الشيخ صالح العصيمي عضو هيئة كبار العلماء والمدرس بالمسجد النبوي لطلبة البرامج العلمية في جمعية إحياء التراث الإسلامي بالكويت – لا شيء أحوج إليه الناس اليوم من معرفة الدين الذي جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم – ليحفظوا دينهم وليصونوا عقائدهم وليثبتوا عل
وجه فضيلة الشيخ صالح العصيمي كلمة للمشاركين في البرامج العلمية المنتظمة له، التي تقيمها جمعية إحياء التراث الإسلامي في الكويت فرع القرين؛ حيث أكد فيها سعادته بالتواصل مع المشاركين في البرامج العلمية المنتظمة في دولة الكويت وهي: (1) برنامج هداية الطلاب، و(2) برنامج إرشاد المتعلم، و(3) برنامج رافد المتعلم. وأكد الشيخ العصيمي أن هذه البرامج العلمية الثلاثة تدخل سنتها الخامسة، وهي نتاج جهود كبيرة، نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يتقبلها، وأن ينفع بها، وأن تكون هدى ونورا لكم خاصة وللمسلمين عامة.
طلب العلم موصل إلى نور المعرفة
وبيانا لأهمية العلم الشرعي قال الشيخ صالح العصيمي: «غير خاف على أحد منكم أهمية طلب العلم؛ فإن طلب العلم موصل إلى النور الذي يهدي لمعرفة ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - من الوحي، وقد قال الله -سبحانه وتعالى- ممتنا بهذا النور الموصل إلى الوحي: {أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا} (الأنعام:122)؛ إذ يندرج في هذا النور أنواع منها: نور العلم؛ فإن نور العلم يوصل إلى معرفة ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - من الوحي».
الزيادة في طلب العلم
وأوضح الشيخ العصيمي أن المرء يفتقر إلى أن يصيب من هذا النور الذي هو طلب العلم؛ ليصل إلى معرفة ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فيكون ذا حظ عظيم، ولو لم يكن من دلائل أهمية العلم إلا هذا الدليل لكفي، كيف؟ ودلائل ذلك متنوعة متكاثرة، لكن يكفي في هذا المقام التذكير بهذا الأصل العظيم، ولأهمية هذا الطلب؛ جاءت له فضائل كثيرة في الكتاب والسنة، منها: قوله -سبحانه وتعالى-: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (الزمر:9) أي: لا يستوي هؤلاء وهؤلاء، فشتان بين من له علم ومن ليس له علم، وقال -تعالى-: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (طه:114)، ولم يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه الزيادة من شيء إلا العلم، ذكره سفيان بن عيينة وغيره.
طريق العلم له معالم
وبين الشيخ العصيمي أن هذا العلم له طريق يوصل إليه؛ إذ كلٌّ مطلوب، عام أو خاص حسي أو معنوي، لا بد له من طريق يوصل إليه وجادة تدل عليه، ومن جملة ذلك أن للعلم طريقا، وقد بوب الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - في كتاب (أصول الإيمان)، منبها على طريق العلم، وأن ملتمس العلم والإيمان يحتاج إلى معرفة هذا الطريق، وهذا الطريق له مفردات عدة، من جملتها أن يتلقى هذا العلم من أهله، وأن يأخذه من كتبه المعتمدة حفظا وفهما، وهذان الطريقان من مفردات طريق طلب العلم هما أعظم ذلك، وعليهما اقتصر الزبيدي في ( الفية السند)؛ إذ قال:
فما حوى الغاية في ألف سنة
شخص فخذ من كل فن أحسنه
بحفظ متن جامع الراجح
تأخذه على مفيد ناصح
ثم مع المدة فابحث عنه
حقق ودقق ما استمد منه
أخذ العلم عن أهله
وقال الشيخ صالح العصيمي: فلا بد من الأخذ بالعلم عن أهله، وتلقي معاني هذا العلم المبثوثة في متونه حفظا وفهما، ومما ييسر ذلك وجود البرامج الناظمة لتلك المتون حفظا وفهما، يستقبلها آخذو العلم وملتمسوه، فيقبلوا عليهم بالحفظ والفهم، ويتلقوها عن أهلها شيئا فشيئا، فإذا سار المرء في شيء من هذه البرامج المرتبة في أخذ العلم كان هذا من أحسن السلوك المفضي إلى العلو، وبها يجمع المرء قوته ووقته وجهده فلا يكون مشتت القوى مفرقها، مضيعا لوقته وزمانه ونفسه في طلب العلم، فيترقى في العلم شيئا فشيئا عبر هذه البرامج حتى يبلغ الغاية منها، ثم تورثه هذه البرامج بعد تمامها على اختلاف رتبها محبة العلم، والميل إليه والتشاغل به، فيتوسع بعد ذلك في طلبه، ويستكثر من أخذه، ويتلقاه من وجوه مختلفة، بحسب ما يقدر عليه وما يرشده إليه معلموه وناصحوه.
ضلال ملتمس العلم ضياع للعمر كله
وأكد الشيخ العصيمي على أنه إذا ضل ملتمس العلم الطريق الموصل إلى العلم أضاع وقته وجهده، وأعيذ - راغبا في العلم - بالله من أن تذهب زهرة عمره وقوة شبابه وصحته في شيء كثير لا يرجع عليه إلا بنزر يسير، إذا صار يخبط خبط عشواء ويأخذ العلم كما يهوى ويشاء، لا وفق ترتيب منتظم يوصل إلى أخذ العلم. كما وإن أخذ العلم وفق هذه البرامج هو السلوك الحسن، وهو على اختلاف أحوال المشاركين فيه من المعلمين والمتعلمين والباذلين بالمال، كل هذا من الجهاد المأمور به المتأكد في زمن الفترة، وغلبة الجهل، وكثرة الأهواء وضعف المسلمين، فهذا باب عظيم من أبواب الجهاد، وبه يتهيأ جهاد أهل البدع والضلالات والنفاق والجهل والكفر، فإن العلم يقوي في النفوس معاني الإسلام والدين فتقوى حقيقته في قلوب آخذيه، ويكونون مجتهدين في حفظ دين الإسلام ويسلكون كل سبيل مؤد إلى ذلك، فإن طرائق الجهاد مختلفة، وفي سنن أبي داود من حديث حماد بن سلمة عن حميد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم» وإسناده صحيح.
معرفة الدين الحق
واضاف الشيخ العصيمي أنه «ولا شيء أحوج إليه الناس اليوم من معرفة الدين الذي جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ليحفظوا دينهم وليصونوا عقائدهم، وليثبتوا على ما ثبت عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن العلم الذي انتهى إلينا أمانة، يجب أن نجتهد في إيصالها إلى الأجيال القادمة من ذرارينا وأهلينا وجيراننا وأهل جوارنا القريبين منا، ثم أهل بلداننا الصغيرة فالكبيرة ثم أهل الإسلام قاطبة».
الاجتهاد في أخذ العلم
ودعا الشيخ العصيمي إلى الاجتهاد في أخذ العلم؛ فإنه نور عظيم في الدنيا، ويكون لكم نورا عظيما في الآخرة - بإذن الله سبحانه وتعالى -، وبه يهتدى إلى سبل الخير والسلام، وقد وعدنا الله -سبحانه وتعالى- تأييده ونصره كما قال -تعالى-: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (العنكبوت:69)، فالمجاهدون في أخذ العلم حفظا وفهما، والباذلون أوقاتهم وقواتهم في سبيل تحصيله وجمعه ونفع النفوس، والمسلمین به، هم معانون ومؤيدون من الله -سبحانه وتعالى.
لاتوجد تعليقات