رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 1 أكتوبر، 2012 0 تعليق

الشيخ صلاح عبد الموجود لـ«الفرقان»: نحن في حاجة إلى مناضلين ومنظرين في كل ما طفح على الساحة من أفكار منحرفة وباطلة-الفرصة الآن لأهل العلم أن يبدءوا من القاعدة في ظل انشغال الجميع بالسياسة

المراقب للساحة المصرية يجد أن هناك حالة من الانفتاح ومساحة كبيرة من الحرية تعيشها التيارات السياسية والإسلامية والشعبية على اختلاف أنواعها وأشكالها، ولا شك أن هذا الأمر محمود في ذاته، إلا أنه في الوقت نفسه يعد من الخطورة بمكان؛ حيث يعطي الفرصة لكثير من التيارات المنحرفة والباطلة لاستغلال هذه المساحة للترويج لباطلهم وأفكارهم ومعتقداتهم الفاسدة؛ لذلك كان لابد لأهل الحق الانتباه إلى خطورة هذا الأمر وعدم الانشغال بما يجري في الساحة من حولهم، وعليهم رصد هذه الحركات بدقة وحشد الجهود وتوحيدها لمواجهتها حتى يكتمل البنيان، كما قال الشاعر:

متى يصل البنيان يومًا تمامه

                                                            إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

لذلك ركزت حواري مع الشيخ -حفظه الله- في هذه المنطقة الشائكة:

- وبدأت حواري الذي أجريته معه في بلدته (مطوبس) إحدى مراكز محافظة كفر الشيخ بسؤاله عن رؤيته لواقع الدعوة الإسلامية بعد الثورة، وهل دانت الأمور للإسلاميين ومكن لهم بعد تولي رئيس إسلامي الحكم في مصر؟

- بسم الله، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: أما فيما يتعلق بأمور السياسة فلا توجد رؤية واضحة في هذا الشأن إلى الآن؛ لأن أي دولة من الدول قوامها أربعة أشياء: الجيش، والشرطة، والقانون والتشريع، ثم الإعلام، وكل هذه الأشياء ليست في أيدي الإسلاميين، فهناك نوع من التخوف رغم أن الأمور تسير سيراً جيداً إلى الآن.

     وأما فيما يخص موضوع التمكين للإسلاميين فلا إطلاقًا، وأخشى أن نعول على هذا فنهلك، فالوضع شائك والمنظومة عالمية وليست داخلية، ولكن بالنسبة للدعوة وأهل العلم وانتشار الدعوة فلا شك أن هناك فتحا عظيما جدًا ما كنا نحلم به، والفرصة الآن لأهل العلم أن يبدؤوا من القاعدة في ظل انشغال الجميع بالسياسة، علينا ألا ننشغل بالقمة ولاسيما كما قلت إن الأركان الأساسية للدولة ليست في أيدينا الآن.

- هناك هجمة شرسة تهدف إلى تشويه الإسلاميين وكل ما يتعلق بالمنهج الإسلامي، فهل يمكن أن تؤتي هذه الهجمة ثمارها؟

- هناك إشكال كبير وهو أن أهل الباطل جميعًا اجتمعوا لمحاربة هذا الدين،  العلمانيون بأطيافهم: علمانية شرقية وعلمانية غربية،  والليبراليون؛ كلهم قاموا قومة واحدة حتى الكنيسة دخلت في هذا التحالف لمحاربة الإسلام، وللأسف فإن هناك خلافا كبيرا بين الأطياف والفرق الإسلامية، هناك اختلاف وفرقة؛ لذلك فالقوى تسير في اتجاه غير متساو.

- برأيك كيف يمكن إيجاد مثل هذه الوحدة بين الأطياف الإسلامية المختلفة لمواجهة هذا التحالف العلماني الكنسي؟

- لابد بداية من إنكار الذات؛ لأن الإشكال الذي حصل الآن بعد المشاركة في العملية السياسية، أن الكل يحاول المشاركة في ذلك، فنحن بحاجة إلى نوع من التنسيق ما بين السياسة وبين الدعوة، ما بين طلب العلم وبين وجود قاعدة تربوية قوية، كل هذا نفتقده، وهناك إشكالية كبيرة في مصر بين الأصول التربوية الأولى وبين الالتزام، فأنت إذا نظرت إلى الساحة وجدت غالب الملتزمين التزموا في الجامعة، قلَّ منهم من تربى في بيت علم كالشيخ عبد الله شاكر مثلاً، فهناك هوة كبيرة جدًا من مرحلة المهد إلى ما قبل الجامعة وفيها خلل تربوي، بخلاف ما يحدث في بلاد أخرى مثل أرض الحرمين وعندكم في الكويت وفي اليمن مثلاً وغيرها، هناك تربية من الصغر وهذه كلها إشكاليات، وبالتالي فالفجوة كبيرة، فنحن في حاجة إلى إصلاح البنية التحتية حتى نستطيع الوصول إلى هذا الهدف.

     أنت تعرف فاطمة ناعوت، هذه المرأة حينما ذهبت إلى شنودة لتتنصر قال لها: وجودك في الإسلام أفيد لنا من أن تعلني تنصرك، وغيرها ممن يحاربون الإسلام كخالد منتصر وغيره.

     لذلك فنحن في أمس الحاجة أن يكون لدينا وعي بكيفية البدء بالأمور التربوية وبناء بنية أساسية للمسلمين، بناء قواعد وكوادر، ولقد بدأت في مسجدي هذا الأمر ولعل هذا من الأمور التي يستغربها الكثيرون، فقد بدأت بتجميع أبناء الإخوة من خمس سنوات إلى خمس عشرة سنة وإبقائهم في المسجد أكبر فترة ممكنة، وجعلت الإخوة يهتمون بهم اهتمامًا بالغا، بهدف تحبيبهم وترغيبهم في المسجد وإبقائهم في بيئة إيمانية أكبر فترة ممكنة، وبدأنا في منهج تحفيظ القرآن معهم بدرجة معينة، وتركنا لهم الحرية في العيش داخل المسجد بكل بساطة، ووصينا الجميع أن يحتفي بهم كلما رأوهم، للأسف نحن نفتقد هذا الأمر في مصر، لذلك فأنا أركز على أن هناك إشكالية موجودة في الأصول التربوية لكثير من الملتزمين.

- ما ذكرته، بارك الله فيكم، ربما يجد البعض له عذرًا أن الفترة التي سبقت الثورة كان النظام السابق لا يسمح بمثل وجود هذه البيئات الإيمانية وهذه التجمعات، الآن وقد زالت هذه الضغوط، هل لديكم الآن رؤية واضحة لبناء نهضة علمية على مثل هذه الأسس التي ذكرت؟، وعلى من تقع المسؤولية على العلماء أم على المؤسسات الرسمية كالأزهر وغيره، أم على المؤسسات الخيرية كجمعية أنصار السنة والجمعية الشرعية وغيرها؟

- المشكلة ستظل قائمة ما دمنا نبدأ من المراحل التعليمية القائمة في بلادنا، فأنت تجد أن أي رب أسرة همه الأكبر أن ينهي ابنه التعليم بمراحله المختلفة حتى نهاية مرحلة الجامعة، مع تعلم جزء يسير من القرآن ولايهتم إن كان ابنه مختلطاً بالشباب الفاسد وغيره، ولقد أثبتت التجارب أن التعليم المصري فاشل، وليس لديه القدرة أن يخرج لنا أجيالاً صالحة، بل وساعد هذا النظام التعليمي على إيجاد أجيال حاقدة على المجتمع، فالكل يريد أن يكون ضابطًا أو طبيبًا أو سفيرًا إلى غير ذلك من المسميات، وقليل منهم جدا بل ويندر من تجد همه أن يكون طالب علم، نحن نريد أن نبدأ من البداية، نحن نريد إيجاد مؤسسات تعني بهذا الأمر من البداية.

- تعلمون -بارك الله فيكم- أنه بعد الثورة أصبح للجماعات الإسلامية التي كانت توصف بأنها جماعات مسلحة كالجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد على سبيل المثال، وجود كبير في الشارع المصري، وقد وصف بعضهم التراجعات التي قامت بها هذه الجماعات في السجون بأنها تراجعات شكلية، فهل يمكن لمثل هذه الجماعات أن تستغل مساحة الحرية الموجودة في العودة إلى هذا الفكر مرة أخرى ؟

- لا شك أن هذا الأمر مقصود وهو أن يكون لديك تيارات متصارعة سواء إسلامية أم علمانية بكل أطيافها أم غير ذلك؛ لذلك أنا أركز على هذا الأمر، أننا باستطاعتنا أن نبني جيلا جديدا من البداية، ونحاول أن نجعل الجزء الأكبر من اهتمامنا في تربية النشء، وأن نفرغ الجهد في ذلك كبناء مدارس إسلامية يقوم عليها شباب سلفي، أنا رأيت في أمريكا مدارس ذات مناهج إسلامية من الألف إلى الياء، فالآن الباب مفتوح في مصر.

     كما أنني أريد أن أؤكد أن معظم هذه الصراعات بين التيارات المختلفة هي صراعات فكرية، وفي ظل هذا الصراع نحن في حاجة إلى هدنة لتنشئة جيل يقوم على المنهج الإسلامي الحقيقي، وألا ننشغل بمثل هذه الصراعات عن هذا الهدف، ولا مانع أن يتم تخصيص عدد من الشباب في كل فن من الفنون، فأخ يتخصص في العلمانية، وآخر يتخصص في فكر الجماعات الجهادية، وآخر في الفرق والطوائف الباطنية، لكن أن ينشغل الكل بهذه الصراعات ونجعلها حلبة صراع فكري فهذا لا أقبله.

