رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 9 فبراير، 2018 0 تعليق

الشيخ عواد فريجان السعيدي – رئيس لجنة الدعوة والإرشاد بإحياء تراث الجهراء في ذمة الله


قال الله -عز وجل-:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}(الرحمن: 26-27). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا أراد الله بعبد خيرا عَسَلَه»، قالوا: يا رسول الله، وما عسله؟ قال: «يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه».(صححه الألباني). ودعت الكويت أحد رجالات جمعية إحياء التراث الإسلامي وداعية من دعاتها الأفذاذ، الشيخ د. عواد بن فريجان السعيدي -رحمه الله- الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، رئيس لجنة الدعوة والإرشاد في جمعية إحياء التراث الإسلامي فرع محافظة الجهراء والموجه الفني في وزارة التربية؛ حيث توفاه الله يوم السبت 27 يناير 2018، في حادث أليم وهو في طريقه عودته بعد أداء مناسك العمرة، وكان برفقته بعض أبنائه، وأحد رفقائه الموجه بوزارة التربية الشيخ سيد عبد الحليم، وتم دفن الشيخ يوم الاثنين 29 من الشهر نفسه، وقد قامت جمعية إحياء التراث الإسلامي فرع الجهراء بتدشين عدد من المشاريع وفاء للشيخ، ومنها بناء مركز إسلامي باسم الشيخ في كينيا، ويتكون المركز من: مسجد، بئر ماء مع خزان، مدرسة (5 فصول دراسية)، دكاكين وقفية، بالتعاون مع لجنة القارة الأفريقية بجمعية إحياء التراث الإسلامي، لقد رحل الشيخ إلى جوار ربه، مخلفا إرثا دعويا وتربويا لامسته الأجيال لسنوات طويلة، نسأل الله -تعالى- أن يجعلها في ميزان حسناته، وأن ينفع بها المسلمين.

مولده

     وُلد الشيخ د. عواد بن فريجان بن فراج السعيدي في عام ١٩٧٠ من القرن الماضي في مسقط رأسه بمحافظة الجهراء لأسرة عُرف عنها مكارم الأخلاق وحب الخير والكرم، وتأثر الشيخ عواد السعيدي -رحمه الله- بوالده الذي عُرف عنه تدينه ومحافظته على الصلاة؛ فنشأ الشيخ على حب الصلاة وملازمة المسجد وقراءة القرآن الكريم وحفظه منذ الصغر مستمسكا بطلب العلم وحبه له منذ ذلك الوقت وحتى وفاته - رحمه الله-؛ حيث تعلّم في مدارس الجهراء بمراحلها المختلفة الابتدائية والمتوسطة والثانوية متفوقا على أقرانه بمعدل أهّله لدخول الجامعة الإسلامية بمدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، وكان دافعه لذلك حبه لطلب العلم الشرعي وذلك في أواخر الثمانينات من القرن الماضي.

مآثره

     عُرف عن الشيخ -رحمه الله- برّه الشديد لأمه، ويقول أحد إخوته: «لقد فقد الكثير أبو عمر إلا أن والدته كانت أشد فقدا له». ولقد كان بارّا بأمه برّا شديدا ولإخوانه وأخواته الذين تأثروا بوفاته تأثرا كبيرا، وكانت علاقتهم به علاقة قوية جدا واستثنائية، فكان موجها وناصحا ومحبا لهم.

مشايخه

     تتلمذ الشيخ عواد السعيدي -رحمه الله - على يد الشيخ حمد الأمير في دروس شرعية عدة وعرف عنه بشهادة الشيخ الأمير حبه للعلم ومواظبته وتفوقه، وكذلك عاصر دروس الشيخ عبدالعزيز الهده -رحمه الله- ودرس عند الشيخ سعد البناق، والشيخ سعيد عماش وغيرهم من المشايخ الفضلاء.

الدعوة والإرشاد

      بعد وفاة الشيخ عبدالعزيز الهده -رحمه الله- الذي أسس لجنة الدعوة والإرشاد في جمعية إحياء التراث الإسلامي بالجهراء، استكمل السعيدي تلك المسيرة الدعوية من خلال رئاسته للجنة منذ خمسة عشر عامًا، فأثرى تلك المسيرة من خلال المئات من الدورات العلمية والشرعية التي أشرف على تنظيمها وشجع على استضافة العلماء والمشايخ من خارج الكويت وداخلها.

     وفي عهده وبسبب تشجيعه للعلم الشرعي أصدرت جمعية إحياء التراث الإسلامي فرع الجهراء المئات من النشرات الدعوية والمؤلفات الشرعية التي طرقت أبوابًا مختلفة عن العلم والأسرة والتربية؛ فعمّ نفعها الجميع بفضل الله.

إنجازاته

     من إنجازات الشيخ أنه ابتكر أثناء رئاسته للجنة الدعوة والإرشاد (هدية الإمام)، وتأتي تلك الهدية من حرصه على إيصال العلم الشرعي النافع لأئمة المساجد؛ حيث يُهدى للأئمة أبرز الكتب العلمية والشرعية النافعة التي يقوم كثير من الأئمة بالاستفادة منها وعقد الدورات للمصلين من خلالها.

     وفي رئاسته للجنة دفع السعيدي قُدمًا بالمخيم الربيعي إلى مصاف المخيمات الربيعية المتميزة في الدعوة إلى الله، وحتى عام وفاته مضى على المخيم الربيعي ستة وعشرون عاما، وكان يفتتح المخيم الربيعي في كل عام يستذكر من خلاله المؤسسين الأوائل في الدعوة مشيدا بمآثرهم ومناقبهم.

حبّه للعلم وتمكنه منه

     في البداية قال د. فرحان عبيد الشمري -رئيس فرع الجهراء-: تمتد علاقتي مع الشيخ عوّاد السعيدي -رحمه الله- قرابة الثلاثين عامًا، وكان الشيخ يدرس في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، وكنت أرجو الدراسة فيها ولَم يقدر الله لي ذلك فكنت حزينا! غير أن كلمة من الشيخ عوّاد غيرت مجرى حياتي؛ إذ قال لي: «طالب العلم المجتهد أينما كان سيحصل من العلم الكثير؛ لكن عليه أن يحفظ ويراجع ويعكف على المشايخ الثقات»، فكان في هذه الكلمة تبصرة لي.

     عرفت في الشيخ عوّاد الديانة؛ فلم أعهد عليه كلمة فاحشة ولا موقفا سيّئا، بل كان مثالا لطالب العلم الذي امتثل ما تعلمه لا سيما في الجامعة الإسلامية التي تضم علماء ربانيين.

      عرفت في الشيخ عوّاد حبه للعلم وتمكنه منه - رغم انشغاله - فقد دَرّس في أوائل التسعينات في مناطق عدة بالكويت (منار السبيل) في الفقه الحنبلي، وكان محبًا للدعوة السلفية ودعوة الناس إليها والتحذير من البدع وأهلها، وكان هذا ديدنه وهجيراه.

جمع بين الخلق والعلم والأدب

      أما د. محمد ضاوي العصيمي -أستاذ الفقه بكلية الشريعة والإمام والخطيب بوزارة الأوقاف- فقال: إنه مما يحزن له الإنسان فقده لأحد إخوانه ممن عرف منهم الخير والصلاح، ومن هؤلاء الذين نعرف لهم فضلهم، ونعترف لهم بحقهم أخونا الفاضل الشيخ عواد السعيدي -رحمه الله-، ومعرفتي بالشيخ معرفة قديمة امتدت لأكثر من 25 عامًا، وقد عرف عن الشيخ نشاطه في الدعوة إلى الله عزوجل، وكان لا يبخل بوقته على إخوانه، وكانت له دروس في الفقه، وقد وضع الله له القبول، وجمع بين الخلق والعلم والأدب وحسن اللقيا ومحبة الخير للإخوان والتواضع، وعزاؤنا في فقد أمثال الشيخ السعيدي وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم ، وأنه أقبل على رب غفور كريم.

تربى على السلوك الديني

     قال عنه الشيخ سعيد عماش، تربى الشيخ -رحمه الله تعالى- على السلوك الديني منذ كان فتى؛ حيث شارك في حضور دروس العلم في المساجد، كما شارك في رحلات الجمعية للعمرة مرات كثيرة فهذا المنهج جعله يلتحق بالجامعة الإسلامية؛ حيث تخرج فيها مدرسا للتربية الإسلامية ثم موجها فنيا، وقد كلف بالدروس في المساجد، وسار على المنهج الذي تربى عليه أولا.

مربٍّ فاضل

     من جهته قال عنه الشيخ صلاح ضايف -الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف الشؤون الإسلامية- تخرج الشيخ من جامعة المدينة، وتعلم على علمائها، وأخذ عن شيوخها، وتخرج في جامعتها، حضر إلى الكويت يحمل همة عالية للدعوة والتعليم والإرشاد، فور عودته التحقق بإدارة مساجد الجهراء إماما وخطيبا، وكذلك التحق بوزارة التربية معلما للتربية الإسلامية، في الفقه وأصوله والعقيدة والتفسير وقد قرأت عليه متنا في أصول الفقه وآخر في العقيدة، وحضرت له مجالس في التفسير.

نشأ طالب علم وشب معلما للخير

      عرفنا فيه من الصفات الكريمة والشخصية المستقيمة بمنهجه الواضح على الوسطية والاعتدال منذ نشأته وفي بادية شبابه وطلبه للعلم مع أقرانه، وعرفت فيه على مر السنين صفات واضحة جميلة وجليلة منها: إخلاصه في التمسك بدينه، وحرصه على الثبات عليه، ومثابرته في طلب العلم، ومما عرفته فيه حرصه على الدعوة في الداخل والخارج، وقد سافر مرات عدة في سبيل الدعوة إلى الله.

توجيه الشباب

     أما الدكتور ناصر السهو فقال عرفت الشيخ في عام 1986، وهو من الإخوة العاملين في حقل الدعوة إلي الله -تعالى- الداعي إلي هدي خير البشرية بالدليل والبرهان من الكتاب والسنة والحريص علي الشباب ودعوتهم منذ أن كنّا طلابا في المدارس، وكان له الذراع الطولى في توجيه الشباب في الجمعيات الدينية بالثانويات، وفي الفعاليات التي تقيمها الجمعية كافة.

      حقق كثيرًا من صفات الأخوة الإيمانية، أما سلطان بن راشد من الرياض فقال من خيرة من عرفت منذ أكثر من ٣٠ سنة، وقد التزمت أنا وهو في سن متقاربة! ولعل الله يشمله بفضله ومنه فيكون مشمولا بحديث السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله، فنحسبه قد حقق كثيرا من صفات هؤلاء الذين وصفهم نبينا صلى الله عليه وسلم في خمسة أو ستة مواضع ولعل أقربها أنه شاب نشأ في عبادة ربه.

لا يحبُّ الجدالَ والخصومةَ

     أما الشيخ عبدالرحمن السِّليم فقال: عرفتُ الشيخَ -رحمهُ الله- بعدَ تخرُّجِهِ في الجامعةِ الإسلاميةِ وقد سافرتُ معهُ وكانَ نعمَ الأخِ: منْ أخلاقٍ وأدبٍ وتواضعٍ، لا يحبُّ الجدالَ والخصومةَ، رجَّاعٌ للحقِّ، فقيهٌ واعظٌ، آمرٌ بالمعروفِ ناهٍ عن المنكرِ بحكمةٍ وهدىً وبصيرةٍ، حسنُ الظنِّ بالناسِ، متثبِّتٌ في نقلِ الأخبارِ، لا يعرفُ الحسدَ والحقدَ قَلبَهُ، يقومُ من المجلسِ ويعتذرُ لأهلهِ إِنْ بدَا منهُ ما يُسيئُهمْ، لا أذكرُ أنَّهُ أساءَ إليَّ لكثرةِ خُلطَتي لهُ وربَّما بدَا منِّي شيءٌ فيهِ شِدةٌ فيُبدي لي تواضُعَه لي فأَشْعرُ بذلكَ فأَعتذرُ لهُ، ويعودُ إليكَ بابتسامةٍ كما خرجَ منكَ كأنَّهُ لا يحملُ همًا والله أعلمُ ما يحملُ قلبُه - رحمه الله -.

      ومن جهته قال حمد بن صالح الأمير: الشيخ الفقيد الغالي أبوعمر عوّاد فريجان السعيدي عرفته منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وكان شاباً نشطاً محباً للعلم وطلبه، حفظ القرآن منذ صغره، وتتلمذ على الشيخ سعد البناق، والشيخ عبدالعزيز الهده قبل سفره إلى المدينة النبوية لاستكمال دراسته الشرعية، درس كتاب (فتح المجيد شرح كتاب التوحيد) عام 1406 هـ الموافق 1986م، وكان مواظباً على الحضور، مستوعباً للدروس حافظاً للمتن، مهتماً بالكتاب.

عرفته ذا خلق، يحترم الآخرين كبيراً كان أم صغيراً، متواضعاً، دائم الابتسامة. يعتني بدروسه من ناحية التحضير والإلقاء .

      درس على يديه شباب كثير، واستفاد منه خلق كثير ، سواء في مسجده أم في مدرسته، تولى منذ سنوات رئاسة لجنة الدعوة والإرشاد بجمعية إحياء التراث الإسلامي بفرع الجهراء، له عناية بالغة بدعوة التوحيد ونشره والدفاع عنه، حريص على السنة وتدريسها، وله أنشطة كثيرة في نشر العلم داخل الجهراء وخارجها، وهو عضو مجلس إدارة جمعية الماهر في القرآن، متعاون مع الجمعيات والمراكز الدعوية داخل الكويت وخارجها، وبالأخص مركز تعزيز الوسطية التابع لوزارة الأوقاف الكويتية.

فقدنا عضوا بارزا في الدعوة إلى الله وركنا من أركان الدعوة السلفية في الجهراء وخارجها.

نسأل الله أن يجبر مصابنا، وإنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيراً منها.

ونسأل الله أن يكون ذلك في ميزان حسناته يوم لا ينفع مال ولا بنون .

 

الدكتوراه للشيخ عواد بعد وفاته

      في واقعة فريدة، وإحياء لذكرى باحث اجتهد، أوصى المكتب الثقافي الكويتي في القاهرة بمنح الدكتوراه إلى الباحث الكويتي عواد فريجان فراج، الذي قضى نحبه منذ أيام في حادث سير، وتبادل أطروحته بين الجامعات المصرية بعد وفاته.

وقال مصدر: إن المكتب سعى إلى تقديم لافتة طيبة إلى الباحث، تقديرا للطلبة الكويتيين الذين تحملوا العناء من أجل العلم والدراسة.

 

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك