رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.عادل المطيرات 1 ديسمبر، 2017 0 تعليق

الصفات الأساسية لمن يبتغي نصرة الدين

بعث الله نبيه محمدًا - صلى الله عليه وسلم -؛ لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى، بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم - ونصره رجال آمنوا به، وصدقوا رسالته، وتفانوا في نشر دعوته ونصر كلمته؛ فكانوا أشداء على الكفار رحماء بينهم، وكانوا في الليل رهبانا وفي النهار فرسانا، وآمنوا بربهم ونصروا نبيهم، وكانوا كما قال الله -تعالى- عنهم: {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار} هم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وهم رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين.

الرجولة في الأمة

     إن الرجولة إذا اكتملت في أمة فبشرها بالخير وتمام المنة، وإن الرجولة إذا انتشرت في شعب نال حقه المغصوب، وأصبح ذا جانب مرهوب، وكيان وسلطان، وإن معاني الرجولة إذا سرت في مجتمع عاش عالي الهمة، مرفوع الرأس، وأصبح ذا قوة وبأس، فبالرجولة تقاس قيمة الأمة بين الأمم وعلى قدر وزنها توزن فيها الأمور.

الرجال الذين ينصرون الإسلام

     من الرجال الذين يريدهم الإسلام لنصرته؟ ومن الرجال الذين ينشدهم لنشر دعوته؟ أم هم الذين يأكلون فيكثرون، ويشربون ويسرفون؟ أم هم الذين يأكلون أطيب المأكل، ويشربون ألذ المشارب، ويركبون أفخم المراكب؟ أم هم الذين ضُخمت أجسامهم ومُدت قاماتهم، وملؤوا أعين الناظرين بملاحة وجوههم وقوة أجسامهم؟ أم هم الذين شيَّدوا القصور وبنوا أضخم الدور؟ أم هم الذين قعدوا عن أسمى الغايات وغرقوا في بحر الشهوات؟ أم هم الذين يشهدون الزور ويرتكبون الفجور ويشربون الخمور؟ من أولئك الرجال؟

ليسوا من هؤلاء

      أهم الذين يتركون الصلاة، وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا؟ أم هم الذين ملؤوا خزائنهم بالذهب والفضة ومنعوا الزكاة عن أصحابها؟ أم هم الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل؟ أم هم الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون؟ أم هم الذين يتعاملون بالربا ويأكلون أموال الناس بالباطل ويختلسون الحقوق ويمدون أيديهم لأخذ الرشوات؟

      أهؤلاء هم الرجال الذين يريدهم الدين لنصرته؟! كلا والله، إن الدين يريد الرجال الذين يخدمون أمتهم بإخلاص، ويقودونها إلى طريق الخلاص. إن الدين يريد الصادقين في أقوالهم، والمؤمنين بعهودهم، والبعيدين عن العبث والهزل، والمبرئين من الهذيان واللهو، والذين لا يغرهم ثناء شاكر ولا إطراء مادح، إن الدين يريد رجالا يغضبون لله ولا تأخذهم في الله لومة لائم.

وجلت قلوبهم

      إن الدين يريد لنصرته عباد الله {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليه آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون}، يريد من هم {أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم}، يريد أولئك الرجال الذين وصفهم -عز وجل- بقوله: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا}.

      يريد الرجال الذين {يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا}، يريد الرجال الذين يقولون {ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم}.

دين الرجولة

      أيها الإخوة، إن دين الإسلام هو دين الرجولة الذي صنع بتعاليمه الرجال، وربى نبي الإسلام الأبطال، وعلمهم سياسة الأمم وقيادة الشعوب، وتربية الهمم؛ فكانوا خير قيادة، وملكوا زمان السيادة، طبعوا على جد الحياة، وحبب إليهم عملها، وبُغض إليهم لهوها وهزلها، فتربوا على الشدائد؛ فلانت لهم، وتعودوا على الصعاب؛ فذلت لهم؛ فكانوا خير أمة أخرجت للناس، وكانوا أمة واحدة صنعت أمما عدلت في حكم، وعلمت من جهل، وهدت من ضلال، وأرشدت من غواية، وأمنت من خوف، وجمعت بعد تفرقة، وأسعدت بعد شقاء.

الرجال العظماء

       لقد تخرج في مدرسة الإسلام طبقة من الرجال العظماء، لا يستطيع المنصف يعدَّ محاسن أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم المهتدون، أخرجت مدرسة النبوة رجالا كأبي بكر في إخلاصه ومحبته، وعمر في عدله ورجولته، وعثمان في سخائه وسماحته، وعلي في فتوته وشجاعته، وخالد في إقدامه وكياسته، وأبي عبيدة في وفائه وأمانته، وابن عباس في فقهه ودرايته، وابن عمر في علمه وعبادته، وصهيب في صدقه ونزاهته.

التمسك بالدين

      الدين يريد منا رجالاً كهؤلاء -رضي الله عنهم- وأرضاهم {أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون}؛ فلنتق الله ولنتمسك بديننا، والعمل بكتاب ربنا، ولنقتد بنبينا - صلى الله عليه وسلم - وبأصحابه الكرام، ولنكن رجالاً كما أراد نبينا - صلى الله عليه وسلم ، فعسى أن ينصر بنا ديننا، ويعلي بنا كلمتنا، ويعيد إلينا أمجادنا، وما ذلك على الله بعزيز {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم». «وكان حقا علينا نصر المؤمنين}.

      فلا نجاح للمسلمين ولا نصر ما داموا في غفلتهم، ولا رقي لهم إلا إذا تمسكوا بكتاب الله -عز وجل- وسُنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وليس التمسك بالدين كلمة يقولها اللسان، ولا تعمل بها القلوب والأبدان.

      إن التمسك بالدين أن تقيم الصلاة ما دمت مكلفا، وتؤدي الزكاة ما دمت مالكا، وتحج البيت إن كنت مستطيعا، وتصوم شهر رمضان إن كنت قادرا، وأن تعمل بكتاب الله وسُنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - في عملك إن كنت عاملا، وفي أهلك إن كنت زوجاً، وفي صنعتك إن كنت صانعا، وفي معاملاتك إن كنت تاجرا، وفي وظيفتك إن كنت موظفا، وفي رعيتك إن كنت راعيا، وفي محكمتك إن كنت قاضيا، وفي أولادك إن كنت أبا، وفي مرؤوسيك إن كنت رئيسا، أي في جميع الأحوال والأزمان والأماكن.

      إن التمسك بالدين أن تجعل حياتك كلها لله؛ مصداقا لقول الله -تعالى-: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أُمرت وأنا أول المسلمين}.

الواجب علينا جميعا

      الواجب علينا جميعا أن نكون رجالا حقا، أمة واحدة متمسكة بكتاب ربها -عز وجل- وسُنة نبيها -صلى الله عليه وسلم - قولا واعتقادا وعملا، نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ننشر الخير بين الناس، يناصح بعضها بعضا، يساعد بعضنا بعضا، يكون كل منا لبنة صالحة في بناء مجتمعه، ينوي كل منا نية صادقة أن يفعل بكل ما أوتي من قوة كل أمر يؤدي إلى صلاح مجتمعه وأمته، ولا يرضى الإنسان بحال من الأحوال أن يكون سلبيا لا نفع فيه، وجوده كعدمه؛ فهذا حال أهل الغفلة واللهو واللعب، الذين لا يرجى من ورائه خير ولا نفع.

قد هيؤوك لأمر لو فطنت له

                                فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

       نسأل الله أن يوحد صفوفنا، ويجمع على الحق كلمتنا، وعلى الإيمان قلوبنا، اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وسائر بلاد المسلمين.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك