رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد عنز 22 نوفمبر، 2011 0 تعليق

الشيخ ياسر برهامي: سنخوض الانتخابات مِن أجل المحافظة على هوية الأمة الإسلامية في كتابة الدستور

في حواره مع جريدة الأهرام قدم الشيخ الدكتور ياسر برهامي توضيحا شافيا للأسئلة المتعلقة بدور السلفيين في الحياة السياسية، وسبب مهاجمة الإعلام للسلفيين دون غيرهم، وهل تغير موقف السلفيين من المشاركة في العملية السياسية بعد ثورة 25 يناير؟ ولماذا؟  وهل يسعى السلفيون للسلطة؟ ولماذا سيخوض السلفيون الانتخابات البرلمانية القادمة؟ وما الحزب الذي سيؤيدونه؟ وهل سيكون للدعوة السلفية مرشح للرئاسة؟ ومَن الذي سيختارونه؟ وما معايير الاختيار؟ وهل هناك مخاوف مِن حدوث صراع بين الأحزاب الإسلامية؟ ولماذا يرفضون الدولة المدنية؟ وردهم على مخاوف الأقباط؟ وجاء الحوار كالآتي:

- في البداية.. لماذا يخاف الناس من السلفيين؟

- السلفيون جزء من المجتمع عاشوا معه في نسيج واحد، ولم ير المجتمع منهم ما يسيء إليه أو يؤذيه، بل كانوا دائمًا في خدمة المجتمع، ولكن بعض وسائل الإعلام المغرضة كوَّنت صورة ذهنية سلبية غير حقيقية عن السلفيين عبر عشرات السنين، وأدت إلى خوف الناس من السلفيين، ولاسيما مع وجود ملتحين غير ملتزمين بمنهج السلف والسلفية؛ مما ساعد على عدم وصول الصورة الصحيحة لحقيقة السلفي، وإظهاره على أنه صاحب منهج عنف وتشدد، فضلاً عن وجود حالة من الجهل في المجتمع بين فئات واسعة بمعنى السلفية ومفهومها.

- ولماذا يهاجم الإعلام السلفيين دون غيرهم؟

- الإعلام يسيطر عليه الليبراليون والعلمانيون، وهم يعرفون الحجم الحقيقي للسلفيين في الشارع المصري، ويحاولون تحجيم الوجود السلفي، كما أنها محاولة كسب أنصار لليبراليين والعلمانيين؛ لتعويق المشروع الإسلامي، وهو في الحقيقة صراع بين مَن يريد إعلاء الشريعة وتفعيل مرجعيتها المنصوص عليها في الدستور، وبين أنصار المشروع التغريبي الذي يهدف إلى استمرار دوران الأمة في فلك الغرب: ثقافيًا، وسياسيًا، واقتصاديًا، وفي كل المجالات.

- ولماذا تغير موقفكم من المشاركة في العملية السياسية بعد ثورة25 يناير؟!

- لم يشارك السلفيون في العملية السياسية قبل الثورة؛ لأن موازين القوى كانت تفرض على كل مَن يدخل في هذا المجال أن يقدِّم تنازلات، فضلاً عن عملية التزوير المفضوحة التي تجعل المعارضة مجرد تحسين لصورة النظام المستبد؛ لذلك كنا نقول: إن المقاطعة هي المشروعة حتى تتغير الأحوال، وتتغير موازين القوى.

      وليس عدم مشاركتنا في العملية السياسية أننا لم يكن لنا دور في القضايا المؤثرة، فقد كانت لنا دائمًا مواقف واضحة في عامة القضايا، لكننا لم نكن نشارك من خلال صناديق الانتخابات، وعندما وجدنا تغيرا في موازين القوى وزال هذا المانع، سارع السلفيون بالانخراط في العمل السياسي؛ ليُعبِّروا عن كتلة سياسية هائلة ينبغي أن تعبِّر عن وجودها، وقلنا بوجوب المشاركة في هذه المرحلة، وسوف نشارك في الانتخابات مِن أجل اختيار الأصلح.

- معنى ذلك أنكم تسعون للسلطة؟

- نحن لا نرغب في السلطة، ولكن نهدف إلى تهيئة المجتمع مِن خلال العمل الدعوي والتربوي بما في ذلك المجال السياسي، وإعداد الكفاءات لمستقبل أفضل.

- مادمتم لا تسعون للسلطة.. فلماذا ستخوضون الانتخابات البرلمانية القادمة؟

- سنخوض الانتخابات مِن أجل المحافظة على هوية الأمة الإسلامية في كتابة الدستور الجديد، ولاسيما بعد ما تصاعدت أصوات أثناء الثورة وبعدها للعودة إلى دستور 1923م الخالي من ذكر مرجعية الشريعة بالمرة، فضلاً عن وجود دعوات أخرى لتعديل المادة الثانية من الدستور حتى تصبح الشريعة مصدرا رئيسا بحذف الألف واللام، وهذا أيضًا مخالف للقرآن؛ لأنه يسمح بوجود مصادر مساوية للشريعة، وترك الساحة لصياغة دستور علماني ليبرالي خطر عظيم على الأجيال القادمة.

      كما نريد المشاركة في إصلاح الدولة والمجتمع في المرحلة المقبلة، ولنا تصور في معنى الإصلاح وكيفيته لن يعبِّر عنه غيرنا، وهذا التصور نابع من أن الشريعة الإسلامية تشمل: العقيدة، والعبادة، والأخلاق، والمعاملة، ونظم حياة المجتمع والدولة، والنصوص الشرعية مِن الكتاب والسنة تمثل هذه المرجعية.

- أي الأحزاب ستؤيدون؟

- حزب النور أنشئ مِن بعض أبناء الدعوة السلفية، وبالتالي فنحن سنؤيد القوائم التي سيخوض بها الحزب الانتخابات، ونرجو الله أن يوفق قادته لاختيار أفضل الشخصيات.

      وأما بالنسبة لمقعد الفردي فلو رأينا شخصية أفضل وأكفأ من الشخصية التي يرشحها حزب النور فسندعو الحزب للانسحاب وتفريغ الدائرة له.

- وهل سيكون للدعوة السلفية مرشح لرئاسة الجمهورية؟

- ليس لنا مرشح لرئاسة الجمهورية.

- ومَن الذي ستختارونه للرئاسة؟

- نرى عدم الانشغال بمرشح الرئاسة الآن؛ لأن أمامنا انتخابات برلمانية، ثم كتابة الدستور، وربما جاء الدستور بنظام برلماني لا يشغل فيه الرئيس منصبًا له صلاحيات مؤثرة.

- وما معايير اختيار الرئيس القادم؟

- يجب أن يكون حريصًا على مصلحة البلاد، ولا يعادي المشروع الإسلامي، ويتبنى المحافظة على هوية مصر الإسلامية، ويتمسك باللغة العربية، ويحافظ على ثوابت الأمة، وينصر التيار الإسلامي، ويمنع التمييز والاضطهاد ضد السلفيين الذين تعرضوا للظلم والاضطهاد في عهد النظام السابق.

- هل هناك مخاوف مِن حدوث صراع بين الأحزاب الإسلامية؟

- نظام القائمة النسبية يسمح بوجود فائزين متعددين -وليس فائزًا واحدًا فقط- ونحن نحرص على التنسيق وندعو إليه، وإن كنا لا نقبل التحالف مع الأحزاب الليبرالية والعلمانية، والتنسيق بابه أوسع، والخلاف أمر فطري طبيعي لا بد أن يقع بين البشر، والمهم أن يكون سلوكنا عند الاختلاف حضاريا، وأرجو أن تختفي صورة البلطجة المسلحة والصدامات والمعارك بين أنصار المرشحين في الانتخابات، فنحن نريد سلوكًا حضاريًا في هذه الانتخابات كل يدلي برأيه وينصح لأمته، وأظن أن الإسلاميين بفصائلهم المختلفة سيضربون أفضل مثل في هذا السلوك الحضاري، وإن اختلفوا.

- لماذا ترفضون الدولة المدنية؟

- اصطلاح الدولة المدنية نشأ في الغرب؛ لترسيخ فصل الدين عن الدولة، فالدولة المدنية لا تعني أنها غير عسكرية كما يظن بعضهم، بل تعني أنها: لا دينية، ولا دخل للدين -أي دين- في توجيه شؤونها ومبادئها، والدساتير المصرية جميعها منذ نشأتها إلى اليوم لم تنص على مدنية الدولة -هذا المصطلح الغربي- وأرى أن الذين يحاولون غرسه في الدستور يريدون إشعال النار في طوائف الأمة.

      ومصطلح الدولة الدينية عند الغرب: هو دولة يحكم فيها الحاكم الديني أو الدنيوي «البابا» أو الملك والرئيس بالحق الإلهي؛ فكلامه كلام الإله، وتحريمه وتحليله تحريم الرب وتحليله! ونحن نرفضه أيضًا؛ لأن الحاكم في الإسلام: وكيل عن الأمة في إقامة الدين، وسياسة الدنيا بالدين.

- الأقباط يخشون وصولكم إلى الحكم.. ما تعليقك؟

- لا ينبغي أن يخشى الأقباط أبدًا من الإسلام؛ فما شعر الأقباط طيلة الـ 14 قرنًا الماضية بالأمن والأمان إلا في كنف الإسلام وفي ظلاله، فالله -عز وجل- أمرنا أن نعطيهم حقهم، ولا نكرههم على ترك عقيدتهم، ولا ترك دينهم، بل نعاملهم بالبر والقسط والإحسان ما لم يحاربونا في الدين، وأكبر تطمين للأقباط أنه بالرغم من انعدام الأمن في كل أنحاء مصر في أثناء الثورة؛ فإنه لم يحدث أن تم الاعتداء على أي شخص منهم، ولم تتعرض كنائسهم لأذى، بل على العكس فإن السلفيين هم الذين حموا الكنائس من الاعتداء عليها من البلطجية.

      ومن التطمينات أيضًا: أننا بوصفنا مسلمين تعَاملنا مع الأقباط طوال هذه السنين شركاء وزملاء في العمل دون أي اعتداء عليهم، فما تعرضوا لأي اضطهاد طوال الفترة الماضية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك