجًا
ومن الصوفية من يعرف جهله واتباعه لهواه، لكن يحمله على اتخاذ التصوف منهجاً لحياته ما يحصل عليه من جاه ومنزلة ومال من خلال التصوف، وبعضهم يعرف حقيقة تصوفه وبعده عن دين الله لكن يحمله حب الدنيا التي يحصل عليها بالدين على السير في هذا الطريق، وآخرين يحملهم بغض الإسلام على نشر التصوف بين المسلمين.
كسب الصوفيين
ولما كان التصوف والمتصوفون يشكلون اليوم نسبة لا يستهان بها من المسلمين، ولاسيما في أطراف العالم الإسلامي، سعى أعداء الإسلام ممن لا يخفون عداوتهم، لكسب الصوفيين لجانبهم؛ فنادوا بضرورة دعم التصوف والصوفية بين المسلمين لتمرير مخططاتهم الخبيثة الرامية لصرف المسلمين عن دينهم ونبيهم؛ ليكونوا خدماً للشيطان وأعوانه، وقد كان لشخصيات صوفية كبيرة كهشام قباني شرف هذا التحريض ضد الإسلام وأهله، وطرح التصوف بديلاً عن السلفية والحركات السياسية الإسلامية التي تقف عقبة في طريق هذه المخططات الخبيثة.
لتنفيذ هذه المخططات قام بعض سفراء الدول الغربية بزيارات للموالد ومشيخات الطرق الصوفية، قال شيخ الصوفية في مصر عنها: إن هدف اللقاءات معرفة مدى عمق الطرق الصوفية داخل المجتمع المصري، وعددهم ومدى تأثير الفكر الصوفي على المصريين، وقد زارني سفير أحد الدول الكبرى في مدينة طنطا مرتين، منها مرة أثناء احتفال الطرق الصوفية بمولد السيد أحمد البدوي، وقد حضر هذا السفير برفقة زوجته وابنته وخطيبها (قناة العربية 26/4/2007م).
تقرير مؤسسة راند
ومن آخر هذه المخططات تقرير مؤسسة راند الأخير (بناء شبكات مسلمة معتدلة)، الذي دعا صراحة لدعم المتصوفة في مقابل الأصوليين السلفيين والحركات السياسية الإسلامية، ولخص ذلك خليل العناني في عرضه لتقرير راند بقوله: تشير الدراسة إلى أن هناك ثلاثة قطاعات مهمة في العالم الإسلامي قد تمثل نواة جيدة لبناء شبكات من الإسلاميين المعتدلين من أجل مواجهة المتطرفين الإسلاميين. وهذه القطاعات هي: العلمانيون، والإسلاميون، الليبراليون، والمعتدلون التقليديون بما فيهم المتصوفة.
مكانة مميزة
وتشير الدراسة إلى أن الصوفية تتمتع بمكانة مميزة في كل من البوسنة، وسوريا، وكازاخستان، وإيران، وإندونيسيا، في حين أنهم يأخذون شكلاً رسمياً في المغرب، وتركيا، والهند، وألبانيا، وماليزيا، وترى الدراسة إلى أن بعض الجماعات الصوفية متشددة ومتطرفة، وتشير في هذا الصدد إلى (جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية أحباش) الموجودة في لبنان.
تجربة (فتح الله كولن)
وفقاً للدراسة فإن النموذج الذي تقدمه تجربة (فتح الله كولن) في تركيا تعد مثالاً للصوفية المتمدينة؛ فهي تعارض سياسة الدولة لفرض الشريعة الإسلامية، ويرى أن على الدولة ألا تسعى لفرض الدين على المجتمع لكون الدين يمثل نوعاً من أنواع الخصوصية الفردية. (نشرة تقرير واشنطن العربية عدد 105).
خطة الأعداء
وهنا يطرح سؤال مهم: هذه خطة الأعداء باستخدام الصوفية ضد الإسلام؛ فهل نكتفي إزاءها بإدانة الصوفية والصوفيين فقط؟ أم أن الواجب يقتضي تحذير الصوفيين من هذه المخططات وثنيهم عن الوقوع في فخاخها، والعمل على دمجهم في جبهة العمل الإسلامي، أو على الأقل إبقائهم على الحياد في هذا الصراع القائم، واتخاذ هذه المخططات دليلاً على انحراف التصوف لدعوتهم إلى ترك ما هم عليهم، من بدعة، وخرافة، وشرك، جعلت أعداء الإسلام يطمعون في مساندتهم لهم ضد إخوانهم المسلمين.
ابن تيمية والصوفية
كيف يمكن لنا أن نستفيد من دروس تعاون شيخ الإسلام ابن تيمية مع الصوفية في صد عدوان التتار، أعتقد أن هذا من أهم ما نجابه به هذه المخططات وإلا كنا كما في المثل المشهور: (أشبعتهم شتماً وأودوا بالإبل)، والبحث عن الوسائل العملية، هو من أهم ما يجب أن تنصرف له الجهود، وقد يكون منها:
- التواصل مع بعض كبار الصوفية الذين لهم مواقف جيدة في القضايا الإسلامية العامة، وبيان ما يراد للصوفية والصوفيين تمريره من مخططات الأعداء.
- التوضيح لهم حقيقة ما يراد نشره بين المسلمين من أفكار إلحادية، أو إباحية تحت ستار محاربة السلفية والوهابية والتطرف.
- محاولة إصلاح التصوف عبر دعوة بعض عقلائهم لندوات ومؤتمرات تخصص لإصلاح التصوف.
- فضح بعض الشخصيات الصوفية التي أجرت نفسها لخدمة هذه المخططات الخبيثة.
- رصد التقارير والشخصيات والمشاريع التي تقوم على تطبيق هذه المخططات وفضحها.
لاتوجد تعليقات