- هل يوجد تنسيق بين العلماء والمشايخ في هذا الإطار، بمعنى: هل جلس علماء الدعوة السلفية على طاولة التشاور لتدارس مثل هذه الأمور، وإيجاد وسيلة لتوحيد الجهود في هذا الإطار؟

- للأسف النظام السابق عودنا على أن أي تجمع أو تنسيق يعتبر تنظيما؛ لذلك كان كل شيخ في منطقته يحاول أن يستقل بذاته؛ لذلك لم يكن هناك ترتيب دعوي بالمعنى المقصود، لكن الآن بدأ هذا الفكر يُعرف، وبدأنا بترتيب بعض الدورات العلمية من خلال التنسيق الجماعي، في كفر الشيخ وبلطيم، تحت مظلة الشيخ أبي إسحق الحويني، ولكن ما زال كل شيخ له استقلالية.

- هل نستطيع القول إن هذا هو السبب في عدم وجود خطاب سلفي موحد ولاسيما أثناء الأزمات والنوازل التي مرت بمصر كما حدث منذ بداية الثورة، ولم نستطع الخروج بإجماع سلفي على قضية من القضايا؟

- هذا واقع؛ لأن الرؤية إلى الآن ما زالت غير واضحة.

- كيف ترون ظهور عدد من التجمعات والمؤسسات السلفية كالهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، والجبهة السلفية، وغيرها، وهل يعد ذلك ظاهرة إيجابية أم لا؟

- من وجهة نظري أن هذه ردة فعل على مساحة الحرية التي يعيشها الجميع، وهي معبرة تعبيرًا كبيرًا عن هذا المعنى، ولكن لا أخفي عليك أنه رغم وجود هذه التجمعات إلا أننا مهلهلون، والبيت خاو، نحن في حاجة إلى رتق وإصلاح وتربية وتكاتف ومحبة.

- ما تعليقكم على قرار وزير الأوقاف بمنع تراخيص الموالد والنذور وإلغاء إشراف وزارة الأوقاف عليها، هل يمكن أن يكسر شوكة الصوفية في مصر؟

- لا شك أنه أمر جيد، والصوفية كانوا عبادًا للحاكم السابق، ولا شك أن الحاكم الحالي يستطيع أن يكسرهم، وهي خطوة طيبة جدًا في هذا الشأن.

- كيف ترون الوجود الصفوي الباطني في مصر، وهل هو بالضخامة التي يهولها بعضهم ولاسيما أنكم أحد المتخصصين في هذا الشأن؟

- الوجود الصفوي الباطني ليس بهذه الضخامة، ولكن لا شك أن العدد يتزايد لأنهم مع الأسف لديهم جرأة عجيبة، كما أن لديهم من الأموال الكثير قد تصل إلى مليارات تنفق على نشر هذا الفكر والشعب المصري فقير، وهذا من مثالب هذا الانفتاح الشديد وعيوبه الآن.

- كان هناك تخوف من الإخوان أن يكونوا بوابة لهذا الفكر في مصر، هل ما زال هذا التخوف قائما؟

- نعم هذا التخوف قائم إلى يومنا هذا؛ لأن قاعدة: «الغاية تبرر الوسيلة» للأسف ما زالت موجودة عند كثير من السياسيين، ولاسيما أن إيران الآن دولة قوية بالنسبة لمصر من الناحية المادية والمعنوية، فبالتالي يمكن لأي حاكم في ظل هذه الظروف أن يتنازل في مثل هذه الأمور، لذلك فإن هذا الفكر الباطني خطر عظيم ويمكن أن يدخل وينتشر في مصر بقوة.

- بصفتك أحدد المتخصصين في هذا الشأن، هل ترى أن هناك عددا كافيا من طلبة العلم المتخصصين في مصر لمواجهة هذا المد؟

- مع الأسف في مصر لا يوجد.

- ما الأسباب التي أدت إلى ذلك، وهل تأخذ هذه القضية حيزا من جهود العلماء أم الانشغال بالأمور السياسية طغت على هذا الجانب؟

- لا شك أننا في حاجة إلى مناضلين في كل ما طفح على الساحة من أفكار منحرفة وباطلة، نحن في حاجة إلى مناظرين للعمانيين بأطيافهم جميعًا، نحن في حاجة إلى تنظير للفكر الصفوي الباطني، كما أن التصوف في حاجة إلى طلاب متخصصين لمواجهته، وهناك من المتصوفة من أراه يشكل خطراً كبيراً على الأمة المصرية، ومنهم علي جمعة، هذا الرجل من أخطر ما يكون على مصر، لماذا؟ هذا الرجل لديه أدب جم، وتواضع عجيب، وسخاء مذهل، لسن يتكلم بطلاقة، واستطاع أن يخرج عن دائرة الأزهر، ويخترق الشباب المميز الجامعي وغيره وبدأ يعطيهم بعض المناهج التي يسيرون عليها، وبدأ يلحقهم بالأزهر، بل بدأ يبعث عددا منهم بتوصيات خاصة منه إلى أماكن مختلفة من العالم كاليابان وغيرها، وأصبح باستطاعته أن يهدم أي بنيان من خلال منصبه باعتباره مفتي مصر، هذا الرجل يسخر من الحافظ ابن حجر ويقول إنه كان يشرب الحشيش، إذًا نحن بحاجة إلى رجال ومنظرين في كافة هذه الأطياف الموجودة على الساحة الآن.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك