الشيخ: سامح بسيوني: التشكيك في ثوابت الدين خطر بالغ على استقرار المجتمعات وأمنها
- لابد من العمل على نشر العلم التفصيلي بثوابت الدين وأصوله وفروعه والاهتمام بتعليم ذلك لأجيال المسلمين تعليمًا إلزاميًّا حتى تكون لديهم حصانة من الأفكار المنحرفة
- من أهم المداخل التي يلبسون بها على الشباب أن يكون مقياس المعروف والمنكر والحُسن والقبح محكومًا بأذواق الناس وأهوائهم وقناعتهم
- على الشباب ألا ينخدعوا بالدعوات القائمة التي يرددها بعضهم تحت مسميات تجديد الخطاب الديني ففرق كبير بين تجديد الخطاب الديني وبين العبث بالخطاب الديني
- منذ بزوع نور الإسلام على البشرية والمنافقون يكيدون له في كل مكان بوسائل مكررة يُوَرِّثها بعضهم لبعض
- الواجب علينا ألا ننزعج من هذه الحملات التشكيكية فدين الله محفوظ لكن العبرة في القيام بواجبنا في مواجهة تلك الحملات بما نستطيع
- فتح الباب لفهم القرآن وأحكام الدين كما يريد كل إنسان يفتح الباب لفوضى فكرية يتبعها فوضى مجتمعية مدمرة للمجتمع تحت دعاوى حرية الفهم وحرية العمل
- لابد من قيام كل منا بدوره في حماية الدين والذب عنه وأن يترك كل منا أثرًا في نصرته
ابتليتِ الأمَّةُ الإسلامية بمَن يخرجون عليها تحت زعم التنوير وحرية التعبير، يطعنون في أصول الدين وثوابته، وينكرون ما هو معلوم من الدين بالضرورة، ويطعنون في علماء الأمة وأئمتها وفى كتبهم الصحاح، والغريب أنهم يتحدثون باسم الدين، وقد حذَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذه الفئة، فقال: «إنَّ أخْوَفَ ما أخافُ عليكُم بعدي، كلُّ منافقٍ عليمُ اللِّسانِ»؛ من هنا كان على الدعاة مسؤولية عظيمة في بيان زيف هذه الدعوات وخطورتها على المجتمعات، وإظهار حقيقة هؤلاء الأدعياء، وبيان خطورة ما يحملونه من مناهج هدامة؛ لذا كان هذا اللقاء مع الشيخ: سامح بسيوني عضو جمعية الدعاة السلفية في مصر للحديث حول هذا الموضوع.
- كثرت في الآونة الأخيرة محاولات العبث بالثوابت الدينية والجرأة على نصوص الكتاب والسنة، ما أسباب ذلك من وجهة نظركم؟
- إن محاولات العبث بالثوابت الدينية والخطاب الديني ليست جديدة؛ فهي قائمة منذ بداية الرسالة النبوية؛ فقد قال -تعالى-: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (يونس: 15)، وأعداء الإسلام منذ بزوع نوره على البشرية وهم يكيدون له في كل مكان بوسائل مكررة يُوَرِّثها بعضهم لبعض، فهم منذ الأزل يحاولون لي الألفاظ؛ لتشويه هذا الدِّين وتشويه حملته، والنيل منه؛ للوصول إلى هدم تام له في نفوس البشر، كما بيَّن الله ذلك في قوله -تعالى-: {يحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ} (النساء:46).
خطة منهجية قديمة
وقد بين الله -سبحانه وتعالى- أنَّ هذا سلوك أهل النفاق من قديم الزمان: {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} (النساء:81)، فقد كانوا يقضون ليلهم في المكر والتخطيط لنقض الدين وأصوله التي يبيِّنها النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه؛ لذلك ما نراه الآن من محاولات بعضهم لإعادة صياغة العقل المسلم تحت مسميات تجديد الخطاب الديني، أو ما نراه من محاولات لزعزعة الثوابت الدينية في قلوب المسلمين، هي خطة منهجية قديمة حديثة.دين الله محفوظ
والواجب علينا ألا ننزعج مما يقومون به من مكر؛ فدين الله محفوظ كما بيَّن الله -عزوجل- في كتابه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر: 9)، وربنا يكتب ويعلم ما يُبيتون، وهم لن يضروا الدين شيئًا، لكن العبرة تكون في القيام بواجبنا تجاه ذلك المكر من ثبات على ما علمناه من الحق، مع الإعراض عن الغي، متوكلين في ذلك على الله، مستعينين به في نصرة دينه وإقامة شرعه، بدحض شبهات هؤلاء القوم الطاعنين في أصول الدين وثوابته، متحصنين بكفايته -سبحانه وتعالى.- ما أبرز الأساليب التي يلجأ إليها هؤلاء لصرف الناس عن دين الله -تعالى؟
- من الضرورة بمكان الانتباه لوسائل هؤلاء المتجددة، التي يمارسونها في ذلك المضمار التشكيكي بحِرَفِيَّة شديدة، تتمثَّل في فتح أبواب الشهوات على مصراعيها أمام الأجيال، مع العمل على إثارة الشبهات، وطرحها في كل باب في سبيل التسويغ النفسي لأبناء المسلمين وإراحة ضمائرهم عند غرقهم في الشهوات المحرمة، وهم في ذلك يتسللون إلى أبنائنا وأجيالنا من خلال خطوات مجتمعية ممنهجة، مخطط لها بعناية فائقة، ومنهجية تدريجية.
- كيف نبني الوعي لدى الأجيال المسلمة بمخططات هؤلاء المشككين في ثوابت الإسلام؟
- ما أهم مداخلهم التي يلبسون بها على الشباب؟
- من أهم المداخل التي يلبسون بها على الشباب، ترسيخ مبدأ أن يكون مقياس المعروف والمنكر، ومقياس الحُسن والقبح، والفعل وعدم الفعل محكومًا بأذواق الناس وأهوائهم وقناعتهم بمعنى (مبدأ اختلاف القناعات)، وما يترتب عليه من حرية التصرفات، وهذا مما يُدَندَن حوله الآن في كل الحوارات، ويبث في اللقاءات كافة؛ حيث يَتَبَنى كِبَر طرح هذه المبادئ رموز ليبرالية وعالمانية، مصنوعة تحت دعاوى التنوير.
- كيف يمكن مواجهة هذا الطرح وتحصين أبناء المسلمين ضده؟
- لابد من إيجاد برامج تربوية وإيمانية ترسخ في نفوسهم أن الله -عزوجل- هو خالق الخلق، وهو أعلم بما يصلحهم وما هو نافع لهم، وأعلم بما لا يناسبهم وما يضرهم، وهذا أمر يجب أن يسلِّم به كل العقلاء، وقد قال -تعالى-: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (الملك:14)، {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (الأعراف:54).
تعطيل الأحكام الإسلامية
ومن مداخلهم أيضًا: تبني أطروحات تستهدف تعطيل الأحكام الاسلامية التي جاءت في السنة النبوية، وتكذيب ما جاء فيها تحت دعاوى متعددة: (كرفض حجية أفعال وأقوال النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ بدعوى أنها تصرفات بشرية لا عِصمة لها، وأنها خارجة عن صُلب التَّشريع، أو أن السنة النبوية مطعون في ناقليها، أو أن أحاديث الآحاد لا يجب أن يعتد بها، إلخ)، وهذا كله محاولة منهم لتنحية السنة النبوية المبينة للقرآن والمفسرة لأحكام دين الإسلام، التي يُبنَى عليها جل شعائر الدين، وهذا ولا شك يفرغ الدين من مضمونه ومصادر قوته في نفوس أبنائه، وتجديد مفاهيمه طبقًا لمخططات المنظومة الغربية العالمية الجديدة الداعمة لدين عالمي جديد ليس له علاقة بتوجيهات الأنبياء وقدسية تشريعات رب الأرض والسماء الذي أمرنا وحذرنا من مثل هذا السلوك لأعداء الدين، ووصف لنا سبيل النجاة؛ فقد قال -تعالى- في كتابه الكريم هادمًا لتلك الدعوات الخبيثة: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (سورة الحشر: 7 ).- ما أهم تبعات هذه الدعوات.
- لا يخفى على كل مسلم عاقل ما في هذه الدّعوات التشكيكية في أصول الدين وثوابته ومصادر تلقيه من خطر بالغ -ليس على الدّين فحسب- بل على استقرار المجتمعات العربية الإسلامية وأمنها؛ فإن فتح الباب لفهم القرآن وأحكام الدين كما يريد كل إنسان لا كما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، يفتح الباب إلى فوضى فكرية وقيمية يتبعها فوضى مجتمعية مدمرة للمجتمع تحت دعاوى حرية الفهم وحرية العمل.
- ختامًا نريد منكم بعض الوصايا لحماية أبناء المسلمين وتحصينهم فكريًّا وعقائديًّا من التأثر بمثل هذه الدعوات؟
- وصيتي الأولى وهي لكل مسلم ومسلمة وليس فقط للدعاة إلى الله أو المؤثرين من المسلمين أنه لابد من قيام كل منهم بدوره في حماية الدين والذب عنه؛ فالله -عزوجل- خلقنا لغاية عظيمة، كما قال الله -تعالى-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: 56)، ولن تتحقق هذه العبادة إلا بقيام كل مسلم بواجبه في حماية الدين، وهذا إنما يتم من خلال التعلم والتعليم، وتربية الأجيال، وبأن يترك كل منا أثرًا في نصرة الدين؛ فإن أعداء الإسلام لن يتركونا، ولا يزالون يقذفون علينا بالشهوات والشبهات من كلِّ جانب.
حروب الجيل الرابع
حملات التشكيك في ثوابت الدين أحد أدوات حروب الجيل الرابع الهادفة إلى إحداث الفوضى في البلدان عبر هدم كل الأصول والثوابت والقيم، وهذا ما يتم الآن بوضوح من خلال الدعم العلني الواضح لأصحاب الأجندات التغريبية، وعبر رعاية بعض منظمات المجتمع المدني الليبرالية بتمويلات مالية كبيرة، أو عبر تكوين مراكز ذات توجهات غربية متدثرة بمفاهيم تجديد الخطاب الديني أو مفاهيم الحوار والتسامح، وما هي في الحقيقة إلا خناجر مسمومة في جسد الأمة، تعمل على استمرار نزيفها المجتمعي حتى يتم إنهاك الأوطان في الوقت الذي تواجه الأوطان الإسلامية كمًّا من التحديات الخارجية التي تعمل على تفتيتها وضياعها، ليتم الإجهاز عليها تماما بعد فترة من أعدائها، ولكن الله على دحض مكرهم لقدير، {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (الأنفال: 30).
لاتوجد تعليقات