رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 13 نوفمبر، 2017 0 تعليق

الشيخ عبدالله بن عبدالمحسن التركي في زيارة لإحياء التراث الإسلامي- مما يسر أعداء الدين عدم الاهتمام بالشـأن الديني وتغييب الشـريعـة وكثرة الصراعات الإقليمية

 

استضافت جمعية إحياء التراث الإسلامي الإثنين الماضي 10 من صفر 1439 هـ الموافق 30 من  أكتوبر معالي د.: عبدالله بن عبدالمحسن التركي – عضو هيئة كبار العلماء والمستشار بالديوان الملكي بالمملكة العربية السعودية – في أمسية خاصة ألقى فيها كلمة توجيهية، وأجاب فيها عن أسئلة الحضور، وتناولت في مجملها هموم الساحة الإسلامية وآمالها، ولاسيمًا في مجال العمل الخيري والدعوي، وما يجب على المسلم الاهتمام به في ظل الظروف والتطورات الراهنة .

     وفي بداية اللقاء رحب رئيس جمعية إحياء التراث الإسلامي، طارق العيسى بالضيف الكريم، ثم تحدث الشيخ: د. عبدالله التركي، فقال: لقد سعدت الليلة بزيارة هذه الجمعية المباركة التي أعرفها منذ أن تأسست، وهذه الجمعية قد حققت إنجازات جليلة بفضل الله -تعالى-، ويكفي أن اسمها (جمعية إحياء التراث الإسلامي)، فالتراث الإسلامي حي، والمهم كيف يرتبط المسلمون به؟ والذي يرى أحوال المسلمين الآن يجد أن ارتباطهم بتراث سلفنا الصالح ارتباط ضعيف، وحينما نرجع إلى تاريخ علمائنا الكبار الأئمة الأربعة وغيرهم من العلماء نجد أن التراث يجمع كثيرًا - إن لم يكن جميع - ما يتعلق بالدين الإسلامي، سواء من ناحية العبادات أم التفسير أم الحديث؛ لأن هذا يمثل الحضارة الإسلامية، ويمثل الإسلام الحقيقي، ولابد للمسلمين من الارتباط بكتاب الله -تعالى- وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفق فهم السلف الصالح، وهذا الفهم له أسس وقواعد، وهي محل إجماع واتفاق عند الأئمة الأربعة وغيرهم ولاسيما في جانب العقيدة، فقد يختلفون في تفسير بعض العبارات والألفاظ وهذا أمر سهل، أما أركان الإسلام وأركان الإيمان والأحكام القطعية في الدين الإسلامي، فهي محل إجماع ولا خلاف عليها.

نقل الثقافة

      ثم تساءل د. التركي بقوله: كيف ننقل هذه الثقافة إلى المسلمين؟ فأجاب: لقد كان المسلمون قديماً ينشأ الطفل فيهم بداية مرتبطاً بالقرآن الكريم، ثم بالأحكام الأساسية مع الإمام أو المعلم في الكتّاب أو في المسجد؛ فالبيئة بيئة إسلامية، والناس يطبقون أحكام الشريعة الإسلامية على المستوى العام والخاص، وبالتالي الأحكام واضحة في أذهان الكثير منهم، فلا يترددون في الاستفتاء وفي حضور الدروس الدينية، أما الآن فقد تغيرت الصورة كثيرًا .

مناهج التعليم

     وحتى مناهج التعليم أصبحت ضعيفة، فمن أدرك مراحل التعليم الأولى يجد أن الطالب في المراحل الابتدائية لديه ثقافة ومعلومات تكاد تكون أقوى ممن يتخرج عليه الآن من المرحلة الجامعية، ونجد الآن من يدعو إلى تصفية المناهج الدينية من بعض النصوص الشرعية التي تتعلق بالولاء والبراء وعلاقة المسلمين مع غيرهم والجهاد، فهذا دين ووحي نزل من الله -تعالى- على رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومهمة المسلمين التلقي والعمل والدفاع عن هذا الدين ونقله إلى الآخرين، فقد يكون الخطأ في الفهم أو في الاجتهاد، وإذا كانت القضية مكان خلاف فرعي يتعلق بالأعراف والعادات، فأمرها سهل، أو كان الخلاف يتعلق في مسألة المصالح العامة والسياسة الشرعية؛ فهذه أمرها واسع، ولكن الأحكام القطعية الواضحة في العقيدة والعبادة والتعامل؛ فيجب أن تكون واضحة في ذهن كل مسلم.

الخلاف الشرعي

     ثم أضاف د. التركي قائلاً: هل يملك أحد من المسلمين حق تغيير شيئ من الأحكام الشرعية؟ وأجاب قائلاً: هذا دين ووحي نزل من الله -تعالى- على رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومهمة المسلمين: التلقي والعمل والدفاع عن هذا الدين ونقله إلى الآخرين، وقد يكون الخطأ في الفهم، أو في الاجتهاد، وحتى الأئمة الأربعة يذكرون أنهم بشر يخطئون ويصيبون والمرجع النهائي إلى الكتاب والسنة، قال -تعالى-: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}، والرد إلى الله بالاحتكام إلى القرآن الكريم، وأما الرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون إلى سنته.

     فإذا كان مجال الخلاف فرعياً بمعنى أنه يتعلق بالأعراف والعادات فأمره سهل، ويتعلق باختلاف الزمن أو باختلاف الواقع، أو يتعلق بالمصالح العامة، أو بالسياسة الشرعية؛ فهذا أمره واسع؛ لكن الأحكام القطعية الواضحة في العقيدة وفي العبادة وفي التعامل يجب أن تكون واضحة في ذهن كل مسلم ولا يشترط أن يكون من طلاب العلم.

الاضطرابات والإشكالات

     ومع الأسف الناظر إلى أحوال المسلمين الآن يجد إشكالات واضطرابات عديدة، من انتشار الطائفية، وعدم الاهتمام بالشأن الديني، وغياب الشريعة عن كثير من بلدان المسلمين؛ ولذلك نشأت الفرق والطوائف سواء كانت طوائف صوفية أم غير صوفية،  وكذلك ازدياد الصراع وكثرة المآسي التي نراها في سوريا وفي العراق وفي اليمن والصومال وفي ليبيا وفي أماكن كثيرة، نجد الاقتتال والحرب والفتن، وهذا يَسُرُّ أعداء الدين وأعداء المسلمين ولا شك.

الفتن والمخرج منها

     المخرج من هذه الفتن وهذه الخلافات هو الارتباط الصحيح بهذا الدين بالكتاب والسنة والتمسك بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم والعمل بها، هذا هو المخرج، أما أن يُصرف الناس إلى نظريات العولمة وأفكارها وما فيها من مشكلات، مع ما يتأثرون فيه بوسائل التواصل الاجتماعي وما فيها من مشكلات كثيرة، هذا لا شك يوقع المسلمين في كثير من الفتن التي صعب عليهم التخلص منها.

إحياء التراث

     أرجع وأؤكد على أهمية التركيز على إحياء التراث في نفوس الأمة الإسلامية، وبالأساليب المناسبة الصحيحة، ولا مانع من الأخذ بالوسائل الحديثة والاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي إذا كانت إيجابية، ونحن نرى كيف يركز الإعلام وكيف تركز وسائل الثقافة على هذا الأمر، هذا الذي ينبغي أن يكون محل بحث واهتمام، وكيف يتم ربط المجال العلمي بالمجال التطبيقي ولا سيما في الكليات الشرعية مثل كلية أصول الدين أو الجامعات الإسلامية التي تهتم بكتب السلف وتراث السلف، وهذا ما ينبغي أن يكون محل اهتمام ودعم من هذه الجمعية المباركة ورئيسها الأخ طارق العيسى ومن معه من الزملاء، نحن في حاجة إلى دراسات تأصيلية عميقة، ونقل هذه الدراسات إلى الواقع العملي في التعليم وفي الإعلام والثقافة، أما أن نقول فقط العقيدة ضعيفة، وأن نقول العلم الشرعي ضعيف، ونحن لم نأخذ بالوسائل التي نتجاوز بها هذه المشكلات فهذا من الخطأ الكبير.

التعاون مع ولي الأمر

     كذلك لابد من التواصل مع السلطات ومع ولي الأمر، ويجب احترامه وطاعته والتعاون معه، وننصح أن يتم اتخاذ الأسباب الكفيلة بصيانة الجانب الديني والاهتمام به، فضلا عن الاهتمام بأمور العقيدة ومختلف الأحكام، من خلال بناء علاقات جيدة مع ولي الأمر والسلطات المختلفة في الدولة، وهم -ولله الحمد- ولاسيما في دول الخليج العربي لديهم الاستعداد لذلك.

     المملكة العربية السعودية حينما قامت في الفترة الأولى، بدأ الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- دعوته، وكانت أوضاع الجزيرة سيئة، وتعيش في مجتمع تسود فيه القبيلة والفرق والطوائف؛ فكنت تجد أحيانا القرية الواحدة فيها أكثر من أمير، فتم التوافق بين الشيخ -رحمه الله- وبين الأمير محمد بن سعود -رحمه الله- وسعوا إلى توحيد المملكة بفضل الله كما نرى الآن.

     إذا نحن في حاجة إلى الاهتمام بالتواصل مع أصحاب القرار، بالتواصل مع المسؤولين؛ فالإنسان إذا بذل مايستطيعه بالوسائل المناسبة سيجد اهتماماً وتعاوناً، والحمد لله الأصل أن الحكام القائمين في دول الخليج من أسر عريقة ومرتبطة بجانبها الديني وبجانبها العربي، ولاسيما الكويت؛ فالكويت لها خبرة -والحمد لله- على مستوى قياداته وعلى مستوى جمعياته ومؤسساته  التي تخدم الإسلام. 

دور الجمعية

     نحن في هذه الجمعية المباركة ينبغي أن نركز على هذا الأمر، وأن يكون لها علاقات مفتوحة مع الآخرين في الجامعات الإسلامية والعربية مع وزارت الثقافة ووزارات الأوقاف ووزارات الشؤون الإسلامية مع العلماء الكبار، حتى ولو كان هناك خلاف بيننا وبين بعض المؤسسات؛ والناس حينما يطلعون على كتب ابن تيمية -رحمه الله- ورأيه في المخالف والتعامل معه، يعجبون أشد العجب.

     هذه الثقافة من أهم ما ينبغي أن تركز عليه الجمعية وهي -إن شاء الله- جمعية مباركة وموفقة، والأخوة الذين فيها قاموا بجهود كبيرة، لكنهم في حاجة إلى مزيد من الدعم ومزيد من التعاون، مع المؤسسات الأخرى داخل الكويت وخارجها.

     ولا شك أن الاهتمام بتراث المسلمين، وتصفيته وتنقيته، من أهم الواجبات التي لابد أن يقوم بها الدعاة في الوقت الراهن؛ لأن قسماً كبيراً من هذا التراث عمل بشري؛ فيجد الإنسان على سبيل المثال في كتب التفسير الكثير من الإسرائيليات والكثير من الأقوال غير الصحيحة، وقد يجد أحيانًا بعض الآراء الفقهية الغريبة، لكن المهم أن يوجد لدينا أشخاص متخصصون يعرفون أصول مناقشة هذه الآراء، والمفترض أن يوجد طلاب علم لديهم هذه الرؤية حتى تنقى هذه الكتب، ويكون لدى كثير من الناس ثقافة يأخذون منها الصحيح وغير الصحيح .

     وفي نهاية كلمته أكد الشيخ مرة أخرى على مسألة الاهتمام بالعقيدة قائلاً: العقيدة وأحكامها لدى كثير من المسلمين ضعيفة، والاهتمام بها على مختلف المجالات ضعيف، ونحن في أمس الحاجة إلى الاهتمام بها في التعليم، وفي الثقافة، وفي الإعلام، وفي مختلف المناسبات، وهذه رسالة جمعية إحياء التراث، وهي -إن شاء الله- رسالة موفقة ناجحة وصلِّ اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التمسك بالمنهج السلفي

     ثم فتح الباب للأسئلة والمداخلات، فكان أولها للشيخ: د. محمد الحمود النجدي – رئيس اللجنة العلمية بفرع صباح الناصر التابع للجمعية، الذي أكد فيها على ضرورة التمسك بالمنهج السلفي الذي يقي الأمة الشرور والفتن والاختلافات والبدع والحوادث، وهو الذي تأسست عليه -ولله الحمد- المملكة العربية السعودية، ودعا إليه الأئمة من أبناء الشيخ محمد بن عبدالوهاب وتلاميذه ومن جاء بعدهم، كلهم دعوا إلى هذا المنهج المبارك ودافعوا عنه، وأسسوا من أجله الجامعات والمعاهد ودور العلم، فكان في ذلك خيرًا عظيما ونعمة وافرة من عند الله -عز وجل-، نحن نراها ونلمسها.

العيش في ظل الشريعة

     ثم أكد الشيخ النجدي على كلام الشيخ قائلاً: كما تفضل الشيخ الناس يعيشون في ظل الشريعة المباركة إلى يومنا هذا، وهذا يؤكد على ضرورة التمسك بهذا المنهج المبارك الذي ورثه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن جاء بعده من خلفائه الراشدين وأصحابه ومن اقتدى منهم من التابعين وأتباعهم إلى يومنا هذا، وبيان هذا المنهج وبيان حدوده وخصائصه، وبيان ما يخالفه وما يضاده من الأفكار والمناهج التي أضرت بالمسلمين أيما ضرر ومزقتهم وفرقتهم وجعلتهم شيعًا وأحزابًا كما نشاهد إلا من رحم الله -سبحانه وتعالى- ومن عصم، فبيان هذا المنهج المبارك والدفاع عنه والذود عن حدوده من أوجب الواجبات، ويكون ذلك بالحكمة وبالعلم المبني على الدليل من الكتاب الكريم، وعلى الحديث الشريف والاستناد إلى ما دونه أئمة السلف الماضين في مؤلفاتهم ومصنفاتهم المحفوظة لدينا والمطبوعة والمتداولة لله الحمد والمنة.

     ثم بين الشيخ النجدي دور الجمعية في ذلك قائلاً: وجدير بالذكر أن جمعية إحياء التراث الإسلامي قد طبعت جملة مباركة من هذه الكتب عبر مكتبة طالب العلم، وانتفع بها المسلمون شرقًا وغربًا وهذا من فضل الله -سبحانه وتعالى-، والجمعية حريصة على انتقاء الكتب والتشاور مع العلماء في طبع ما فيه فائدة وفيه منفعة وخصوصًا الكتب المتعلقة بعقيدة المسلم ومنهاجه، والكتب التي احتوت على الرد على بعض الأفكار المنحرفة وما شابه ذلك، وعلى رأس هؤلاء العلماء سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله-، وكذلك الشيخ بن عثيمين -رحمه الله-، والشيخ صالح الفوزان، وكل المشايخ الفضلاء في المملكة الذين كان لهم دور بارز في هذا الشأن.

مركز حفظ المخطوطات

     ثم تحدث الشيخ: د. فرحان عبيد الشمري – رئيس فرع جمعية إحياء التراث الإسلامي في منطقة الجهراء، موضحًا بأن للجمعية اهتماماً كبير بحفظ التراث الإسلامي، وأن الفرع سيقوم بإذن الله -تعالى- بإنشاء مركز لحفظ التراث، وأنه تواصل مع كثير من العلماء الذين لهم اهتمام بالمخطوطات، وقد تم جمع (160) ألف مخطوطة، وسيكون المركز مبذولاً للجميع لعموم نفع المسلمين وخدمة لتراث الأمة العريق، وهذه المخطوطات تم جمعها من مختلف أنحاء العالم، ثم أكد على أنهم الآن في مرحلة الفهرسة لتلك المخطوطات.

دور التركي في فترة الغزو العراقي

     وفي سؤال مقدم من نائب رئيس تحرير الفرقان سالم الناشي عن دور الشيخ البارز أثناء الاحتلال الغاشم من العراق للكويت؛ حيث كان الشيخ مديرًا لجامعة الإمام محمد بن سعود؛ فقال الشيخ التركي: هذا يحتاج لكتب ومقالات، ثم أضاف، لقد كلفني خادم الحرمين الشريفين الملك فهد -رحمه الله- بالقيام بجولة على إفريقيا وآسيا وأوروبا من أجل إيضاح الحقائق لكثير من المراكز والجمعيات والشخصيات والمسؤولين في هذه الدول من العدوان الغاشم من العراق والموقف الصحيح الذي ينبغي أن يقفه الناس مع الكويت ومع المملكة ومع دول الخليج العربي عموماً.

     وأنا أقولها -مع الآسف الشديد- أننا وجدنا غير العرب أكثر تعاوناً واهتماماً من العرب، وحصرنا عدد الساعات التي قضيتها في الطيران فقط؛ حيث كانت معي طائرة خاصة 196ساعة أتنقل بها أفريقيا وآسيا وأوربا جميعها، وأحيانا التنقل في داخل الدولة الواحدة في أكثر من رحلة.

مؤتمر الجهاد الإسلامي

      كذلك من ضمن الذكريات في هذا الشأن ما كان في مؤتمر الجهاد الإسلامي الذي عقد في ( 4-6 شعبان 1411) الموافق 18 فبراير 1991، وكان مقررًا أن يفتتحه الملك فهد وكان في أزمة شديدة؛ فكلف الملك عبدالله ولكن الملك عبد الله كان مشغولا واعتذر، فجاء الأمير سلطان -رحمه الله- وافتتح المؤتمر.

     وكان من الذكريات العجيبة أنَّ أول صلاة أقيمت في مسجد الجامعة هي صلاة الظهر في ذلك اليوم بافتتاحية المؤتمر، ودخل الأمير سلطان -رحمه الله-، والناس ينتظرون والشيخ عبدالعزيز بن باز موجود فصلَّى بالناس وقنت بعد الصلاة على صدام حسين وجماعته ومن معه، -وسبحان- الله لم يمض خمسة أيام إلا وتحررت الكويت وخرج صدام وجيشه منها، وفي هذا المؤتمر حاولنا أن نجمع الشخصيات جميعها حتى التي كان لها مواقف ضعيفة أو عزيزة أو موقف من المملكة والكويت ودول الخليج ولاسيما في مسألة الاستعانة بالقوى الخارجية التي تعين على إخراج المعتدي.

مواقف الملك فهد

     ثم أشار الشيخ إلى مواقف الملك فهد -رحمه الله- التي وصفها بأنها مواقف نادرة؛ حيث كان في كل مناسبة يقول: «نحن والكويت كيان واحد، وأي اعتداء على الكويت اعتداء علينا وعلى دول الخليج العربي»، والحمد لله كانت لتلك المواقف نتائج إيجابية كبيرة جدًا.

الإسلام البديل

     ثم أشار الشيخ إلى استهداف منهج أهل السنة والجماعة قائلاً: إن الذين يوجهون الدعاية المضادة للمملكة عن تطبيق الشريعة وغيرها من الأحكام، هم يريدون منهج أهل السنة والجماعة، وهذا المنهج الصحيح هو المستهدف من أعداء الإسلام سواء كانوا من غيرهم أم ممن ينتسب إلى الإسلام، ولعلكم تذكرون في وقت من الأوقات بعض الدول الأوروبية تبنت ما يسمى الإسلام البديل، وحاولت تلك الدول إقناع بعض الدول الإسلامية أن تتبنى الإسلام البديل، يعني الإسلام غير الصحيح الذي يستهدف تفتيت المسلمين وإضعاف منهج أهل السنة والجماعة القائم على جمع الكلمة، وأن المسلمين أمة واحدة، حتى لو كان بينهم اختلاف.

     ثم أكد الشيخ في نهاية جوابه أن يأخذ أي انسان مهتم بالشأن الإسلامي العبرة من هذه الأحداث، سواء كان على مستوى العلماء أم على مستوى المثقفين أم على مستوى رجال الإعلام، حتى على مستوى القادة.

دراسة شرعية صحيحة

     كذلك حضر اللقاء النائب والوزير السابق أحمد باقر، الذي كانت له مداخلة مهمة قال فيها: إنني أدعو إلى أن تكون هناك دراسة شرعية صحيحة لكيفية التعامل مع المخالفين الذي يجب أن يكون بالحسنى من غير تكفير أو قمع، كذلك إقامة العدل، ويجب أن توضع أسس لفقه يوازن بين المصالح والمفاسد، وكيفية التعامل مع الأوضاع الراهنة؛ فالغرب الآن أرسى قواعد جديدة، وصدرت قرارات من الأمم المتحدة في كيفية قبول الآخر، وعلينا أن نعرف كيف نتعامل مع هذه الأوضاع. ثم أكد باقر على أن الغرب يحاول الاستفادة من الخلافات الموجودة في المنطقة ويحتضنها لكي يصل في النهاية إلى مزيد من التمزيق للعالم العربي والإسلامي .

خطأ في الفهم

     وتعقيبًا على كلام باقر قال د. التركي: أوافقك الرأي فيما ذهبت إليه من ضرورة وضع دراسة لكيفية التعامل مع المخالفين؛ فالجماعات الإرهابية والمتطرفين نتيجة للخطأ في الفهم، وقد يكون وراءه أعداء الإسلام الذين يدعمونهم ويستغلون مواقفهم السيئة من خلال مفاهيم الولاء والبراء وأحكام الجهاد، وعلى الرغم من الكلام الذي ينقل عن ابن تيمية وهو غير صحيح أنا أعتقد أن ابن تيمية -رحمه الله- من أبرز العلماء الذين وضحوا هذه الحقائق، وكيفية التعامل مع المخالف المنتمي للإسلام والتعامل مع غير المسلم. والمسلمون ولاشك في حاجة للتركيز على هذا الأمر ألا وهو الحوار والنقاش، نعم قد تجد بعض رسائل الماجستير والدكتوراه في ذلك، لكن لا توجد خطة شاملة مكتملة تصدر من هيئة كبار العلماء أو من مجمع علمي أو من مركز أو مؤتمر إسلامي عام.

     كذلك نحتاج كما قلت سابقًا إلى الدعم والتعاون من الجهات التنفيذية المسؤولة في الدول، حتى لا يكون هناك انفصال بين طلاب العلم وبين من يعملون في المجال السياسي أو المجال الاقتصادي.

     فعلى سبيل المثال نحن عقدنا أسبوعاً في الجامعة عن دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب عن كتبه وكتب أبنائه وتلاميذه التي طبعناها ووزعناها على الباحثين وكان من بين المدعوين شخصيات ضد دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب،  وبعضهم قرأ كتب الشيخ كلها أو بعضها، وله فيها قول يخالف العلماء السابقين ولما جاؤوا في هذا الأسبوع أقروا بالرأي الصحيح.

إنجازات رابطة العالم الإسلامي

     وفي سؤال آخر من نائب رئيس تحرير الفرقان سالم الناشي عن أهم الإنجازات التي تحققت في رابطة العالم الاسلامي؟ قال د. التركي أعتقد أنه سؤال صعب أن يتحدث الإنسان فيه، ولكن  باختصار الرابطة في الحقيقة ركزت في فترة من الفترات على تصحيح صورة الإسلام، وعلى مسألة العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين، ونقاط الخلاف التي تثار في ذلك الوقت.

المناهج الدراسية

      وفي مداخلة رئيس رئيس قطاع التنمية الخيرية والمجتمعية بالجمعية جاسم المسباح، والموجه العام للتربية الإسلامية في وزارة الأتربية بودولة الكويت سابقا، تساءل فيها حول الحديث في الكويت وفي السعودية على المناهج الدراسية ومحاولة تغييرها، قائلاً: الملاحظ بخصوص المناهج الدراسية أنه كثر الحديث الآن في الكويت وكذلك في المملكة ولاسيما تسليط الضوء على المناهج الدراسية ومحاولة تغييرها، وأنها تحتاج من الغرب ولعل هناك لجنة من الكونجرس تدعو إلى تغيير المناهج في دول الخليج وغربلتها؛ من حيث تغيير النظرة لغير المسلمين بالذات، ودائمًا نحن ندافع هنا عن ذلك، وأنا أرى الحملة نفسها الآن تصاغ بصبغة عالمية سواء من الولايات المتحدة أم من غيرها من الدول محاولة في تعزيز فكرة تغيير المناهج وخصوصاً التي توجه لأبنائنا الطلبة، وأنها مصدر الإرهاب إلى آخر هذا الكلام الذي نأسف منه ونرجو لو تكرمت أن توضح لنا هذا الموضوع؛ لأنه ما يطرح في وسائل الإعلام.

      فأجاب الشيخ التركي بقوله: طبعا هذا الكلام ليس بجديد لكنه يزداد في وقت وقد ينقص في وقت آخر، ومعروف في القوانين العالمية والدولية لا يكون التدخل في شأن الدول إلا إذا سمحت تلك الدول بذلك، وإذا كان هذا الكتاب الذي ذكر أو هذا المنهج يدعو إلى الطائفية ويؤدي إلى المفاسد فينبغي مراجعته وإصلاحه بطريقة مناسبة، فهذا المنهج أو هذا الكتاب ليس وحياً، فهو ربما يصلح في وقت ولكنه غير صالح في وقت آخر، ولكن أن يتراجع الناس عن أسس العقيدة والأحكام الشرعية الأساسية؛ فذلك خط أحمر لا يجوز، كذلك نجد في بعض المناهج توسع في موضوع معين لا يتناسب مع سن الطالب .

صناعة الوعي

      من طرفه أثنى رئيس لجنة الكلمة الطيبة بالجمعية ورئيس قناة المعالي د. خالد سلطان السلطان، على جهود المملكة العربية السعودية، سواء الحكومة أم العلماء في نشر التراث الإسلامي، إلا أن هناك في الإعلام من يرى أن صناعة الوعي المطلوبة الآن هي في محاربة الدعوة السلفية، ويخالف دعوة شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب ويرى بأنها سبب لتخلف الأمة، وأنها سبب ما يعانيه المسلمون الآن في العالم؛ فهؤلاء تناسوا أعمال الجماعات الأخرى، ووضعوا الدعوة السلفية في موقع من يدعو إلى الإرهاب، وهي في الحقيقة من يحاربه، فدعوة السلف الصالح هي دعوة لتجميع الأمة وليس لتفريقها . وتعقيبًا على ذلك قال د. التركي:  نتصور أن ذلك مرتبط كما يقال بتأصيل المنهج الصحيح في نفوس الناس، وهذا يحتاج إلى قدرات، ويحتاج إلى وسائل، ويحتاج أيضا إلى وقت حتى الأفكار المنحرفة تنتشر خلال سنوات ليست بالقليلة ولا يمكن أن تواجهها بسرعة، والأمر يحتاج إلى وقت، وهذا الكلام ما يخص المملكة وحدها وإنما يخص المسلمين في كل مكان.

المنهج الصحيح

      ثم أضاف الشيخ التركي أن المنهج الصحيح الذي ينبغي أن تسير عليه الدول على مستوى علمائها البارزين وعلى مستوى الجهات التنفيذية فيها كما حدث في قيام المملكة العبرية السعودية في علاقة السياسة والسلطة بالجانب الديني، وتكامل العلماء مع ولاة الأمر، وهذا الأمر ينبغي أن يركز عليه، وأن يكون واضحاً، وأنا متفائل خيرًا، أنا لست من المتشائمين، لكن ينبغي أن يكون هناك اهتمام على مستوى ولاة الأمر وعلى مستوى طلاب العلم بحيث ينظر ما المشكلة الأساسية في حياة المسلمين؟ المشكلة الأساسية تأتي من الخلل في الفهم، وبالتالي القناعة بأن هذه المناهج وهذه الأحزاب والطوائف باتت مصدراً من مصادر الفتن والنزاع والخلاف.

      وكما قلت منهج شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وكذلك دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- ومن بعده الشيخ محمد بن إبراهيم الذي كان يستقبل علماء من خارج الممكلة ومن داخل الممكلة، وكانوا يخالفونه في المنهج، وكان يستقبلهم ويرحب بهم ويتفاهم معهم، وهذا لا ينتقص من منهج الشيخ، وكان منهج الشيخ أنه لو قال مخالفك كلمة حق ومتفق عليها يجب أن تقبلها، وهذا هو العمل الصحيح للدعوة.

لقاء سمو الأمير

      وفي سؤال آخر من نائب رئيس تحرير الفرقان حول لقاء الشيخ مع سمو الأمير وانطباعاته عن هذا اللقاء، قال د. التركي: سمو الأمير -جزاه الله خيراً- تربطني معه صلة قديمة منذ أيام الغزو الغاشم علي الكويت، وسموه له رؤية واضحة، وفيه سماحة وتواضع، كما أنه حريص على جمع الكلمة، كما أنه يؤكد على اهتمامه الدائم بعلاقات المملكة بالكويت في كل المناسبات ويؤكد عليها؛ لأن المملكة والكويت شأنها شأن واحد، ورسالتها رسالة واحدة، وأن التعاون ينبغي أن يكون في مختلف المجالات.

      ثم أضاف قائلاً: إنه من دواعي سروري لقاء سمو الأمير واستقباله وتواضعه وسماته الطيبة، وهو ممن يحب العلماء ويدعم المؤسسات الإسلامية، وأنا بهذه المناسبة يطيب لي أن أثمن جهود الكويت وهي جهود معروفة ومميزة على مستوى القيادة وعلى مستوى المؤسسات.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك