رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عبدالقادر علي ورسمه 13 أبريل، 2015 0 تعليق

الصفقة النووية تحدد مستقبل إيران على مدى السنوات المقبلة

يتساءل الكثيرون ما إذا كانت الصفقة الإيرانية الأمريكية تفاقم بعض أزمات المنطقة؟ وكيف يكون مستقبل العلاقات الإيرانية العربية بعد الاتفاقية؟ وما تأثيرات هذه الاتفاقية على الوضع الداخلي الإيراني؟ وهل تؤدي إلى تمكين الإصلاحيين الذين يرغبون في إنهاء سياسة الحصار والعزلة الدولية منذ أكثر من ثلاثين عاما؟ أم يحقق لهم الهدف الرئيس الذي يتمثل في رفع العقوبات المفروضة عليهم؟، وما إذا كانت فرحة الشعب الإيراني بهذه الاتفاقية تؤشر بداية مرحلة جديدة يتغير فيها النظام الإيراني من نظام معزول إلى نظام منفتح على العالم؟ وما دلالات ذلك على دور إيران القادم، وتأثيرات ذلك على المنطقة وموازين القوى فيها؟، وغير ذلك من الأسئلة التي تدور في أذهان الكثيرين. ونحاول استعراض بعض إجابات المحللين للوقوف على متغيرات السياسية في المنطقة وتأثيراتها في ميزان القوى.

     إن هذا الاتفاق يبرهن على وجود استراتيجية سياسية إيرانية طويلة الأمد، بدأت مع طيّ صفحة الخطابات العنترية والتصريحات المثيرة للجدل التي كان ينتهجها الرئيس الإيراني السابق والتيار المحافظ، وتأكيدا لسياسة التيار الإصلاحي الساعية إلى التطبيع مع العالم وتغيير صورة إيران تجاه العالم التي تشوهت بسبب سياساتها العدائية مع جيرانها ومع العالم، ويمكن أن تنجح هذه السياسة إذا تم رفع العقوبات الاقتصادية عنها، ولمس الشعب الإيراني المؤيد لهذه السياسة تغييرا جذريا في رفع مستوى معيشته، وتخفيف وطأة الاستبداد السياسي، وهذا مرهون بمدى التأييد والمساندة التي تأتي من قبل المرشد والتيار المحافظ الذي قد يخسر بعض المكاسب الاقتصادية والنفوذ الذي كان بحوزته فترة الحصار والمقاطعة مع القوى الدولية، ويمكن أن يتزايد الصراع بين التيارين في المرحلة المقبلة، ولاسيما بعد انحسار دور الحرس الجمهوري الإيراني في العراق والشام وبعد الخسائر التي مني بها النظام السوري في العديد من المناطق السورية وبدء عملية عاصفة الحزم في اليمن التي مهدت بداية دور عربي جديد لحل المشكلات الأمنية في المنطقة، ومنع التغول الإيراني، ومن المتوقع أن تتعامل إيران بنوع من الحياد وعدم تصدرها في أزمات المنطقة في الفترة الحالية للحفاظ على صورتها أمام العالم وتحقيق الإنجاز التاريخي لشعبها والخروج من العزلة؛ إذ إن تحركاتها السابقة في داخل العالم العربي لم يكن إلا نوعا من المقايضة السياسية لتحقيق الاتفاق وبدء صفحة جديدة مع العالم، ولكن إذا أحس التيار المحافظ ولاسيما الحرس الجمهوري نوعا من عدم الرضا بسياسات الإصلاحيين الجديدة مع الغرب فقد يحاول عرقلتها، وقد يتحول الصراع داخليا وتبدأ مرحلة جديدة من ثورات الإصلاحيين قد تتحول إلى ربيع إيراني ساخن هذه المرة.

     مع أن العديد من المراقبين في المنطقة وغيرها روجوا لنظرية قوة إيران القادمة، وأن السياسة الأمريكية في المنطقة تفهمت بأهمية إيران ودورها المحوري في المنطقة، وقد تصبح شرطي المنطقة كما كان يوصف بها أيام الشاه إلا أن هناك من المحللين من ينظر للمسألة بمنظار الحسابات الداخلية الإيرانية التي يتنافس فيها التيار المحافظ الذي ما يزال يريد أداء دور الحامي لمبادئ الخمينية عن طريق الشعارات وتجييش العواطف، فضلا عن تصدير الثورة من جهته، والتيار الإصلاحي الساعي إلى الانفتاح على العالم والخروج من سجن العقوبات والمقاطعة من جهة أخرى والدلالات القادمة من الداخل تبرهن ملامح هذا التنافس الخفي.

ترحيب شعبي

     ومن هذا المنطلق يرى الباحث الإيراني في جامعة (جورج تاون) في واشنطن، (آريان الطباطبائي) أن مشاهد الاحتفال والابتهاج في طهران عقب الإعلان عن الاتفاق النووي كشفت مدى أهمية الصفقة وتأثيرها في حياة الإيرانيين، مؤكدا أن التوصل لاتفاق في (لوزان) يلقى تأييدا واسعا في الداخل الإيراني، ومن دلالات ذلك الترحيب الذي تلقاه خطباء صلاة الجمعة في مختلف أنحاء إيران بما وصفوه «نجاح الجمهورية الإسلامية»، فضلا عن الاحتفاء الكبير الذي استقبل به وزير الخارجية محمد جواد ظريف كما لو أنه قاد إيران إلى نهائيات كأس العالم المقبلة.

     ومع أن الاتفاق الإطاري تمكن من معالجة أكثر القضايا التقنية، إلا أن العديد من الأنظار اتجهت نحو واشنطن وطهران لرؤية ما سيحدث بعد ذلك، ويرى الطباطبائي أنه بعد الانتهاء من صياغة مسودة الاتفاق فإن التحديات الأساسية مطروحة في السياسة الداخلية لكلا البلدين؛ حيث يوجد العديد من الرافضين لهذه الاتفاقية في داخل إيران ولاسيما التيار المتشدد الذين قللوا من عمل فريق التفاوض؛ حيث وصف إسماعيل كوثري -عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني- الذي ادعى أن فريق التفاوض الإيراني «لم يقدم شيئا إلا قتل الوقت فقط»!، وكذلك فعل حسين شريعتمداري -مدير تحرير صحيفة كيهان المتشددة- في العام الماضي عندما وصف عمل فريق التفاوض بأنه تضييع لوقت الوطن والبلاد.

     ويشير الطباطبائي إلى أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف استطاع تسويق سياسته التفاوضية بطريقة أفضل حتى يتمكن من تحييد المتشددين، ويكسب الغالبية الصامتة من الشعب؛ حيث إنه ما إن أقلعت طائرته من (لوزان) حتى بدأ يتحدث إلى الصحافة قائلا: «إن إيران لم تخضع ولا نتوقع خضوع الجانب الآخر». في إشارة منه لرفع معنويات الشعب وإظهار الكبرياء الإيراني بوصفه قوة تستطيع أخذ مرادها، ومن جانبه استخدم الرئيس الإيراني حسن روحاني اللغة المطمئنة نفسها للشعب الإيراني عندما أشار إلى  أن المرشد الأعلى آية الله خامنئي قد شارك باستمرار في عملية التفاوض عبر «تقديم المشورة» للحكومة ومفاوضيها، وكانت هذه رسالة واضحة للمتشددين تؤكد لهم أن المرشد الأعلى يقف إلى جانب فريق التفاوض وعلى بينة من جميع أعماله.

     وفي سياق مختلف يؤكد المحلل الإيراني (سجادبور) أن آية الله خامنئي لن يتأخر في إلقاء اللوم على الرئيس روحاني إذا لم تسفر الصفقة عن رفع كاف للعقوبات يشعر به الناس ذلك أنه «قد زعزع وأضعف في النهاية كل رئيس عمل معه» لحماية نفسه ونظامه، وأوضح قائلا: «بعد 26 عاما في السلطة، من المشكوك فيه أنه سوف يتخذ نهجا مختلفا تجاه روحاني».

     ويرى بعض المراقبين أن المجتمع المدني في إيران، على النقيض من جناح المتشددين، يريد بأغلبية ساحقة إتمام هذه الصفقة، وفي هذا يقول (سجادبور): «لكن لا توجد ضمانات بأن هذه الصفقة النووية ستحمل معها انفتاحا سياسيا كبيرا داخل إيران»، وأشار إلى احتمال أن تشهد إيران حملة قمع داخلية بعد التوصل إلى اتفاق وهذا إذا رغب المتشددون في التلميح إلى أن المرونة الخارجية لا تعني ضعفا داخليا.

     في حين بدا الباحث (تريتا بارسي) -رئيس المجلس الوطني الإيراني الأميركي والمدافع الصريح عن تحسين العلاقات مع طهران- أكثر تفاؤلا، وأشار إلى أنه يمكن أن يكون الاتفاق نقطة تحول في الشؤون الداخلية الإيرانية، وأضاف قائلا: أعتقد أن هذا سيكون، من نواح كثيرة، حاسما على النحو الذي يحدد مستقبل إيران على مدى العقود المقبلة، كما قال بعد عودته إلى واشنطن من (لوزان، سويسرا)؛ حيث كان هناك مراقبا للمحادثات: إذا كانت هناك صفقة جيدة ورفع للعقوبات وتعزيز للاقتصاد الإيراني، فإن هذا سيُظهر أن المعتدلين يمكنهم القيام بشيء ما عمليا.

 

أهم بنود اتفاق حل أزمة البرنامج النووي الإيراني

 - التخفيض بمقدار الثلثين لعدد أجهزة الطرد المركزي المستخدمة لتخصيب اليورانيوم لإنتاج قنبلة نووية، من 19 ألف جهاز إلى 6104 المثبتة بموجب الاتفاق، وتستعمل إيران منها 5060 جهازاً فقط لتخصيب اليورانيوم.

- أجهزة الطرد المركزي الـ 6104 ستكون من الجيل الأول.

- نسبة تخصيب اليورانيوم لا تتجاوز 3.67 % على مدى 15 عاما.

- التخفيض من مخزون اليورانيوم المخصب من 10 آلاف كيلوغراما إلى 300 كيلوغراما فقط على مدى 15 عاما.

- وضع أجهزة الطرد المركزي الزائدة والبنية التحتية لتخصيب اليورانيوم المتخلى عنها في مخازن تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على ألا تستخدم إلا بوصفها بدائل لأجهزة الطرد المركزي العاملة.

- عدم قيام إيران ببناء أي منشأة جديدة بغرض تخصيب اليورانيوم خلال 15 عاما.

- عدم استخدام منشأة (فوردو)، وعدم إجراء أبحاث بخصوص التخصيب في المنشأة، لمدة 15 عاما، على أن يتم تحويلها للاستعمالات ذات الأغراض السلمية لاحقا.

- السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم فقط في منشأة (ناتانز) لمدة 10 سنوات باستخدام 5060 جهاز طرد مركزي من الجيل الأول.

- سحب 1000 جهاز طرد مركزي من الجيل الثاني من منشأة (ناتانز) ووضعها في مخازن تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

- تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة المواقع النووية الإيرانية كافة بانتظام، كما سيكون بإمكان مفتشي الوكالة الوصول لسلسلة الإمدادات التي تدعم البرنامج النووي الإيراني، ولاسيما مادة اليورانيوم.

- تمكين الوكالة الدولية للطاقة الذرية من الوصول إلى أي موقع تشتبه فيه أو أية منشأة (سرية).

- موافقة إيران على تطبيق البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يمنح الوكالة حق الوصول إلى المعلومات بشأن البرنامج النووي، بما في ذلك المرافق المعلنة وغير المعلنة.

- موافقة إيران على الإبلاغ المبكر عن عزمها إنشاء أية منشأة جديدة.

- إعادة بناء مفاعل (أراك) النووي الذي يعمل بالمياه الثقيلة، بما لا يمكن معه إنتاج البلوتونيوم، على أن تدعم فيما بعد الأبحاث العلمية والنظائر المشعة في إنتاج النووي السلمي.

- تدمير وإزالة وشحن المحرك الأصلي للمفاعلات الذي يمكنها من إنتاج كميات كبيرة من البلوتونيوم خارج إيران.

- تقوم إيران بشحن الوقود المستنفد من المفاعل خارج البلاد مدى الحياة، مع التزامها بعدم إجراء أبحاث أو عمليات إعادة تصنيع على الوقود النووي المستنفد.

- التزام إيران بعدم بناء أي مفاعل نووي إضافي يعمل بالمياه الثقيلة لمدة 15 عاما.

يقوم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، بتعليق العقوبات، بعد تحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تطبيق إيران جميع الخطوات الرئيسة المتعلقة ببرنامجها النووي.

- تجديد العقوبات على إيران في حالة عدم التزامها بنص الاتفاق.

- سيتم رفع جميع قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة ببرنامج إيران النووي في آن واحد مع انتهاء إيران من معالجة جميع المحاور الرئيسة (التخصيب، مفاعلات (فوردو) و(آراك) و(الشفافية).

- صياغة مشروع قرار جديد في مجلس الأمن الدولي متعلق بنقل التكنولوجيا الحساسة، فضلا عن دمج قيود مهمة على الأسلحة التقليدية والصواريخ البالستية، والسماح بتفتيش البضائع ذات الصلة، وتجميد الأصول من خلال هذا القرار الجديد.

- إعادة فرض العقوبات على إيران في حال حيادها عن تطبيق ما التزمت به.

- الإبقاء على العقوبات الأمريكية على إيران الخاصة بالإرهاب وحقوق الإنسان والصواريخ الباليستية، حسب نص الاتفاق.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك