رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 3 أكتوبر، 2011 0 تعليق

الشيخ محمد حسَّان: الأمة تعاني سيولة الفتوى لعدم التفريق بين الدعوة والإفتاء

 

الداعية الإسلامي الشيخ محمد حسَّان من أبرز أقطاب السلفية الذين يتسمون بالمرونة الدعوية ويعتقدون أن السلفية ليست مجرد شكل وملبس، وإنما هي منهج مستوحى من تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية وتحسس خطى السلف الصالح، وهو من الشخصيات الدعوية التي استطاعت أن تكسب حب الملايين من المسلمين وأصبح له جمهوره في كل ربوع العالم العربي والإسلامي. التقينا الشيخ حسَّان وكان لنا معه الحوار التالي:

- هناك ممن لا يفهمون حقيقة السلفية يحاولون احتكار الإسلام فكيف ترد على هؤلاء؟

- لا ينبغي وليس من حق أحد أن يحتكر الإسلام في قوله أو في طرحه، ليس من حقي أنا أن أقف حارساً على بوابة الإسلام أو بوابة السلفية لأفتح الباب لمن أريد وأغلقه في وجه من أريد، فمن الذي نصبني ومن الذي نصب فلاناً حارساً أو أميناً على الإسلام أو أميناً على طائفة أو أي منهج، أنا مسلم وأنت مسلم عبر عن قولك ورأيك منضبطاً بالقرآن والسنة ودع الآخرين يعبرون عن آرائهم في هذه الواحة الجميلة واحة الحرية المنضبطة، ولا أقصد الحرية المتفلتة.

- ثمة اختلاف بين علماء الأمة بمختلف توجهاتهم الفكرية فكيف يمكن العمل على عقد مصالحة بين العلماء وتوحيد الجهود لخدمة الأمة الإسلامية خلال المرحلة الحالية؟

- أنا واحد من الناس أضع كل طاقاتي وقدراتي وكل ما أملك من أجل تحقيق هذا الهدف الذي هو من أسمى الأهداف، التي أرجو الله عز وجل أن يحققها، وأرجو أن أرى في الأمة هيئة لكبار العلماء، وإن بدأت النواة في مصر بتكوين هيئة لعلماء الأمة من الأزهر وأنصار السنة والسلفيين والجمعية الشرعية وغيرهم، أرجو أن تكون نواة حقيقية لهيئة كبار علماء الأمة على مستوى الأمة كلها، ولو اجتمعت هذه الهيئة وتكلمت لحسمت كل قضية، ولو قالت قولتها في أي نازلة لانتهى الموضوع وحسمت القضية وذلك كله من أجل تحقيق المصالح العليا للمسلمين في كل مكان وتوحيد جهود العلماء لمواجهة التحديات الجسيمة التي تواجه أمة الإسلام في الوقت الراهن.

- هناك من يصور أن تطبيق الشريعة يقتصر على الحدود، وأن السلفيين يسعون إلى تطبيقها بكل حزم حتى ولو كان بأيديهم، فما تعليقك على ذلك؟

-هذا مفهوم خاطئ وزعم باطل فالإسلام منهج حياة، والشريعة هي العدل، وهي الرحمة، وهي الحق، وهي التسامح، وهي الحب، وهي الإخاء، وهي رفع الظلم، وهي رفع الضيم والحفاظ على حقوق الآخرين، وهي حماية لغير المسلمين، والشريعة ليست قطعاً للأيدي وليست رجما للخلق وجلدا للناس، والذي يقول ذلك لا يفهم الشريعة ولا يعرف شروط الحدود، ثم من يختزل الشريعة في الحدود، ظالم لنفسه، فالشريعة لا تختزل في الحدود. والحدود من أصل الشرع ولكن ارجع لعلمائنا وأقوالهم في إقامة هذا الجانب من الشرع تجد أن الإسلام ليس دينا متعطشا للدماء وإنما قال الرسول [: «ادرؤوا الحدود بالشبهات»، فالشريعة عدل الله في أرضه فمن يطعن في دستور دولة يتهم بالخيانة العظمى فكيف من يتهكم على شريعة الملك الذي خلق، وهو وحده الذي يعلم من خلق فلا ينبغي أن نتهم الشريعة أو نحكم عليها بمجرد أن الأمة قد ابتعدت عن الشريعة ابتعاداً كبيراً ولم تجن ثمرة تطبيق هذا الشرع إلى هذه اللحظة؛ لأنه من الظلم أن يحاكم الإسلام بشريعته في سلوك المسلمين الذين ابتعدوا عن الإسلام، وأنا أطمئن كل الخلق بأن الشريعة عدل ورحمة ورفع للظلم وتحقيق للمساواة ووجوب لحماية غير المسلمين.

- كثير ممن ينتسبون إلى السلفية ارتكبوا أفعالاً في حق غير المسلمين فكيف تنظر إلى هذا الأمر؟

- الذين يقومون بهذه الأفعال لا يفهمون المعنى الحقيقي للسلفية ونحن براء منهم، فكل مسلم يتبع منهج القرآن الكريم والسنة النبوية ويتحسس خطى السلف الصالح فهو سلفي، فالسلفية ليست مظهراً وملبساً وإنما هي منهج وعمل، والإسلام دين يحترم الدماء، قال رسول الله [ «لايزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراماً» دماء المسلمين وغير المسلمين من المعاهدين والذميين والمستأمنين مصونة؛ فهذا الأمان لو أعطاه مسلم فقير ضعيف لأي إنسان آخر غير مسلم ليس من حقي ولا من حق أي أحد أن يخسره في أمانه وفي عهده وقد قال [ «من أمَن رجلاً على دمه فقتله فأنا بريء من القاتل وإن كان المقتول كافرا»، فديننا دين العدل ودين الرحمة، ولنثق بأنه لا يحدث أي خلل أو خطأ إلا لجهل المرتكبين لهذا الخطأ وإلا لو عرفوا الحق بحقه ما ارتكبوا هذا الخطأ الذي يسيء لدينهم وللمسلمين.

- هناك خلط واضح على الساحة الإسلامية والدعوية بين الدعوة والفتوى... فما الفرق بينهما؟

- هناك فرق بين الدعوة إلى الله والفتوى، وفرق بين الفتوى والحكم الشرعي، فالدعوة إلى الله عز وجل يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار»، ويجب على من يتصدر للدعوة أن يكون على علم وفهم وخلق، وأن يكون حكيماً ليناً مؤدباً متواضعاً، فقد قال الله تعالى لحبيبه صلى الله عليه وسلم: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}، وشبابنا يخلط إلا من رحم الله تعالى بين مقامي الفتوى والدعوة، فمقام الدعوة هو اللين، وفي ذلك يقول الله تعالى موجهاً سيدنا موسى وأخاه هارون في دعوتهما لفرعون: {فقولا له قولا ليناً لعله يتذكر أو يخشى}، وأقول لشبابنا: إننا نتعامل مع نفوس بشرية فيها الإقبال والإدبار، فيها الخير والشر، فيها الحلال والحرام، فيها الفجور والتقوى، فيها الطاعة والمعصية، فلابد أن نكون على بصيرة بمفاتيح هذه النفس لنتغلغل إلى أعماقها، ولن نستطيع أبداً أن ندخل إلى أي نفس بشرية لنبلغها دين الله إلا بالحب والأدب والتواضع والحكمة واللين والرحمة، وهذه أصول المنهج الدعوي الذي ربى عليه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه، أما الفتوى فلها رجالها فالمفتي لابد أن يكون عالماً بكتاب الله، عالماً بالعام والخاص، وعالماً بالناسخ والمنسوخ، فلا ينبغي لأحد قرأ كتاباً أو اثنين أو ثلاثة في العلوم الشرعية أن يفتي في الحلال والحرام، أو يتوهم أنه أصبح مفتياً ويصدر نفسه للإفتاء، فهذه كارثة كبرى تهدد الدين والمجتمعات المسلمة التي أصبحت تعيش حالة من السيولة في الفتوى بسبب عدم التفريق بين الدعوة والإفتاء

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك